عشرات الآلاف خارج دائرة التعليم.. مدارس اللاجئين في مصر معاناة لم تتوقف (فيديو)

مدرسة التميز تخلت عن تلاميذ الابتدائي واقتصر عملها على مراجعات الثانوية العامة بسبب التراخيص (الجزيرة مباشر)

تتوجه أم مصطفى بشكل شبه يومي إلى المفوضية الأممية للاجئين، كغيرها من آلاف السودانيين في مصر بحثا عن استكمال أوراق ثبوتية، تسمح لهم بإلحاق أبنائهم في مراحل التعليم المختلفة، بعد أن حالت إجراءات بيروقراطية دون تقنين الإقامة حسب اشتراطات المدارس النظامية المصرية، بينما تعرضت عشرات المدارس السودانية للإغلاق.

وتشير أم مصطفى التي وصلت اإلى لقاهرة من شمال الخرطوم قبل أكثر من عام إلى طابور يضم عشرات آخرين ينتظرون أمام المفوضية في حالة يأس.

وتحكي أم مصطفى للجزيرة مباشر، عن محنة ابنتيها في التعليم الابتدائي والإعدادي بإحدى مدارس مدينة أكتوبر الحكومية بجنوب غرب القاهرة، موضحة أنهن حاليا خارج دائرة التعليم بسبب اشتراط وجود إقامة صالحة لمدة عام موضحة أن إقامتها سارية لستة أشهر فقط.

كما تلفت أم مصطفى إلى صعوبة الالتحاق بالمدارس السودانية التي ظهرت بمصر مؤخرا لكنها تعرضت للإغلاق والمطاردة بسبب اشتراطات طلبتها السلطات المصرية.

أزمة الاشتراطات

وهنا يقول زكريا نور، القادم من منطقة الفاشر بغرب السودان للجزيرة مباشر، إن إلحاق أبنائه بالمدارس السودانية صعب المنال بسبب ندرتها وعدم القدرة على توفير مصروفات الدراسة لبعض المراكز التعليمية الخاصة موضحا أن التعليم يتم “أون لاين” ومن خلال مراكز خاصة تتعرض للإغلاق والملاحقة بشكل مستمر.

وظهرت أزمة الاشتراطات المصرية منذ يونيو/حزيران الماضي وذكر السوداني مهند حسن في مقطع مصور له إن الأمور من وقتها تسير في طريق مسدود.

وحسب تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” فقد أصبحت مدارس اللاجئين في مصر حلقة جديدة بسلسلة معاناة لم تتوقف لعشرات الآلاف ممن أصبحوا خارج دائرة التعليم رغما عنهم” وقالت إن الأسباب تعود في أغلبها إلى العوائق البيروقراطية أمام التسجيل والافتقار إلى التعليم المجاني المتاح للعموم.

ودعت المنظمة السلطات المصرية إلى إزالة الحواجز فورا وطالبت الشركاء الدوليين بدعم التمويل الإنساني بشكل عاجل لتعليم اللاجئين في مصر.

التنمر

وتفرض الحكومة المصرية للتسجيل في المدارس الحكومية الحصول على الإقامة كشرط أساسي وهي عقبة مستحيلة للعديد من أسر اللاجئين وطالبي اللجوء. وفي ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر تشكل المصروفات بما فيها رسوم الالتحاق بالمدارس والنقل عائقا كبيرا.

كما يواجه بعض الأطفال في المدراس المصرية التنمر والاعتداءات والممارسات التمييزية من قبل بعض المعلمين والطلاب ما يدفعهم إلى التسرب منها حسب ما يقول للجزيرة مباشر سامر مسلماني- سوري من حلب ويقيم في مصر منذ خمس سنوات.

ويشير مسلماني إلى أن عمله بأحد المطاعم لا يمكنه من توفير تعليم خاص لأبنائه مناشدا السلطات المصرية تقديم المزيد من التسهيلات. وأضاف “نلقى كل الرعاية في مصر ونقدر ظروف أشقائنا”.

