“الخسائر غير المرئية للحرب”.. مقال بجيروزاليم بوست: شباب إسرائيل في خطر

جنود من الشباب يشاركون في جنازة أحد قتلى الجيش الإسرائيلي في غزة
جنود من الشباب يشاركون في جنازة أحد قتلى الجيش الإسرائيلي في غزة (رويترز)

كشف دانا ناور، وهو مدير تنفيذي لإحدى شركات التوظيف الإسرائيلية، في مقال بصحيفة “جيروزاليم بوست” عن التأثيرات السلبية للحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، التي أثرت في أكثر من مليوني شاب إسرائيلي، تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، فيما وصفه “بالخسائر غير المرئية للحرب”.

وأكد ناور أن الشباب في إسرائيل في أزمة، وهم في حاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية وتوفير الاستثمارات اللازمة لمستقبلهم.

وضرب ناور مثلًا بفتاة إسرائيلية وصفت تجربتها في سوق العمل بقولها “في كل مرة أحاول فيها رفع رأسي، أشعر وكأنني أتعرض للضرب مرة أخرى”، وذلك في إشارة إلى معاناتها بسب عمليات الإغلاق نتيجة انتشار فيروس “كوفيد-19″، واستمرار هذه المعاناة خلال الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.

شباب يخسرون وظائفهم جراء الحرب

وأضاف أن هذه الفتاة، واسمها المستعار هو “نوعا”، لا تحظى بدعم عائلي، وأحيلت إلى برنامج توظيف يساعد الشباب المعرضين للخطر على الحصول على فرص عمل، حيث تمكنت من تأمين أول وظيفة مهنية لها في صناعة الطيران الملاحة الجوية.

غير أن الحرب القائمة تسببت بأزمة كبرى في قطاع الطيران الإسرائيلي، ما أدى إلى أن تفقد الفتاة وظيفتها وتعود مرة أخرى للبحث عن عمل، وفي غضون مدة قصيرة، وجدت الفتاة نفسها تعيش مع الأصدقاء وتنظف المنازل من أجل لقمة العيش.

ويؤكد الكاتب أن وضع هذه الفتاة لا يشكل استثناء، إذ يعيش في إسرائيل أكثر من مليوني شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، تأثر الكثير منهم بشدة بالحرب.

أغلب المصابين من الجيش الإسرائيلي من الشباب
أغلب المصابين من الجيش الإسرائيلي من الشباب (رويترز)

نصف قتلى الجيش من الشباب

وتكشف البيانات التي جمعها معهد “بروكديل” للأبحاث لأول مرة عن عمق التأثير المدمر الذي خلفته الحرب على الشباب في إسرائيل، فنحو 53% من القتلى والجرحى في المعارك تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا، فيما لا تتجاوز نسبة هؤلاء الشباب 17% من إجمالي السكان، ما يوضح أنهم يتحملون الضرر الأكبر من هذه الحرب.

وأفاد ربع الشباب بتأثير مباشر للحرب في حياتهم، فقد أصيبوا بجروح، أو تم إجلاؤهم، أو تضررت منازلهم أو ممتلكاتهم أو دمرت، أو تم استدعاؤهم للخدمة الاحتياطية، وهذا بالطبع بخلاف القتلى في الحرب.

وأشار الكاتب إلى أن 28% من الشباب أجبروا على ترك وظائفهم، وتخلى 23% عن دراستهم، وأفاد 53% بضعف قدرتهم على الوفاء بالالتزامات المالية.

تدهور الصحة العقلية

وأضاف ناور أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن نصف هؤلاء الشباب قالوا إنهم يشعرون بتدهور حالتهم العقلية.

وأشار إلى أنه بالنسبة للشباب المعرضين للخطر مثل نوعا -وعشرات الآلاف غيرهم ممن تعرفهم خدمات الرعاية الاجتماعية وتتولى منظمات المجتمع المدني علاجهم عادة- فإن الوضع أشد خطورة، وذلك بسبب غياب شبكات الأمان الأسرية أو الاقتصادية.

وأكد أن فقدان العمل أو الدخل قد يؤدي بسرعة إلى حالات متطرفة من التشرد والجوع وحتى الانحدار إلى الجريمة، ويفاقم الضغوط التي تؤدي إلى تدهور الصحة العقلية، التي كانت بالفعل موضع تساؤل بالنسبة للعديد منهم، في غياب إطار داعم أو علاج مهني.

تصاعد الضغوط العقلية على الشباب الإسرائيلي مع استمرار الحرب
تصاعد الضغوط العقلية على الشباب الإسرائيلي مع استمرار الحرب (رويترز)

دق ناقوس الخطر

وشدد ناور على أن هذه البيانات لا بد وأن تدق ناقوس الخطر، وتؤدي إلى اتخاذ سلسلة من الخطوات الفورية، إذ يتعين على الحكومة أن تزيد بشكل كبير من الاستثمار في الشباب المعرضين للخطر، وأولئك الذين ينتمون إلى المناطق الجغرافية والاجتماعية البعيدة عن المركز.

وطالب ناور الحكومة الإسرائيلية بالتركيز بشكل خاص على برامج التوظيف التي من شأنها أن تسمح للشباب بإعادة الاندماج في سوق العمل المتغيرة، وتوسيع نطاق خدمات الصحة العقلية التي تراعي الصدمات النفسية.

وختم الكاتب مقاله بالتحذير من أنه “إذا لم نتحرك الآن، فقد نجد أنفسنا أمام جيل ضائع، جيل من الشباب الذين انهارت قواهم تحت وطأة الحرب وأهملوا في أصعب أوقاتهم”.

المصدر : جيروزاليم بوست

إعلان