جزائري الأصل يستعيد اسمه المسلم بعد 57 عاما من الإجراءات المعقدة في فرنسا
بعد عقود طويلة وإجراءات معقدة، تمكن محمد قرومي، وهو فرنسي من أصل جزائري، رسميًا من استعادة اسمه الحقيقي، الذي كان يحمله عند وصوله إلى فرنسا، واضطر لأن يحمل بدلًا منه اسمًا فرنسيًا لا يمت له بصلة، وهو جان بيار غيران، لمدة 57 عامًا.
وأعرب قرومي (71 عامًا) في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية في منزله بمدينة ستراسبورغ شرقي فرنسا، عن “الارتياح البالغ” بعد ما وصفه “بكفاح طويل”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsرئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا: تصويت المسلمين صنع فارقًا في الانتخابات الفرنسية (فيديو)
تقرير: السلطات الفرنسية تستهدف آلاف المسلمين قبل أولمبياد باريس
أولمبياد باريس.. وانهيار الحضارة الغربية!
وكافح قرومي لعقود من أجل كتابة اسمه وكنيته الأصلية على بطاقته الشخصية الفرنسية، وتمكن من تحقيق حلمه في 13 يوليو/تموز الماضي.
وقال قرومي، المولود في الجزائر في 1953، قبل حرب التحرير التي حققت الاستقلال عن فرنسا عام 1962 “لقد استعدت بطاقتي الشخصية وجواز سفري بهويتي الحقيقية.. أخيرًا”.
وأشار إلى أن جده حارب إلى جانب فرنسا خلال الحربين العالميتين، وكان والده ضابطًا في الجيش الفرنسي خلال حرب الجزائر.
تحت وصاية الدولة
ووصل عندما كان يبلغ 13 عامًا إلى مدينة ستراسبورغ مع شقيقيه أحمد وشريف في عام 1966، ليلتقوا والدهم الذي كان يتلقى العلاج في مستشفى بمنطقة الألزاس التي تقع بها مدينة ستارسبورغ.
ويتذكر “اعتقدنا أن والدنا سيكون بانتظارنا، لكن في الواقع تولى استقبالنا موظف في الرعاية الاجتماعية” في المطار.
وأودع الإخوة الثلاثة مركز رعاية تحت وصاية الدولة، وقرر القضاء أن والدهم غير قادر على الاعتناء بهم.
اضطروا إلى تغيير أسمائهم العربية
في المركز، اضطروا إلى تغيير أسمائهم العربية إلى أخرى فرنسية من أجل اندماج أفضل، وهكذا أصبح أحمد يدعى ألفونس، وأطلق على شريف اسم كريستيان، وأخذ محمد اسم معلمه، جان بيار، أما اسم الأسرة وهو قرومي فقد تحول إلى “غيران”.
وما كان يفترض أن يحقق الاندماج في المجتمع الفرنسي، وذلك بالتخلي عن الهوية العربية، أصبح جرحًا عميقًا رافقته عقود من “المعاناة والمحنة، فحمل اسم كهذا كان بمثابة وضع قناع”، بحسب وصف قرومي.
ووصف تجربته بحزن قائلًا “تعرضت لبعض الإهانات من فرنسيين لم يتقبلوا أن أخفي هويتي عنهم، وأن يكون اسمي هو جان بيار رغم أن بشرتي داكنة”.
وأضاف أنه في الوقت ذاته “اعتُبرت خائنًا نوعًا ما للمجتمع الجزائري، لأن اسمي فرنسي”.
وواجه قرومي، الذي يعمل بوظيفة “ميكانيكي” مع شركة في ألمانيا تبعد نحو 15 كيلو مترًا من مدينة ستراسبورغ، مضايقات وخصوصًا عند عبور الحدود أو البحث عن عمل أو شقة.
وأشار قرومي إلى أنه “لم تكن هناك مشكلة في الاسم. لكن عندما يشاهدوني يقولون لي إن ما أبحث عنه لم يعد متوافرًا”.
وروى أن زملاءه في الشركة كانوا ينادونه “محمد الفرنسي”، مضيفًا “عندما أصل صباحًا لتسجيل الدخول، تحت اسم جان بيار غيران، كان زملائي يسألونني “لماذا ينادوك باسم محمد؟”.
عودة للجذور
بذل قرومي، الناشط في المجتمع المحلي، جهودًا كبيرة من أجل استعادة هويته رسميًا، من دون جدوى.
وعلى الرغم من أن قرومي نجح في وضع اسمه على أوراقه الثبوتية، إلا أنه ظل في نظر المؤسسات الحكومية يدعى جان بيار غيران.
وفي مكتبه، تتكدس مجلدات داخل خزانة زجاجية تشهد على معركته التي استمرت حتى يوليو/تموز 2022، عندما دخل قانون يهدف إلى تبسيط إجراءات تغيير الاسم حيز التنفيذ.
وشكّل هذا النص علامة فارقة في حياة محمد، على غرار عشرات الآلاف من الأشخاص الآخرين، وتلقت وزارة العدل الفرنسية 70 ألف طلب لتغيير الاسم بعد عام من تطبيقه، بحسب موقعها الإلكتروني.
وفي أول انتصار له، استعاد الرجل الذي كان يُدعى جان بيار في عام 2023، اسمه الأصلي، وتسلم أوراقه الثبوتية متضمنة اسمه وكنيته الأصليين.
وقال قرومي مبتسمًا “أنظر إلى الأوراق وأشعر أنني بحال أفضل”، ومحمد، الذي حصل أيضًا على الجنسية الجزائرية في نهاية الثمانينيات، أطلق على أبنائه الأربعة “أسماء جزائرية” حتى لا ينفصلوا عن “جذورهم”.
وأضاف “لقد مهدت الطريق. الآن، إذا أرادوا استعادة اسم أجدادهم فسيكون الأمر أبسط”.