تغيير نظام الثانوية العامة في مصر يثير جدلا متصاعدا
لا يخفي الطالب تامر عبود، الذي يستعد مبكرًا لامتحانات الثانوية العامة للعام المقبل، سعادته بالتغييرات التي يصفها بالتاريخية في نظام الامتحانات معتبرًا أنها فرصة لا تعوض.
ويعبّر عبود، في حديثه للجزيرة مباشر، عن قطاع متزايد من الطلاب المصريين وأولياء الأمور الذين ينظرون بإيجابية شديدة لقرارات “اختصار المواد الدراسية” ويرون فيها تخفيفًا ضروريًا، خلافًا لما عبّر عنه خبراء ومعلمون تضرروا بشدة من إلغاء مواد دراسية كانت مصدرًا مهمًا لدخلهم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأكبر طالب في مصر.. تكريم مسن مصري اجتاز الثانوية العامة بعمر 62 عامًا (فيديو)
هل فشلت بعثة مصر الأولمبية؟
بعد أن حسم الدوري.. أبرز الراحلين وصفقات الأهلي المصري للموسم الجديد
ولم تكن “الثانوية العامة” كمرحلة دراسية في أي وقت حديث كل البيوت في مصر كما هي حاليًا، لا بسبب النتيجة التي تثير زوبعة سنوية، بل بسبب كونها “تغييرات تاريخية” كشفت عنها وزارة التربية والتعليم لتغيير المنظومة التعليمية التي أثارت جدلًا واسعًا يتزايد بشكل لافت في الأوساط كافة.
بداية تطبيق القرار
ويبدأ التطبيق مع العام الدراسي الذي سينطلق في 21 سبتمبر/أيلول المقبل بهدف إعادة تصميم المحتوى العلمي والمعرفي لصفوف المرحلة الثانوية وتوزيعها بشكل متوازن، بحيث لا تسبب عبئًا معرفيًا على الطلاب ولا ماديًا على أولياء الأمور، حسبما يقول وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف.
تفاصيل القرار
طبقًا للتغييرات يدرس طلاب الصف الأول الثانوي 6 مواد، بدلًا من 10 بعد إلغاء الجغرافيا ودمج مادتي الكيمياء والفيزياء بمنهج واحد باسم (العلوم المتكاملة)، فضلًا عن احتساب مادة اللغة الأجنبية الثانية (مادة نجاح ورسوب خارج المجموع)، كما تقتصر مواد الصف الأول الثانوي على “اللغة العربية – اللغة الأجنبية الأولى – التاريخ – الرياضيات – العلوم المتكاملة – الفلسفة والمنطق” إضافة إلى المواد غير المضافة للمجموع (التربية الدينية – اللغة الأجنبية الثانية).
وسيدرس طلاب الصف الثاني الثانوي 6 مواد دراسية بدلًا من 8، وهي اللغة العربية – اللغة الأجنبية الأولى – الرياضيات – الأحياء – الكيمياء – الفيزياء، للشعبة العلمية في العام الدراسي المقبل 2024 – 2025، على أن تتم إضافة مادة التاريخ بدلًا من الأحياء في العامين الدراسيين المقبلين.
آراء المختصين والخبراء
وتعليقًا على ذلك يرى الأستاذ بكلية التربية في جامعة مصر للعلوم حسين الزيني، أن التغييرات تواكب نظم التعليم العالمية بالتركيز على الكيف وليس الكم، منوهًا في حديثه للجزيرة مباشر، أن القرارات لم تستبعد أي مادة دراسية أو تحذفها، لكن تم تغيير تقييمها لتكون داخل المجموع أو خارجه مع دمج بعضها.
وتوقع الزيني، تخفيض الضغوط على الأسرة المصرية بإزاحة ما أسماه شبح الثانوية العامة، مشيرًا إلى أن تخفيف العبء المعرفي على الطلاب يرتبط بدراسة مواد تتناسب مع قدراتهم العقلية.
لكن في المقابل توقع الخبير التربوي خالد نصر والمسؤول السابق بالمركز القومي للامتحانات حالة من الارتباك قد تستمر لسنوات عدة موضحًا للجزيرة مباشر، بأن الأمر لم يأخذ الوقت اللازم للدراسة بسبب “فجائية التطبيق والتغيير السريع للخطط الدراسية اعتبارًا من الشهر المقبل”.
ورأى نصر، أن التطوير ضروري للعملية التعليمية، لكن “ليس بهذا الشكل”، قائلًا إنه كان يجب الانتظار حتى يتم تطوير المناهج الدراسية لتبدأ سنة بعد أخرى ضمن خطة واضحة، لافتًا إلى أن التغييرات تجاهلت متطلبات الدراسة الجامعية.
ونتيجة لذلك توقع نصر، اتساع قاعدة “الدروس الخصوصية” بدلًا من القضاء عليها، مشيرًا إلى أن القرارات سببت حالة من الغضب والارتباك في صفوف معلمي المقررات الدراسية الملغاة والمدمجة مثل معلمي اللغات الأجنبية الثانية فضلًا عن الفلسفة والمنطق وعلم النفس، ليضيف متسائلًا “كيف لمعلم مادة معينة مثل الكيمياء أن يدرس للطلاب مواد أخرى ليست في تخصصه؟”.
تحذيرات
في السياق وعبر صفحته الشخصية على “فيسبوك” حذر الصحفي المتخصص في شؤون التعليم بصحيفة الأهرام سيد مصطفى، من خطورة إلغاء العلوم الإنسانية، كما يرى أن “تهميش تدريس تلك العلوم يهدم البناء الاجتماعي”، ويضيف “أفيقوا قبل فوات الأوان فالهدف من اختصار المواد هو توفير ميزانيات فقط وليس التطوير”.
كما يشير الصحفي والباحث أحمد لطفي، إلى أزمة أخرى تتعلق بمصير طلبة الجامعات الذين يدرسون حاليًا وكانوا يستعدون لتدريس المواد الملغاة.
آراء أولياء الأمور
من جهته، يرى علاء عبد السيد -ولي أمر- أن التغييرات تمثل يوم عيد في كل بيت مصري، قائلًا للجزيرة مباشر، إنه سيتوجه فورًا لسحب مقدمات مالية دفعها لحجز دروس خصوصية لابنه الذي يستعد لماراثون الثانوية العامة المقبل بعد أقل من شهر، حيث يقول عبد السيد، إن الوقت قد حان للقضاء على الدروس “التي قصمت ظهور أولياء الأمور”.
أما سمر ياقوت، فعبّرت عبر منصة “إكس” عن فرحتها بالقرارات رافضة التعاطف مع المعلمين.
وكأن الدروس الخصوصية دي بقت عادي انها تكون مصدر رزق طبيعي .. انا افتكر علي ايامي كان المدرس اللي بيدي دروس خصوصية ده كان بيستخبي ويتكسف وكان اللي مبيديش بيمشي رافع راسه وبيتفشخر … الله يمسيك يا رمضان ابو العلمين حموده لما قالك وهو المدرس لما يتحطله شاي وكيك هيبقي ليه هيبه 😏
— Samar Yacout (@smsma_yacout1) August 15, 2024
ويستعد نحو 800 ألف طالب وطالبة لماراثون الثانوية العامة الجديد في منتصف الشهر المقبل بآلياته المختلفة، وسط توقعات بأن تكون التغييرات الأخيرة مجرد بداية لمزيد من التقلبات في منظومة التعليم، التي لن تكون كما يقول الخبير التربوي خالد نصر للجزيرة مباشر في مصلحة العملية التعليمية، وربما تترك آثارًا سلبية في الجيل الحالي من الطلاب.