مقال في يديعوت أحرونوت: إسرائيل كذبت على مواطنيها بالتلفيق على السنوار
كتب الصحفي الاستقصائي رونين بيرغمان لصحيفة (يديعوت أحرونوت) أن الجيش الإسرائيلي باشر، في نهاية الأسبوع، تحقيقًا داخليًا لمحاولة معرفة من يقوم باستخدام وثائق تم اغتنامها من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة وتمريرها إلى وسائل الإعلام الدولية بهدف التأثير على الرأي العام في إسرائيل بخصوص صفقة الأسرى.
وقال الكاتب “هذه القضية تثير قلقًا كبيرًا وغضبًا لدى المنظومة الأمنية، ومن المحتمل أن تزيد التوتر بينها وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وفريقه، وهو توترٌ وصل إلى ذروته بالفعل بسبب الخلاف العميق بين الطرفين حول الصفقة”.
اقرأ أيضا
list of 4 items“سنرد لهم الصاع صاعين”.. المقاومة تضرب قوات للاحتلال في رفح وتسيطر على 3 مسيّرات “كواد كابتر” (فيديو)
إهانات وضرب وتنكيل.. أسرى غزة المفرج عنهم يكشفون ما تعرضوا له داخل سجون إسرائيل (فيديو)
برنامج الأغذية العالمي: تعرض قافلتين من “مساعدات غزة” لهجوم عنيف
ويتعلق هذا الغضب، حسب الكاتب، بخبرين تم نشرهما مؤخرا، الأول في صحيفة “جويش كرونيكل” البريطانية، وهي صحيفة صغيرة قليلة التأثير؛ والثانية في صحيفة “بيلد” الألمانية، وهي الصحيفة الأكثر انتشارًا في ألمانيا، وبالتالي تتمتع بتأثير كبير.
وقد زعم المقالان أنه “تم الكشف عن وثائق داخلية وسرية للغاية خاصة بحركة حماس، كما لو كانت مكتوبة مباشرة بقلم أو حاسوب يحيى السنوار”. وأضاف “وفي كلتا الحالتين، فإن الوثيقتين تعكسان أفكاره وأوامره واستراتيجيته، وهي مطابقة تمامًا لما قاله نتنياهو في خطاباته ومقابلاته الأسبوع الماضي، حيث ادعى أن السنوار يحاول زرع الانقسام بين الجمهور الإسرائيلي، وأنه لا يهتم حقًا بالصفقة، ويخطط لتهريب الرهائن عبر الأنفاق تحت ممر فيلادلفيا إلى مصر ومن هناك إلى إيران”.
وتابع “أما فيما يتعلق بالوثيقة التي زعمت صحيفة “جويش كرونيكل” الكشف عنها، فإن الفحص الذي أُجري على جميع المواد التي تم جمعها منذ بدء العملية العسكرية يشير إلى أن وحدة جمع المعلومات والوثائق التقنية في الجيش الإسرائيلي، والمسؤولة عن الاحتفاظ بهذه المواد، وكذلك المجمع الاستخباري عموما، لا فكرة لديهم عن هذه الوثيقة”.
وأما بخصوص الوثيقة التي نشرتها صحيفة “بيلد” الألمانية، فقد تبين أنها ليست وثيقة من السنوار ولا مأخوذة من حاسوبه، بل هي محاضرة قدمها مسؤول في مستوى متوسط داخل حماس. الأهم من ذلك، الجزء الرئيسي الذي يقتبسه الصحفي من الوثيقة، والذي يشير إلى أن حماس غير مهتمة بالصفقة، غير مذكور في هذه الوثيقة على الإطلاق.
🚨🚨🚨צה"ל חוקר: מסמכי חמאס מסולפים הודלפו לתקשורת זרה כדי לעצב דעת קהל בישראל, מדווח @ronenbergman https://t.co/1hKdZmB3I9
— Barak Ravid (@BarakRavid) September 8, 2024
هذا، وقد قال مصدر عسكري مطلع على التحقيق الذي أصبح الآن تحقيقًا رسميًا “هذه مسألة خطيرة للغاية. هناك أنظمة تتبع الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات الأخرى، مهمتها التأثير على العدو، لكن وفقًا للقانون، يُمنع استخدام هذه الأنظمة للتأثير على الجمهور الإسرائيلي باستخدام مواد مصنفة لا يُسمح بنشرها. هذا يعد حملة تأثير على الجمهور الإسرائيلي، وهو أمر مرفوض تمامًا. نحن عازمون على العثور على الشخص أو الجهة المسؤولة عن ذلك”.
من كتب قصاصة الورق؟
وذكر الكاتب أنه سبق نشر الوثيقتين المذكورتين، إشارة إلى وثيقة ثالثة في خطاب نتنياهو الأسبوع الماضي، حيث قال رئيس الوزراء للجمهور “تتبع حماس تكتيكًا يهدف إلى تقسيمنا وإضعافنا، وصولاً إلى إخضاعنا في نهاية المطاف”. وأضاف متسائلًا “كيف يفعلون ذلك؟”، ثم عرض شريحة تحتوي على مذكرة مكتوبة بخط اليد باللغة العربية “هذه وثيقة تعليمات وُجدت في نفق تابع لكبار قادة حماس على يد جنودنا. بالمناسبة، قيل في الإعلام إنه يخص السنوار، لا أستطيع أن أؤكد لكم أن القصاصة بخط يد السنوار، لكني أؤكد أنه لكبار قادة حماس”.
