تقرير: أسرار وشهادات من داخل المربع الأمني في دمشق

مقاتلون من المعارضة المسلحة في دمشق (رويترز)

مع سقوط نظام بشار الأسد بدأ “المربع الأمني” الذي كان السوريون يرتعدون لمجرد المرور أمامه في دمشق، يكشف الأسرار التي يكتنفها هذا المجمع الضخم المحاط بجدران إسمنتية كان يخضع فيها الموقوفون للاستجواب والتعذيب والاعتقال.

واليوم بات مقاتلون من المعارضة المسلحة يحرسون مداخل هذا المجمع الذي كان يحظر الدخول إليه ويضم الأجهزة الأمنية الرئيسية فضلا عن مؤسسات حكومية مثل وزارة الكهرباء.

وكان السوريون يخشون استدعاءهم إلى هذا المجمع وعدم الخروج من فروعه الأمنية التي تحمل أسماء أو أرقاما تُعرف بها. وكان الناس يهابون خصوصا “فرع فلسطين” بسبب صيته السيىء.

في الطوابق، كان الأشخاص الذين يتم استدعاؤهم يخضعون للاستجواب ومن ثم يعتقلون في زنزانات تحت الأرض قبل أن ينقلوا أحيانا إلى سجون أخرى.

معاناة المعتقلين

ويروي المسعف سليمان قهوجي لوكالة الأنباء الفرنسية أنه أوقف في العام 2014، بتهمة الإرهاب التي كانت منتشرة في عهد بشار الأسد موضحا “كنت في الصف العاشر”.

ويتابع الشاب قائلا “بقيت تحت الأرض شهرين. كنا 55 شخصا في الزنزانة وقضى سجينان، أحدهما بسبب السكري”.

وتروي جدران الزنزانات تحت الأرض الغارقة في العتمة، معاناة المعتقلين. وقد كتب أحدهم على جدار عبارة “أمي العزيزة” يُرجح أنه خطها بالدم.

الزنزانات الفردية صغيرة الحجم بحيث لا يمكن للشخص التمدد بالكامل. أما الأخرى فكان يتكدس فيها 80 معتقلا ينامون بالتناوب، على ما يقول أحدهم ويدعى ثائر مصطفى الذي أوقف بتهمة الفرار من الجيش.

وأُفرج عن المعتقلين في المجمع، الأحد الماضي، بعد فرار العسكريين السوريين عندما سقطت دمشق في أيدي المعارضة المسلحة.

سوريون يبحثون في صور جثث، يُعتقد أنها لسجناء من سجن صيدنايا (رويترز)

وتوثق قائمة مكتوبة بخط اليد أسماء أكثر من 10 آلاف معتقل من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مع تاريخ ميلادهم ومكان استجوابهم ومن قضى منهم.

وتتبعثر على الأرض أيضا تقارير أخرى أحدها يحمل اسم بريطاني من أصل سوري أوقف واخضع لجهاز كشف الكذب للاشتباه في أنه تعاون مع أجهزة الاستخبارات البريطانية.

ويتناول تقرير آخر بتاريخ يناير/كانون الثاني 2024 هجوما وقع في حي المزة في دمشق وجرح فيه عراقي.

وتوثق ملفات أخرى نشاطات شخصيات دينية في سوريا وتوقيف ثلاث نساء وأنشطة صحفيين وأحداثا متفرقة.

وعثر على قائمة بأسماء أعضاء الحكومة نشرتها وكالة سانا الرسمية السورية، أضيفت بخط اليد طائفة كل وزير من مسيحي ودرزي وعلوي وسني.

ومن أجل التجسس على تحركات السوريين ونشاطاتهم كانت سلطات النظام السوري تشجع على الوشاية في مقابل المال للحصول على معلومات من المواطنين.

وعند مدخل المربع الأمني، تتوافد عائلات منذ الأحد أملا بالحصول على معلومات عن أقارب مفقودين.

وتقول خلود أميني (53 عاما) وهي محاطة بزوجها وابنتها “أبحث عن ابني عبادة أميني الذي أوقف العام 2013”.

وتوضح “كان طالب هندسة سنة رابعة. ذهبنا إلى صيدنايا لم نجده” في إشارة إلى أكبر سجن سوري قرب دمشق إلى حيث توافد آلاف الأشخاص أيضا بحثا عن أقارب لهم.

ومضت تقول “سمعنا أن ثمة أقبية سرية هنا. إن شاء الله الكل يخرج وليس فقط ابني”.

المصدر : وكالات

إعلان