أطفال سودانيون يواجهون مخاطر التسرب من التعليم (الجزيرة مباشر)

العدد غير كاف

وتلفت تقديرات “منظمة الأمم المتحدة للطفولة” (اليونيسف) إلى أنه بحلول أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان هناك نحو 246 ألف طفل لاجئ وطالب لجوء في سن الدراسة في مصر، نصفهم تقريبا خارج المدرسة.

ووجد تقييم حديث أن 9 آلاف طفل يصلون إلى مصر شهريا ونصفهم تقريبا لا يذهب إلى التعليم. ولا تشمل هذه الأرقام قرابة 100 ألف لاجئ فلسطيني عبروا إلى مصر من غزة في العام الماضي من دون أن يسَّجلوا لدى مفوضية اللاجئين.

ورغم أن السفارة السودانية بالقاهرة أعلنت قبل أسبوعين اعتماد 37 مدرسة سودانية إلا أن الأزمة لا تزال قائمة والعدد غير كاف كما يقول عمر فضل للجزيرة مباشر مشيرا إلى أن الوضع يزداد سوءا. ويضيف “العمر يضيع على الأطفال”.

إغلاق إحدى المدارس السودانية في محافظة الجيزة (الصفحة الرسمية لمحافظة الجيزة (الجزيرة مباشر)

تأجير الوقت المسائي

وبينما دعت السفارة المدارس السودانية للانصياع لقرارات الإغلاق يقول عبد القادر إبراهيم مسؤول إداري بمركز تعليمي خاص في منطقة فيصل بالجيزة إن المركز تعرض للإغلاق عدة مرات بسبب شكاوى سكان محليين من العمل بعمارات سكنية غير مخصصة.

ويقترح إبراهيم في حديثه للجزيرة مباشر تأجير الوقت المسائي من المدارس الحكومية لكنه ألمح إلى أن عديد المدارس المصرية تعمل بالفعل فترات مسائية للتغلب على كثافة الطلاب المصريين.

وأشار إلى أن “مدرسة التميز السودانية” التي كان يعمل بها بمدينة أكتوبر تقتصر حاليا على مراجعات للثانوية العامة بعد أن كانت تخدم جميع المراحل.

وكان وزير التعليم المصري محمد عبد اللطيف قد شدد بتصريح تلفزيوني على التصدي لأي محاولة لتدريس مناهج غير مصرية على أرض مصر. (فيديو وزير التعليم)

حملة إغلاق واسعة

وأعقبت تصريحات وزير التعليم حملة إغلاق واسعة للعديد من المدارس السودانية سببت قلقا واسعا في أوساط اللاجئين الذين يحاولون تقنين أوضاعهم طبقا لقانون اللجوء الجديد والذي اعتبره البعض بمثابة تحرك جديد لحل مشاكلهم لكن في المقابل تحدث آخرون للجزيرة مباشر عن قيود متزايدة فضلا عن رسوم باهظة تفوق قدرات الكثيرين.

ويشير الموظف الإداري السوداني عبد القادر إبراهيم للجزيرة مباشر إلى أن المئات تظاهروا أمام القنصلية المصرية في بورتسودان قبل أسابيع للمطالبة بتسهيل إصدار “تأشيرات الدراسة” لكن “لا مجيب”.

ويشير إبراهيم إلى أن رسوم التأشيرة الواحدة تصل خمسة آلاف دولار. وطالب بمنح تصريح العمل للمدارس السودانية لحين توفيق الأوضاع بما يتناسب والقانون المصري. ووصف مصير عشرات الآلاف من الطلبة بأنه مجهول.

يشار إلى أن مصر حلت في المرتبة الثالثة على مستوى العالم بين الدول الأكثر استقبالاً لطلبات لجوء جديدة عام 2023 بينما تشير التقديرات الرسمية إلى ما يزيد عن 9.3 ملايين لاجئ.

وتحدث إحصاء لمجلس النواب عن استفادة اللاجئين بما يوازي 6 مليارات دولار في السنة الواحدة.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان