بعد صفقة رأس الحكمة.. خبراء يجيبون: هل تنتهي أزمة شح الدولار في مصر؟

مدبولي قال أن صفقة رأس الحكمة ستؤدي لزيادة كبيرة في عدد السائحين القادمين لمصر
مدبولي قال إن صفقة رأس الحكمة ستؤدي لزيادة كبيرة في عدد السائحين القادمين لمصر (رويترز)

لا يتوقف الحديث في الشارع المصري عن سعر صرف الدولار، ومستوى ارتفاع الأسعار وانخفاضها بشكل عام، بالتزامن مع صفقة “رأس الحكمة” التي تم الإعلان عنها مؤخرًا، ولا تتوقف التساؤلات عن تأثير الصفقة على أزمة شح الدولار في السوق المصري، وما يمكن أن تحققه للاقتصاد المصري إجمالًا.

وكان رد فعل السوق الموازية سريعًا عقب الإعلان عن الصفقة، إذ تراجع سعر صرف الدولار ليبلغ اليوم الأربعاء نحو 50 إلى 52 جنيهًا للدولار، بعدما كان تخطى 70 جنيهًا مقابل الدولار الواحد منذ أسابيع عدة في السوق الموازية.

وظل سعر صرف الدولار في البنوك المصرية الرسمية ثابتًا عند نحو 30 جنيهًا للدولار، ما يعكس الفجوة الكبيرة بين سعر الصرف الرسمي، وبين آليات سعر السوق الموازية التي يحكمها العرض والطلب.

وفي الوقت نفسه ما زالت الكثير من المصانع والشركات المصرية تعاني من نقص كبير في المواد الخام وقطع الغيار ومستلزمات الإنتاج، التي يتم استيرادها نتيجة عدم توافر العملات الأجنبية اللازمة لتمويل الواردات، ما أدى إلى تراجع قدراتها الإنتاجية، وأسهم في ارتفاع المستوى العام للأسعار.

وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أعلن في مؤتمر صحفي، الجمعة الماضية، عن استثمار بنحو 35 مليار دولار بالشراكة مع الإمارات لتطوير منطقة رأس الحكمة القريبة من مرسى مطروح، على الساحل الشمالي لمصر، لتصبح وجهة سياحية واستثمارية.

تراجع مؤقت

ويرى مصطفى يوسف، الباحث في الاقتصاد السياسي والمدير التنفيذي للمركز الدولي للدراسات التنموية، أن التوقعات بزيادة المعروض من الدولار في السوق المصري، علاوة على الضغوط الأمنية على المتعاملين في السوق الموازية مؤخرًا، أصابت السوق بحالة من الارتباك، وكانت النتيجة هي انخفاض سريع لسعر صرف الدولار، لكنه انخفاض “مؤقت” لأن أسباب الأزمة ما زالت قائمة.

وأوضح يوسف لموقع الجزيرة مباشر أن هناك “نقصًا في إيرادات مصر من العملات الأجنبية، نتيجة تراجع تحويلات المصريين بالخارج بنحو الثلث تقريبًا، علاوة على تراجع إيرادات قناة السويس بنحو 50%، وتراجع عائدات السياحة، هذا في الوقت الذي يجب أن تسدد فيه مصر نحو 42 مليار دولار من أقساط الديون وفوائدها في العام الحالي 2024”.

الجنيه المصري فقد نحو 50% من قيمته مقابل الدولار منذ مارس/آذار 2022
الجنيه المصري فقد أكثر من 50% من قيمته مقابل الدولار منذ مارس/آذار 2022 (رويترز)

وتابع أنه من المنتظر أن تستند الحكومة المصرية إلى التدفقات الدولارية التي توفرها صفقة رأس الحكمة للاستجابة لما يطالب به صندوق النقد الدولي من سياسة أكثر مرونة لتحديد سعر صرف الجنيه، وهو ما يعني عمليًا تخفيض قيمة الجنيه.

ومضى قائلًا إن “الاستثمارات الخارجية المباشرة في مصر ضعيفة جدًا لأسباب كثيرة، منها ضعف الشفافية، وصعوبة إنشاء الشركات الجديدة، والنشاط الاقتصادي الواسع للجيش، وهو ما يعني أنه إذا لم تقم الحكومة المصرية بإجراءات فعالة لجذب الاستثمارات الخارجية سيكون تأثير صفقة رأس الحكمة لفترة محددة، وبعدها تعود الأمور لما كانت عليه، ويعود سعر صرف الدولار إلى الارتفاع”.

وتعاني مصر من عجز في الميزان التجاري، الذي يوضح الفارق بين الصادرات والواردات السلعية، بلغ نحو 37 مليار دولار في عام 2023 حسب بيانات وزارة التجارة المصرية.

ويعني عجز الميزان التجاري وجود طلب كبير على العملات الأجنبية في مصر لسداد تكلفة الفاتورة الضخمة للواردات.

اتفاق صندوق النقد

وأكد زيان زوانة، خبير الاقتصاد السياسي والمستشار السابق بصندوق النقد الدولي، أن صفقة رأس الحكمة “سوف تساعد على إتمام اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، لكن ومع استمرار حالة عدم الثقة في السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، تبقى الصفقتين، مع الإمارات ومع صندوق النقد الدولي مجرد (تسليكة) تساعد في دفع الأزمة إلى الأمام”.

ومضى زوانة قائلًا إنه “بالتأكيد الصفقة لن تكفي لإخراج مصر من أزمتها، لكنها ستساعدها لفترة زمنية تمتد من 6 شهور إلى 18 شهرًا، في حال استمرت باقي العوامل دون تغيير، خاصة عامل عدم الثقة، والذي سيبقي تحويلات العمالة المصرية في الخارج خارج قنوات البنوك المصرية، لتتوجه إلى السوق الموازية، إضافة لتراجع عائدات قناة السويس نتيجة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بعد العدوان الإسرائيلي على أهلنا في غزة”.

وأضاف أنه “نتيجة سيطرة الحكومة على البنك المركزي، أصبحت السياستين المالية والنقدية رهن القرار السياسي المصري، ما أدى إلى تراجع الثقة بالسياسات وبما يمكن أن تحققه”.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان