“الكولومبيون الذين خُدعوا في السودان”.. تحقيق بمشاركة جنود في الحرب

كشفت القوة المشتركة للحركات المسلحة المساندة للجيش السوداني أنها قطعت طريق إمدادات عسكرية ولوجستية كانت متجهة “إلى مليشيات الدعم السريع” في مثلث الحدود (السودانية، الليبية، التشادية) بحوزة مرتزقة أجانب من إفريقيا وأمريكا الجنوبية.
وأعلنت في 22 نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم أنها نجحت في قطع طريق الإمدادات العسكرية المتجهة إلى قوات الدعم السريع، على الحدود السودانية الليبية التشادية، وقالت إنها عثرت على وثائق وجوازات سفر أجنبية لـ”مرتزقة بينهم كولومبيون”.

الحصول على تسجيلات صوتية
كشف تحقيق للصحافة الكولومبية في 26 نوفمبر/تشرين الثاني عن مشاركة نحو 300 كولومبي في الحرب الدائرة في السودان، وقالت صحيفة “لاسيلا فاسيا” الكولومبية إنها تلقت العديد من التسجيلات الصوتية ومقاطع الفيديو من جنود آخرين موجودين في السودان.
وأوضحت الصحيفة أنها نقلت شهاداتهم التي كشفت عن عملية عابرة للحدود تشمل 4 دول، ويشارك فيها نحو 40 جنديًّا كولمبيًّا سابقًا، من أصل 300 ضد إرادتهم في الحرب.

“مرتزقة عابرون للحدود”
قال الناطق الرسمي باسم القوة المشتركة للحركات المسلحة أحمد حسين للجزيرة مباشر، إن معلومة وصلتهم تفيد بتحرُّك مجموعة من “المرتزقة العابرين للحدود تضم جنسيات عديدة إفريقية وآسيوية ومرتزقة من أمريكا الجنوبية أغلبهم من دولة كولومبيا“.
وذكر أنهم كانوا يستعدون لدخول السودان عبر الحدود، وأشار إلى أن القوة المشتركة نصبت لهم كمينًا مُحكمًا واستطاعت “دحرهم واستولت على الإمدادات العسكرية، بالإضافة إلى صواريخ كورنيت المضادة للدروع، وسيارات مُصّفحة”.
وأشار إلى أنهم حصلوا على مستندات وأوراق مالية وجوازات سفر وأوراق ثبوتية أخرى تفيد بدخول عشرات المرتزقة الكولومبيين إلى البلاد وانخراطهم في القتال إلى جانب قوات الدعم السريع.
وأكد حسن أن هؤلاء المرتزقة الكولومبيين موجودون منذ فترة في معظم محاور القتال وخصوصًا في مدينة الفاشر، ويعملون فنّيين للمدفعية الثقيلة التي تستهدف المدينة وفنيين للطائرات المسيّرة.

اعتذار من الخارجية
وفي 29 نوفمبر/تشرين الثاني أصدرت وزارة الخارجية الكولومبية بيانًا أعلنت فيه بدء جهودها لإعادة “الكولومبيين الذين خدعوا في السودان“، وأشارت إلى أنها تحقق في مزاعم قيام كولومبيين “بممارسة الارتزاق في السودان“، وقالت في بيانها إنها تعمل على تسهيل أمر عودتهم إلى البلاد.
وأفادت وكالة السودان للأنباء مطلع الشهر الجاري أن سفيرة كولومبيا في مصر، آن ميلينيا، التقت سفير السودان في القاهرة، عماد الدين مصطفى عدوي، وقدمت اعتذارا رسميا عن مشاركة مواطنين كولومبيين مرتزقة في صفوف قوات الدعم السريع.
وأوضحت ميلينيا أن الحكومة والشعب في كولومبيا فوجئوا عند تلقيهم أنباء تورط مواطنين من بلادهم في الصراع السوداني، ووصفوا هذا السلوك بأنه “غير مسؤول”.
وقالت إن ذلك “لا يمثل سياسة الحكومة الكولومبية أو الشعب الكولومبي”، وأكدت احترام بلادها لسيادة السودان، ورفضها التدخل في شؤونه الداخلية، وأن حكومتها ستحقق في الأمر وستحاسب المسؤولين عنه.

نزاع إقليمي
يرى الصحفي والمحلل السياسي الطاهر إدريس أن مشاركة أجانب في الحرب السودانية من شأنه أن يُطيل أمد الحرب، ويضاعف معاناة السودانيين.
وقال إن ذلك سيُحوّلها من حرب بين “حكومة ومتمردين” إلى ساحة نزاع إقليمي بمشاركة دول أخرى، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلبا في تكتيك القوات المسلحة السودانية، ويكلِّف خزينة الدولة الكثير، ويؤثر في الاقتصاد الوطني.
واعتبر إدريس أن مشاركة أجانب في الحرب السودانية يجعل منها “حرب وجود” للشعب السوداني، داعيا القوى السياسية السودانية إلى “أن ترتقي” بالنظر إلى واقع الحرب الحالية التي تهدف لإحداث الخراب في السودان.
“عبر عمليات معقدة”
أما المحلل السياسي فتح الرحمن فضيل فاعتبر مشاركة أجانب في الحرب السودانية “دليلا قطعيا على الدعم الدولي للمليشيا لأن حركة مرتزقة دوليين لا تتم إلا عبر عمليات معقدة”.
ورأى فضيل أن “هذه الأدلة كافية لجعل المجتمع الدولي يقدم الدعم للقوات المسلحة السودانية للقضاء على الارتزاق الذي يهدد الأمن والسِلم الدوليين”.
وتوقع أن يمتنع المرتزقة الكولومبيون عن القدوم للسودان بعد معرفة مصير مَن سبقهم، واعتبر أن اعتذار كولومبيا يؤكد أنه ليس لديها مصلحة في المشاركة في حرب السودان، وأن الأمر يتعلّق بأفراد مرتزقة بسبب تدفق الأموال من الدول الداعمة للحرب.