موجة نزوح نحو التعليم الأزهري.. لماذا يتزايد “الهروب” من التعليم العام في مصر؟

مصر تشهد حالة من النزوح نحو التعليم الأزهري بعد ارتفاع تكاليف التعليم العام (رويترز)

تسابق المعاهد الأزهرية في مصر الزمن للتعامل مع أعداد متزايدة من المتقدمين لرياض الأطفال والمراحل الابتدائية فضلًا عن سيل من طلبات التحويل من التعليم العام، وسط جدل متصاعد بشأن الأسباب والاستمرارية في السنوات المقبلة.

على خلفية توجيهات من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بقبول قوائم الانتظار المتزايدة جميعها تشير الأرقام المعلنة إلى أن أكثر من 450 ألفًا تقدموا لرياض الأطفال، فيما سجل العام الماضي 280 ألفًا بخلاف التحويلات من التعليم العام بالمراحل الدراسية المختلفة، وفقًا لما كشفه وكيل قطاع المعاهد الأزهرية أحمد الشرقاوي، لوسائل إعلام محلية.

وقال الخبير بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم صلاح رشاد إن الإقبال على المعاهد الأزهرية يعكس الثقة بالأزهر نظرًا لاستقرار التعليم والامتحانات.

وشدد رشاد خلال حديثه لـ”الجزيرة مباشر” على أن التعليم الأزهري شهد تطورًا كبيرًا كمؤسسة تعليمية ودعوية لها مهمة الحفاظ على الشريعة الإسلامية واللغة العربية ومواجهة التطرف.

ورأى رشاد أن امتحانات الأزهر تلقي قبولًا واسعًا، موضحًا بأن الأسئلة المقالية مثلًا تتيح للطالب الإبداع وإطلاق العنان للتفكير، لكنه أشار إلى أن الأزهر يدرس حاليًا التغييرات بقطاع التعليم العام للاستفادة مما يمكن تطبيقه دون الإخلال بخصوصية الأزهري.

وتأييدًا لذلك، عبّر وكيل الأزهر السابق والأمين العام لهيئة كبار العلماء عباس شومان عن سعادته بنجاح جهود إصلاح التعليم الأزهري، مشيرًا إلى أن الأزهر يعاني مع استيعاب موجات التحويل للطلاب الذين يريدون الالتحاق بالدراسة فيه.

 

عيوب الدراسة الأزهرية

في المقابل، قال الخبير التربوي خالد نصر وهو مسؤول سابق بالمركز القومي للامتحانات التابع لوزارة التعليم، إن التطور الأزهري بطيء للغاية ولا يواكب العصر، مضيفًا إلى أن الأزهر نفسه يدرس الاستفادة من التعديلات الأخيرة على التعليم العام، وإعادة النظر بالمناهج الدراسية.

واعتبر نصر خلال حديث لـ”الجزيرة مباشر” أن طريقة الامتحانات الأزهرية ترسخ “الحفظ والتلقين”، لافتًا إلى أن “الطالب قد لا يتقن العلوم الشرعية ولا الطب أو الهندسة”، على حد تعبيره.

كما تساءل “ماذا سيفعل أولياء الأمور لو طبق الأزهر استراتيجية التعليم العام؟”.

وتوقع نصر أن يكون النزوح للتعليم الأزهري مؤقتًا، معتبرًا أن “ما يحدث مجرد رد فعل مؤقت والأمور قد تستقر قريبًا إذا انتصرت الحكومة بمعركة الدروس الخصوصية”.

فيما وصف النائب وعضو لجنة التعليم بمجلس الشيوخ حسانين توفيق الأمر بأنه “هروب جماعي نحو الأزهر”، وذلك في منشور له عبر صفحته على “فيسبوك”.

 

وضمن الهجوم على التعليم العام، طالب وزير الري السابق نصر علام بخطة إنقاذ معتبرًا أن التدهور غير مسبوق.

 

الدراسة في الأزهر شبه مجانية

ويبدو أولياء الأمور أكثر سعادة بقبول أبنائهم، حيث قال محمود أبو عامر إن تكاليف التعليم العام وأسعار الكتب لا تطاق، وشدد على أن الدراسة بالأزهر شبه مجانية، كما لفت إلى أن “الأزهر ليس به دروس خصوصية ورسوم الدراسة زهيدة جدًا مع منح مالية للمتفوقين والطلاب الأكثر فقرًا”.

من زاوية أخرى، قال خلف الجابري (معلم بمنطقة الجيزة الأزهرية) إن الإقبال يرجع إلى حرص الأهالي المتزايد على تعلم أولادهم علوم القرآن، لكنه ألمح إلى أن هذه العلوم الشرعية تتعرض لتقليص مستمر، معربًا عن تخوفه من توجه أزهري للتطور على طريقة التعليم العام.

 

أزمة كثافة

تظهر بقوة أزمة كثافة طلابية يسعى قطاع المعاهد الأزهرية إلى أن تكون في حدود 50 طالبًا بالفصل الواحد، لكنها تتعدى ذلك كما يقول بلال صبيح عضو لجنة التخطيط والمتابعة بمنطقة الجيزة الأزهرية، للجزيرة مباشر.

وتحدث صبيح عن جهود متسارعة لبناء المزيد من المعاهد مبيّنًا إلى أن الهيئة القومية لضمان جودة التعليم اعتمدت 271 معهدًا العام الماضي، ثم اعتمدت 326 معهدًا إضافيًا يتم افتتاحها مع بداية العام الجديد.

وأقر صبيح، بوجود أزمة كثافة متوقعًا تفاقمها مع الإقبال الكبير ومع اتجاه وزارة التعليم للاستعانة بفصول أزهرية لسد العجز لديها.

وكشفت هانم عبد المحسن، معلمة رياضيات بأحد معاهد منطقة الجيزة الأزهرية للجزيرة مباشر عن استخدام الغرف الإدارية والمعامل بتحويلها لفصول دراسية، وأضافت: “حتى فناء المدرسة تحول جزء منه إلى فصلين دراسيين”.

وتحت عنوان “حكاية وطن”، كشف تقرير “الرؤية والإنجاز” الذي تصدره الحكومة المصرية عن أن عدد المعاهد الأزهرية وصل عام 2014 إلى 9700 معهد، ثم قفز إلى 11600 عام 2023.

وتحدث التقرير عن توجه حكومي للزيادة “إيمانًا بدور الأزهر في نشر الوسطية ومحاربة التطرف”.

المصدر : الجزبرة مباشر

إعلان