حين يكون ضعف السمع “ميزة”.. جرّاحة بريطانية تكشف أسرار رحلتها إلى غزة

رصاصة مرت بجوارها أثناء إجراء عملية

سارة أجرت عمليات جراحية تحت دوي القصف الإسرائيلي المتواصل
سارة أجرت عمليات جراحية تحت دوي القصف الإسرائيلي المتواصل (تايمز)

قررت جراحة العظام البريطانية سارة فيليبس (62 عاما) أن تترك عملها المعتاد في معالجة الكسور الناجمة عن السقوط أو حوادث السيارات في مستشفيات لندن، وتتوجه لمساعدة المرضى في قطاع غزة، بعد أن شعرت بأن هذا واجبها الإنساني.

توجهت سارة، وهي استشارية عظام في هيئة التأمين الصحي البريطانية، مع فريق طبي من المتطوعين يعمل مع مؤسسة “إيديلز” البريطانية للإغاثة، إلى قطاع غزة عبر رحلة طويلة في سيناء، ومنها إلى معبر رفح، ليصل الفريق إلى قطاع غزة بعد رحلة مضنية امتدت تسع ساعات.

وكان من المفترض أن يصل الفريق إلى مستشفى ناصر الطبي في خان يونس بجنوب قطاع غزة، إلا أن المستشفى تعرض لقصف إسرائيلي، وتم إجلاء العاملين الأجانب منه.

ومن ثم، توجّه الفريق إلى مستشفى آخر في أشد الحاجة للمساندة والدعم، وهو المستشفى الأوروبي في قطاع غزة.

ووصفت سارة لصحيفة التايمز البريطانية ما شاهدته بمجرد دخول رفح في قطاع غزة بقولها “رفح مكتظة تمامًا. لا تكاد تقود سيارة لوجود الكثير من الأشخاص على الطريق. المنطقة مليئة بمخيمات اللاجئين والملاجئ ومجموعات من المراهقين الذين يبحثون عن الطعام”.

ووصفت ما رأته في شوارع رفح بأنه “اليأس الحقيقي”.

المستشفى الأوربي “ثكنة عسكرية”

وواصل الفريق الطبي البريطاني رحلته إلى المستشفى الأوربي ليجده محاصرًا بالقوات الإسرائيلية من جميع جوانبه باستثناء مدخل واحد. وبمجرد دخول الأطباء البريطانيين إلى المستشفى لم يتمكنوا من مغادرته إلا في رحلة العودة إلى بريطانيا، بعد أن أمضوا أسبوعين من العمل الشاق.

قالت سارة إنها كانت تعمل 12 ساعة يوميًّا، تجري خلالها عشر عمليات في المتوسط لمصابين جراء الحرب، تتفاوت أعمارهم بين ثلاثة أعوام و70 عامًا. وكان المستشفى مكتظًّا بالمرضى والنازحين.

ذكرت سارة أن رصاصة مرت من نافذة غرفة العمليات أثناء إجراء جراحة لأحد المرضى (غيتي)

وأوضحت سارة أن أغلب من قام الفريق الطبي البريطاني بعلاجهم هم من النساء والأطفال، وهم بأعداد كبيرة نظرًا لأن هناك أكثر من 68 ألف مصاب بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل، هذا فضلًا عن أكثر من 28 ألف شهيد. وذلك حسب أرقام وزارة الصحة في غزة التي تتوافق مع تقديرات المنظمات الدولية.

وسبق لسارة أن عملت مع الجيش البريطاني في العراق، كما عملت في مركز لعلاج الصدمات في لندن أكثر من 25 عامًا. وزارت سارة قطاع غزة 25 مرة منذ عام 2013، وعملت في أغلب مستشفيات القطاع بما فيها مجمع الشفاء في مدينة غزة.

حين يكون ضعف السمع “ميزة”

وعن الوضع في المستشفى الأوروبي، قالت سارة إن المستشفى يعالج أكثر من ألف مريض، رغم أن طاقته العلاجية لا تتجاوز 240 سريرًا.

أما عدد العاملين من الطاقم الطبي فقد انخفض إلى النصف لأن بعضهم استشهد وبعضهم اضطر إلى النزوح. ويعتمد المستشفى على مجموعة من الجراحين المتطوعين الوافدين من الخارج، وهناك نقص شديد في الأدوية وأدوات الجراحة.

وذكرت سارة أن رصاصة مرت من نافذة غرفة العمليات أثناء إجرائها جراحة لأحد المرضى.

وأضافت سارة، التي تعاني من صعوبات في السمع، لصحيفة التايمز ضاحكة كيف أن ضعف السمع ميزة في قطاع غزة، إذ “يتحدث البعض عن أن القصف كان شديدًا بالأمس، وأنا لم أسمع شيئًا”.

وقالت للصحيفة إن أكبر مخاوفها الآن أن تقوم إسرائيل بعملية عسكرية في رفح المكتظة بالسكان، واصفة الوضع بقولها إن “الحشود واليأس لا يوصفان. لا يوجد مكان لهم للذهاب إليه”.

يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي أجبر نحو مليون ونصف مليون من أهل غزة على النزوح من وسط وشمال القطاع إلى رفح جنوب قطاع غزة، حيث يقيمون في مخيمات الإيواء في ظل ظروف معيشية بالغة القسوة.

المصدر : صحيفة التايمز

إعلان