“مليحة”.. قصة أصحاب الأرض التي أثارت غضبا في إسرائيل وترحيبا في مصر

المسلسل يستعرض موادا موثقة حول جرائم الاحتلال
المسلسل يستعرض مواد موثقة لجرائم الاحتلال (الجزيرة مباشر)

لا يزال مسلسل “مليحة” يثير ردود فعل مرحبة على مستوى الجمهور والنقاد في مصر بعدما نجح في تصدّر محركات البحث وقوائم “الأكثر رواجا” على منصة إكس في العديد من الدول العربية، وحتى في إسرائيل.

ويُعَد مسلسل “مليحة” أول عمل درامي مصري يناقش القضية الفلسطينية بشكل مباشر. وتدور أحداثه حول الشابة الفلسطينية مليحة (سيرين خاس) التي اضطرت إلى ترك بيتها في فلسطين بصحبة جديها ووالديها، بعد أن دمر الاحتلال الإسرائيلي منازلهم في “انتفاضة الأقصى” عام 2000، وعاشوا سنوات في ليبيا.

غضب الإعلام الإسرائيلي كان متوقعا، كما قالت مؤلفة العمل رشا عزت الجزار، التي وصفت “مليحة” بأنه صرخة مهمة في هذا التوقيت.

المسلسل جاء في وقت تتواصل فيه جرائم الاحتلال في غزة
المسلسل جاء في وقت تتواصل فيه جرائم الاحتلال في غزة

توثيق جرائم الاحتلال

ويسلط المسلسل الضوء على القضية الفلسطينية، ويستعرض مواد موثقة لجرائم الاحتلال، مما دفع وسائل إعلام إسرائيلية إلى مهاجمته مع عرض أولى حلقاته في النصف الثاني من شهر رمضان الكريم.

وخلال الأحداث تتواصل رحلة النزوح بعد اندلاع الثورة الليبية في 2011، حيث تضطر العائلة إلى التحرك مرة أخرى باتجاه الحدود المصرية الليبية، ومنها إلى داخل مصر في 2012.

غير أن ضياع أوراقهم الثبوتية فاقم المعاناة، لتبدأ مليحة رحلة شاقة للحصول على مستندات بديلة من أجل العودة إلى غزة. وخلال رحلة النزوح تتعرف مليحة على أدهم (دياب) الضابط بقوات حرس الحدود المصرية، الذي يسعى لمساعدتها والتصدي في الوقت نفسه لإسرائيل، لتتوالى الأحداث.

ويقول أستاذ فلسفة الفن بمعهد الفنون سامي رزق للجزيرة مباشر إن عرض “مليحة” تزامن  مع عملية طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية على غزة، وهو ما لاقى برأيه ترحيبا لدى شريحة واسعة من الجمهور الذين رأوه ضرورة لتعريف الأجيال الشابة بالقضية الفلسطينية وخلفياتها التاريخية.

وأثارت أغنية “أصحاب الأرض” للفنانة السورية أصالة اهتماما لافتا من النقاد، خاصة أنها جاءت مصحوبة بالترويدة الفلسطينية، وهي فلكلور غنائي قديم يعتمد على تكرار ترديد الجمل بإيقاع واحد وبكلمات مشفرة، وهي طريقة ابتكرتها المرأة الفلسطينية لإيصال الرسائل إلى المحاربين والمعتقلين.

المسلسل استفز الإعلام الإسرائيلي
المسلسل استفز الإعلام الإسرائيلي (الجزيرة مباشر)

هجوم الإعلام الإسرائيلي

وقال أستاذ النقد الأدبي بجامعة القاهرة حسن حمودة للجزيرة مباشر إن المسلسل استفز الإعلام الإسرائيلي من خلال توثيق مشاهد تهجير الفلسطينيين من وطنهم، وإعلان “تأسيس الكيان الصهيوني” رسميا، فضلا عن الخطاب الشهير الذي ألقاه ياسر عرفات أمام الأمم المتحدة، إلى جانب لقطات من إغراق المدمرة إيلات، وبناء السد العالي، وجنازة جمال عبد الناصر.

معاناة النزوح تكررت عبر عدة أجيال
معاناة النزوح تكررت عبر أجيال عدة (رويترز)

بدوره، قال الناقد الفني طارق الشناوي إن مسلسل (مليحة) حظي بأعلى كثافة مشاهدة في النصف الثانى من رمضان “وكأنه قرأ مشاعرنا في هذا التوقيت الذي نريد فيه استيعاب التاريخ، حتى نعثر على إجابة عن هذا السؤال: لماذا تلك الدموية وكل هذا العنف والسادية الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين؟”.

ورأى الشناوي في تحليله للمسلسل أنه “أتقن الإمساك بسلاح براعة الاستهلال، وامتلك المشاعر من اول لحظة”.

كما ذهب إلى أن المسلسل كسر حاجز اللهجة الواحدة من خلال اللهجات المصرية والفلسطينية والأردنية مع مزيج من الممثلين من جنسيات عربية مختلفة.

وأضاف الشناوي أن أولى علامات نجاح المسلسل تمثلت في استشعار “الميديا” الإسرائيلية الخطر، مشيرا إلى أن الصحافة الإسرائيلية عبّرت عن شعور بالقلق وبدأت بالتشكيك، رغم أنه لم يصل على الفور إلى أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول “لكنهم استشعروا مبكرا قدرة هذا المسلسل على التأثير”.

العمل بحاجة إلى 30 حلقة

من جهتها، قالت الناقدة الفنية آمال عثمان إن العمل “جاء ليغدق علينا من الماضي والحاضر صفحات لا تُنسى، ويوثق أحدث مؤامرة دنيئة على الشعب الفلسطيني لسرقة وطن ونهب أرض”، مضيفة أن الحماس لتقديم عمل درامي في هذا التوقيت ربما يغفر لصناع العمل هفوات فنية تتعلق بالسرد الدرامي.

ويتحدث نقاد عن ضعف درامي بسبب حرص صناع العمل على تقديم عمل ملحمي، لكن ذلك جاء على حساب جوانب فنية.

وربط مشاهدون ذلك بضعف الميزانية، إضافة إلى أن العمل ربما لم يأخذ الوقت الكافي للكتابة. وهنا رأى الباحث بأكاديمية الفنون سيد رمضان أن العمل كان بحاجة إلى 30 حلقة وليس 15 فقط ليكون أكثر عمقا.

وقال رمضان للجزيرة مباشر إن العمل يشبه أجواء مسلسلات التسعينيات وإمكاناتها المحدودة، ومع ذلك وصفه بأنه “دراما قوية توضح أصل الحكاية بداية من القرن التاسع عشر”.

المسلسل من إخراج عمرو عرفة، وبطولة عربية مشتركة شارك فيها من مصر كل من دياب وميرفت أمين وأشرف زكي وأمير المصري وعلي الطيب وحنان سليمان، ومن فلسطين سيرين خاس ورحاب الشناط، ومن لبنان ديانا رحمة، ومن الأردن أنور خليل ومروان عايش، ومن تونس مريم الفرجاني.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان