طفل من غزة ينتظم في زيارة مقبرة أخيه ورفيقه التي نبشها الاحتلال (شاهد)
يأتي مستندا على عكّازه إلى المكان كل خمسة أيام وكلما اشتاق لرفيقيه
لم يدَع الاحتلال الإسرائيلي شبرًا واحدًا في غزة إلا وأحدث به دمارًا وخرابًا، حتى قبور الموتى لم تسلم من أذاه، وهو ما حدث في مقبرتي الفالوجا وبيت لاهيا اللتين دُمرتا تمامًا، الأمر الذي جعل أهالي الموتى والشهداء يجدون صعوبة بالغة في العثور على قبور ذويهم.
في هذا المكان المهدم، اجتمعت قصتان مأساويتان تحكيان صمود الشعب الفلسطيني ومعاناته المستمرة تحت وطأة الاحتلال.
اقرأ أيضا
list of 4 items“عملية مركبة”.. القسام تفجر عبوة في قوات الاحتلال وتستهدف مجموعة نقل القتلى والجرحى وتقصف إسرائيل (فيديو)
شاهد: اللحظات الأولى لعملية بئر السبع وهروب جنود إسرائيليين مسلحين
أصعب ما رآه أطباء قطاع غزة خلال عام من الحرب (فيديو)
عكّاز يسنده إلى القبر
أما الأولى، فهي للطفل الفلسطيني يوسف النجار الذي فقد رفيقي صباه، أخاه وابن خاله، حيث دأب ثلاثتهم على اللعب واللهو معًا قبل أن يقصف الاحتلال منزل العائلة ليجد يوسف نفسه وحيدًا من دون رفيقيه اللذين استشهدا بينما نجا هو.
ورغم إصابته في قدمه حيث يعاني بشدة في المشي مستخدمًا عكازًا يساعده على ذلك، فإن يوسف يحرص بشكل منتظم على زيارة قبرَي أخيه وابن خاله للدعاء لهما وقراءة الفاتحة.
وعند سؤاله عن سبب زيارته للمقابر، أجاب يوسف “باجي أقرأ عليهم الفاتحة وأخرف معاهم شوية لما كنا بنلعب زمان، لكن الأيام الحلوة راحت”، وأضاف أنه يأتي إلى المكان كل 5 أيام وكلما اشتاق لرفيقيه.
وعن ظروف استشهاد رفيقيه، أوضح يوسف أن ابن خاله استشهد أثناء وجوده في الحضانة حيث قصفها الاحتلال، بينما استشهد أخوه بعدما قصفت قوات الاحتلال منزل جدهما حيث كانت تتجمع العائلة.
وعن شعوره عندما جاء وشاهد المقبرة وهي مدمرة، لم يتمالك يوسف نفسه من البكاء، وأجاب والدموع تملأ عينيه “شو ذنبهم إنه يروح أخويا وابن خالي شو ذنبهم؟ شو عملوا عشان هيك تروح قبورهم؟”.
“الأموات لا يؤذون أحدًا”
والثانية في المكان نفسه أيضًا، حيث وجدنا العم عبد الباسط رمضان الذي أتى باحثًا عن قبر والدته بعدما علم أن الاحتلال قام بتدمير المقبرة، إذ استنكر هذا الفعل قائلًا بنبرة حزن وأسى “حتى الأموات لم يسلموا من بطش الاحتلال، شو سوّى؟ هل أثروا عليهم في شيء حتى يجرفوا كل هذه القبور ويطمسوا كل معالم المقبرة؟”.
ووصف عبد الباسط ما قام به الاحتلال بأنه “فعل همجي من القرون الوسطى ولا يمت للحضارة أو الإنسانية بشيء”، مضيفًا “هذا السلوك لا يمكن لأي عقل بشري أن يتصوره على الإطلاق! بل هو مجرد حقد وانتقام”.
وعن سبب زيارته للمقبرة، أجاب ساخرًا “الأموات ما بيأذوش حدا، الأحياء هما اللي بيأذوا”، وأضاف أنه يشعر دائمًا بالراحة والسكينة والهدوء في هذا المكان خاصة عندما يجلس بجوار قبر والدته، وأبدى عبد الباسط سعادته بعثوره على قبر والدته حتى بعد تدمير المقبرة.