وواصل نتنياهو قائلا “هذه هي الوثيقة الأصلية بالعربية، وهذه هي ترجمتها “تكثيف نشر صور ومقاطع فيديو للرهائن بسبب الضغط النفسي الذي يسببونه”.
وأوضح الكاتب أن الهدف الكامن وراء “وثيقة المسؤولين” حسب نتنياهو يتمثل في “أن نستسلم في أمور مهمة في مجال ضمان مستقبلنا ووجودنا، بحيث يمكن زرع الفرقة والخصومة في صفوفنا إلى أن نستسلم. وقال نتنياهو نصا “أنا لن أستسلم لهذا الضغط. فأنا معتاد على الصمود في وجه ضغوط أكبر. وشعبنا لن يستسلم أمام هذا الضغط، لأن غالبية الشعب يدرك ما قلته تماما. ليس المهم ما الذي نراه على الشاشات الكبيرة. أنا أقول للسنوار: انس الأمر، فلن يتحقق مرادك”.
وفي مقطع آخر من خطابه، تساءل نتنياهو لماذا لا يجب على إسرائيل، بأي حال من الأحوال، ولأسباب وجودية، أن تنسحب من ممر فيلادلفيا ولو حتى لمدة 42 يومًا؟ وقال “هذا الأمر أيضًا يمنع تهريب الرهائن فوق الأرض. يمكن أخذهم وتهريبهم في تلك الفترة التي تصل إلى 42 يومًا إلى سيناء، وهي مسافة لا تتجاوز بضعة أمتار. ما عليهم سوى عبور السياج ثم يختفون، وبعدها يمكن أن يظهروا في إيران أو اليمن”.
وتجاوز نتنياهو، حسب الكاتب، السؤال المتعلق بـ”ما الذي منع حماس من القيام بكل ما وصفه خلال الأشهر الثمانية الأولى من الحرب، عندما امتنعت إسرائيل عن دخول هذا المحور؟” وترك السؤال بلا إجابة.
وأشار إلى أن الورقة التي قرأ منها نتنياهو ليس كاتبها السنوار كما نُشر قبل بضعة أشهر. فإسرائيل، تعرف جيدًا خط يد قائد حماس وقادرة على التمييز بين ما كتبه وما لم يكتبه. في هذا، كان نتنياهو محقًا، لكنه لم يكن دقيقًا تمامًا عندما زعم أن الوثيقة تعود إلى قائد آخر من حماس. والحقيقة هي أن إسرائيل لا تعرف من كتب تلك الورقة.
وأضاف المقال “في إسرائيل، يعرفون خط يد جميع قادة الذراع العسكرية لحماس ومعظم قادة الحركة بشكل عام، لكن خط اليد الموجود على الورقة غير معروف. فقد يكون خطّ يد قائد رفيع، وقد لا يكون كذلك، وفي كل الأحوال، لا يعكس الأمر استراتيجية نُقلت كأمر من شخص واحد وتم تبنيها وتنفيذها من قبل شخص آخر. حماس منظمة توثق وتكتب بشكل مستمر”.
“اختلاق متهور”
وأوضح المقال أنه فيما يتعلق بالحديث عن “تهريب الأسرى إلى إيران”، بعد ثلاثة أيام من خطاب نتنياهو، فقد نشرت صحيفة “جويش كرونيكل” تقريرًا يؤكد تلك المعلومات تحت عنوان “الخطة السرية للسنوار – تهريب الرهائن إلى إيران”.
وكان العنوان الفرعي “وثائق تم الاستيلاء عليها من قبل الجيش الإسرائيلي ومعلومات تم الحصول عليها من خلال التحقيق قد تشير إلى كيفية تخطيط قائد حماس للهروب من محنته الكبيرة”.
وكتب التقرير الصحفي إيلون بيري من “جويش كرونيكل”، الذي يتفاخر بعلاقته بمصادر في المخابرات الإسرائيلية. أحد مصادره أخبره أن السبب الحقيقي لعدم قدرة حماس على إطلاق سراح الرهائن هو أن “فقط 20 منهم لا يزالون على قيد الحياة في غزة، والعديد منهم محتجزون بالقرب من السنوار ليستخدمهم دروعا بشرية. المعنى هنا واضح، لا توجد فرصة لإتمام الصفقة، لأن السنوار لن يتخلى عنهم، وعدد الرهائن الأحياء أقل بكثير مما هو مقدر”.
وختم الكاتب بقوله “هذا التقرير يتعارض تمامًا مع كل ما هو معروف لدى الأجهزة الأمنية في إسرائيل، فهناك أكثر بكثير من 20 رهينة على قيد الحياة، ومعظمهم ليسوا محتجزين بالقرب من قائد حماس أو يُستخدمون دروعا بشرية. وتابع “كنا نعلم منذ البداية أن هذا هراء”، يقول ضابط يعمل في مجال الأسرى والمفقودين في الجيش الإسرائيلي. “لسوء الحظ، يجب أن يكون هذا واضحًا للجميع الآن، بعد مقتل الستة الذين كانوا في النفق ولم يكن لهم علاقة بالسنوار، كما لم يكونوا بالقرب منه”.