سقوط الأسد يخلط أوراق النفوذ الأجنبي في سوريا.. من أبرز الرابحين والخاسرين؟

تسبب سقوط الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في خلط أوراق القوى التي كانت تتمتع بالنفوذ في سوريا، أو تلك المعنية بالتغيرات في هذا البلد الذي يتمتع بموقع بالغ الأهمية، وتتداخل فيه ملفات كثيرة شائكة.
وكان لسقوط نظام الأسد تبعات واسعة، امتدت من إيران إلى روسيا، مرورا بتركيا وإسرائيل والدول الغربية، إذ شكَّل سقوط الأسد خسارة لدول ومكاسب لأخرى، بينما بقيت بعض القوى في حال الترقب انتظارا لما سوف تسفر عنه الأحداث.
اقرأ أيضا
list of 4 items“تحررت قبل إعدامي بخمس ساعات”.. لبنانية عائدة من سجون الأسد بعد 13 عاما (فيديو)
إسرائيل توجه تحذيرا للقيادة الجديدة في سوريا
تحذير من تحويل لبنان إلى ملاذ آمن لمسؤولين من نظام الأسد والحكومة تعلق
خسارة إيران
تبدو إيران أكبر الخاسرين بعد سقوط نظام الأسد، ما يضعفها إلى حد كبير في مواجهة إسرائيل.
وقال حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي ودول المتوسط، لوكالة الأنباء الفرنسية “من الواضح أن إيران هي الخاسر الأكبر لأن سوريا كانت بمثابة قاعدة خلفية لها”، مشيرا بشكل خاص إلى تصنيع الأسلحة وارتباطها الجغرافي بالعراق، ما يجعلها “نقطة العبور الأهم مع حليفها حزب الله اللبناني” الذي فقد خطا حيويا لإمدادات الأسلحة.

وإضافة إلى فقدان نفوذها في سوريا، تخشى إيران من تداعيات داخلية، حسب أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات حول المتوسط والشرق الأوسط، التي ترى أن “سقوط نظام مثل نظام بشار الأسد قد يقلق النظام الإيراني الذي يواجه معارضة داخلية، والذي تم إضعافه جراء القصف الإسرائيلي”.
ترى لوفالوا أن “الحرس الثوري صامد” حتى الآن، لكن ما حدث يمكن أن يعيد الزخم إلى حركة الاحتجاج الشعبية في إيران.
روسيا تبحث عن مصالحها
وفي موسكو، تابع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المنشغل بالحرب في أوكرانيا، سقوط حليفه السابق، لكن الكرملين تصرَّف بشكل عملي، حيث سارع إلى تسليط الضوء على الحاجة إلى إجراء نقاشات مع السلطات الجديدة.
ورُفع علم المعارضة السورية فوق السفارة السورية في موسكو أمس الاثنين، بعد يوم واحد من سيطرة المعارضة السورية على دمشق وفرار الأسد إلى موسكو.

تشير أنييس لوفالوا إلى أن “الروس يريدون بالتأكيد إنقاذ مصالحهم الاستراتيجية، ومن هنا يتم مد اليد إلى النظام الجديد”.
وتمتلك روسيا، التي دعمت الأسد عسكريا في الحرب الأهلية في سوريا بدءا من عام 2015، قاعدة بحرية في طرطوس ومطارا عسكريا في حميميم على الساحل السوري.
وأوضح حسني عبيدي أنه “بفضل قاعدتها البحرية، تمكنت روسيا من ترسيخ وجودها في ليبيا ودول الساحل (الإفريقي)، لذلك بدأت روسيا على الفور مناقشات مع صناع القرار الجدد حول شروط استمرار العلاقة معهم”.
ونقلت وكالتا الأنباء “تاس” و”ريا نوفوستي” عن مصدر في الكرملين، مساء الأحد، أن موسكو باشرت الاتصال مع المعارضين السوريين، وأن قادتهم “ضمنوا أمن القواعد العسكرية الروسية والمؤسسات الدبلوماسية على الأراضي السورية”.
تركيا من أبرز الرابحين
وأشار حسني عبيدي إلى أن تركيا تبدو الآن “دولة أساسية في الشأن السوري”، وذلك بعد أن رفض الأسد جهودا تركية سابقة للتوصل إلى تفاهمات سياسية.
ودعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الاثنين، الأطراف الدولية وخصوصا الأمم المتحدة إلى “مد اليد إلى الشعب السوري، ودعم تشكيل حكومة جامعة”.
وتدعم أنقرة حكومة الإنقاذ السورية الجديدة برئاسة محمد البشير، الذي كان يتولى رئاسة حكومة إدلب التي تقع على الحدود التركية.
وأوضحت أنييس لوفالوا أنه بالنسبة لتركيا، فإن “أولويتها هي إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم”، حيث تستضيف تركيا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ على أراضيها.
إضافة إلى ذلك “يخشى الأتراك أن يستغل الأكراد الوضع لإقامة حكومة مستقلة”، كما قالت لوفالوا، لهذا تتطلع أنقرة إلى استقرار الوضع في سوريا في ظل القيادة الجديدة.

واشنطن تركز على خطر تنظيم الدولة
من جانبها، تخشى الولايات المتحدة أن يستغل تنظيم الدولة الإسلامية الوضع “لإعادة ترسيخ نفسه” في سوريا، حيث سيطر على مساحات واسعة من الأراضي بين عامي 2014 و2018.
ومع تصميمها على منع تحقق هذا السيناريو، أعلنت القيادة العسكرية الوسطى الأمريكية التي تشمل الشرق الأوسط (سنتكوم) أن طائرات تابعة لها نفذت “عشرات الضربات” في وسط سوريا الأحد، مستهدفة “أكثر من 75 هدفا” للتنظيم.
إسرائيل تقيم منطقة عازلة جنوب سوريا
وفي السياق ذاته، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجيش بالسيطرة على المنطقة العازلة في الجولان جنوب غرب سوريا.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، أن إسرائيل ستقيم منطقة منزوعة السلاح على الحدود مع سوريا، بهدف “منع الجماعات الإرهابية من تنظيم نفسها في سوريا”، وفق وصفه.
وقال كاتس إن صواريخ البحرية الإسرائيلية دمرت الأسطول الحربي السوري في عملية جرت ليل الاثنين.
ترى أنييس لوفالوا أن هذه “رسالة واضحة مرسلة إلى السلطات الجديدة في دمشق بعدم التحرك”.
الأوروبيون يترقبون
من جانبهم، رحَّب الأوروبيون بسقوط بشار الأسد، لكنهم يظلون حذرين بشأن الحكومة التي شكَّلها التحالف الذي تقوده هيئة تحرير الشام.
ولا تزال هيئة تحرير الشام مصنفة في الدول الغربية “منظمة إرهابية”.
ويُجمع الأوروبيون على القول إنهم ينتظرون السياسات التي سوف تتبعها القيادة الجديدة في سوريا، خاصة موقفها من الأقليات.