تلغرام في روسيا.. أكثر من مجرد تطبيق تواصل
يخشى الروس المشتركون في تطبيق “تلغرام” من الملاحقة القضائية التي يتعرض لها مؤسس التطبيق “بافل دوروف” في فرنسا، التي قد تؤدي إلى حجب خدمة الرسائل المشفرة التي أصبحت بالنسبة إليهم المصدر الرئيس للمعلومات غير الخاضعة للرقابة.
وكانت السلطات الفرنسية قد أوقفت دوروف (الذي يحمل الجنسيات الروسية والفرنسية والإماراتية) في مطار لو بورجيه قرب باريس وخضع لتحقيقات في الأيام التالية، وأفرج عنه بعد أيام بكفالة مقدارها 5 ملايين يورو، شرط حضوره إلى مركز الشرطة مرتين في الأسبوع ومنعه من مغادرة فرنسا.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأهالي غزة يلجؤون إلى طرق بدائية لتجاوز صعاب الحرب (فيديو)
إيلون ماسك يكشف موعد استخدام روبوت “أوبتيموس” الشبيه بالبشر (فيديو)
“المدخنة الذكية”.. ابتكار طالبة فلسطينية يحول عوادم مصانع الخليل إلى طاقة كهربائية (فيديو)
ووفق السلطات القضائية الفرنسية، لم يتخذ دوروف تدابير للحد من إساءة استخدام مشتركين لتطبيق المراسلة، خصوصًا عدم اعتماد آلية للحد من المحتوى المتطرف والتعاون مع المحققين.
وأثار توقيفه ضجة كبيرة داخل “الكرملين” وبين القوى الليبرالية الروسية المعارضة للهجوم في أوكرانيا.
استقلالية التطبيق
قال أليكسي فينيديكتوف، رئيس إذاعة “صدى موسكو”، التي حُظرت في روسيا بعد انتقادها الهجوم العسكري على أوكرانيا، إن “تلغرام هو تطبيق مراسلة عملي وموثوق للغاية للروس، بغض النظر عن آرائهم السياسية”.
وأضاف أن التطبيق “يُعرف بأنه مستقل عن الدولة” الروسية.
ولدى فينيديكتوف المدرج في قائمة “العملاء الأجانب” في روسيا، قناة إخبارية على “تلغرام” يتابعها أكثر من 200 ألف مشترك.
وبالتالي، سيكون الحظر المحتمل للتطبيق بمثابة إجراء رقابي بالنسبة إليه، إذ إن جزءًا كبيرًا من الموضوعات التي تغطيها قناته والعديد من القنوات الإخبارية الأخرى مثل النزاع في أوكرانيا والمحاكمات السياسية للمعارضين وسبل تجنّب الالتحاق بالجيش، تخضع لرقابة صارمة في وسائل الإعلام الحكومية.
غياب الرقابة
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية، عن طبيبة نفسية، مشتركة في حوالي 80 قناة إخبارية على التطبيق قولها إنها “بدأت استخدام تلغرام بعد حظر فيسبوك، وقد أصبح مصدرها الرئيس للمعلومات”.
وأضافت “أستخدم التطبيق أيضًا للتواصل مع رفاقي الذين يعارضون الهجوم” الروسي على أوكرانيا، وإذا توقف “تلغرام”، سيكون ذلك صعبًا جدًا لها.
وأكدت نايدا، موظفة لوجستية، أنها تثق في “تلغرام” أكثر من خدمات المراسلة الأخرى، وواجهة المستخدم مريحة جدًا، والمستجدات كلها موجودة ولا تحتاج إلى تنشيط شبكة خصوصية افتراضية طوال الوقت.
ومذ حظرت روسيا شبكات اجتماعية غربية مثل “إنستغرام” و”فيسبوك” و”تويتر” (إكس) في آذار/مارس 2022، والعديد من وسائل الإعلام المعارضة التي لا يمكن الوصول إليها الآن إلا عبر شبكة خصوصية افتراضية (VPN)، نمت شعبية “تلغرام” في البلاد بشكل مطرد.
المصدر الرئيس للمعلومات
يُعد “تلغرام” التطبيق الرابع الأكثر استخدامًا متفوّقًا على “يوتيوب” وشبكة “فكونتاكتي” الروسية للتواصل الاجتماعي، وفق دراسة أجرتها مجموعة “ميدياسكوب” للبحوث، نُشرت في كانون الثاني/يناير 2024، وذكرت أن 67% من مستخدمي “تلغرام” في روسيا يفضّلون قراءة القنوات السياسية والمستجدات عبر “تلغرام”.
وقالت الخبيرة في الشؤون السياسية تاتيانا ستانوفايا من مركز “كارنيغي روسيا أوراسيا”، “ليس هناك بديل لتلغرام” في روسيا حيث “أصبح المصدر الرئيس للمعلومات”.
واعتبرت أن حظر “تلغرام” سيكون “أمرًا حرجًا” بالنسبة إلى الروس “الذين يعيشون في ظروف يتضاءل فيها إمكان الوصول إلى المعلومات عبر وسائل الإعلام التقليدية” التي تعمل تحت ضغط السلطات.
أداة للتواصل العسكري
حذّر الناطق باسم “الكرملين” دميتري بيسكوف فرنسا من تحويل القضية إلى ملاحقة سياسية، مؤكدًا أن “دوروف مواطن روسي وسنراقب ما سيحصل”.
وقال المعارض الروسي إيليا ياشين الذي أُطلق سراحه أخيرًا من السجن ضمن عملية تبادل سجناء مع الغرب “أنا لا أعتبر بافل دوروف مجرمًا وآمل في أن يتمكن من إثبات براءته”، وأضاف أن لدوروف “الحق في عدم التعاون مع الأجهزة الخاصة إذا لم يكن ينتهك هو نفسه القانون”.
ومنذ بدء الغزو الروسي، أصبح “تلغرام” أداة للدعاية الروسية، وكذلك منصة للعديد من السياسيين والناشطين من طرفَي النزاع وصولًا إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يستخدم هذه المنصة يوميًا لنشر رسائله الليلية، وإظهار الحرب للروس من زاوية مختلفة.
ويستخدم “الكرملين” والوزارات وحكام المناطق الروسية التطبيق أيضًا، خصوصًا لإبلاغ السكان بهجمات جوية أوكرانية، كما يفعل الأوكرانيون فيما يتعلق بالهجمات الروسية.
كما أصبح “تلغرام” وسيلة تواصل وتنسيق لكل من القوات الروسية والأوكرانية، ووسيلة رئيسة لقيادة الوحدات على جانبَي الجبهة.
ويقول الصحفي الروسي أندري ميدفيديف إن “تلغرام هو في الواقع تطبيق المراسلة الرئيس لهذه الحرب. إنه بديل لنظام الاتصالات العسكرية السري”.
ويُعد “تلغرام” رابع أكثر تطبيقات المراسلة شعبية على مستوى العالم بعد “واتساب” و”ويتشات” و”فيسبوك ماسنجر”، ويُقدَّر عدد إجمالي مستخدميه بنحو 1.562 مليار مستخدم، ونحو 800 مليون مستخدم نشط شهريًا في عام 2024، ويبلغ عدد المستخدمين النشطين للتطبيق يوميًا نحو 196 مليون مستخدم.