نيويورك تايمز: تفجيرات البيجر في لبنان كشفت عن ثغرة خطيرة في سلاسل الشحن والتوريد

قالت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية، في تقرير لها، اليوم السبت، إن تفجير أجهزة الاتصال التابعة لحزب الله اللبناني الذي وقع أخيرًا، أثار تساؤلات بشأن ثغرة خطيرة في سلسلة التوريد العالمية.
وأوضحت الصحيفة أن هذه السلسلة معقدة بشكل مذهل، لدرجة أنها ربما تتعدى نطاق سلطات الحكومات والشركات والمؤسسات الأخرى ذات الصلة.
وكان الدرس الواضح من اضطرابات سلاسل التوريد التي رافقت جائحة كورونا، حسب الصحيفة، هو أنه كلما طالت الرحلة في صنع أي منتج، زادت فرصة حدوث خطأ ما، مما يتسبب في تأخير التسليم وزيادة التكاليف.
أما الآن فقد بات هناك قلق قوي بشأن الأمن، أو بعبارة أخرى كلما كانت الرحلة أكثر تعقيدًا، زاد احتمال التعرض للأذى.
تفخيخ البضائع
ولفت التقرير إلى أن كل حركة على طول الطريق، وكل شركة إضافية يتم إدخا لها في عملية التصنيع، تمثل فرصة لأصحاب أجندات العنف المسلح، للتسلل إلى حاويات الشحن وتفخيخ البضائع.
وقالت هانا كاين، الرئيسة التنفيذية لشركة (ألوم)، وهي شركة توريد عالمية، للصحيفة “يتعين على الشركات أن تقرر مستوى الأمن الذي يجب تنفيذه في سلاسل التوريد الخاصة بها. لقد انتقلنا للتو إلى درجات قليلة على مقياس جنون الارتياب”.
ومن المرجح أن تؤدي الهجمات في لبنان إلى تسريع وتيرة التغيير في سلاسل التوريد، ففي السنوات الأخيرة، حثت مجموعة متنامية من الناشطين العماليين والسياسيين ومنتقدي التجارة الحرة، الشركات الأمريكية على نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة.
مخاطر الشحن الدولي
وتم طرح ما يسمى “إعادة التصنيع إلى الداخل” كوسيلة للحد من الاعتماد على المصانع البعيدة، وخاصة تلك الموجودة في الصين، مع التأمين ضد مخاطر الشحن الدولي.
وأشار التقرير إلى أن حقيقة أن سلاسل التوريد العالمية معرَّضة للاختراق من أولئك الذين يشنون الحرب، من المؤكد أنها ستتعزز أكثر خلال الفترة القادمة.

ويعتمد جزء كبير من العالم على المصانع الموجودة في الصين للحصول على سلع بالغة الأهمية، مثل أقنعة الوجه ومكونات الأدوية الحيوية وأجهزة التنفس الصناعي وغيرها من الأجهزة الطبية.
حصان طروادة
وفي مواجهة العقوبات الدولية في أعقاب هجماتها على أوكرانيا، خفضت روسيا شحنات الطاقة إلى أوروبا.
وفي الولايات المتحدة، حذر كثيرون من أن معدات الاتصالات والكهرباء المصنوعة في الصين، يمكن أن تكون “حصان طروادة” لشن هجمات على البنية التحتية الأمريكية.
لكن الهجمات الأخيرة تكشف أنه حتى المجالات الأقل استراتيجية وأقل بروزًا في الحياة التجارية تنطوي على مخاطر أمنية جسيمة. ففي الموانئ في جميع أنحاء العالم، يكون حجم البضائع المنقولة في حاويات الشحن هائلًا لدرجة أنه لا يمكن لأي سلطة تفتيش أكثر من كمية ضئيلة للغاية من إجمالي البضائع.
تحفيز الإنتاج المحلي
وحثت كل من إدارتَي ترامب وبايدن الشركات على نقل سلاسل التوريد إلى أقرب نقطة من الولايات المتحدة، وفرض الرئيس السابق ترامب تعريفات جمركية شاملة على السلع الصينية، وهي السياسة التي مددت إدارة بايدن نطاقها.
كما أنفقت إدارة بايدن عشرات المليارات من الدولارات في شكل إعانات، على الشركات التي تبني مصانع رقائق الكمبيوتر ومصانع المركبات الكهربائية داخل الولايات المتحدة، كما سعت الحكومة إلى تحفيز إنتاج المكونات النشطة للأدوية.

وقد تسبب نقص المنتجات وارتفاع تكاليف الشحن أثناء جائحة كوفيد، في دفع شركات كبرى مثل (وول مارت) و(كولومبيا) إلى تحويل بعض إنتاجها من آسيا إلى دول مثل المكسيك وغواتيمالا.
العولمة لم تمت
ومع ذلك، فإن فكرة العولمة لم تمت، فالتخلي عن التجارة الدولية سيكون مكلفًا ومحفوفًا بالاضطرابات، وبدلًا من ذلك، يجري إعادة تشكيل العولمة، مع وضع قيمة جديدة لتقليص المسافة بين المصانع والأسواق.
لقد جاء كل هذا استجابة للشعور المتزايد بأن الولايات المتحدة لابد أن تتأكد من امتلاكها مخزونًا كافيًا من العناصر الحيوية، بدلًا من ترك مصيرها لسلاسل التوريد الممتدة عبر المحيطات.
وبالنسبة لأولئك الذين يميلون إلى هذا الرأي، فإن أجهزة البيجر المتفجرة كانت بمثابة وميض إنذار في نهاية النفق.