ما الذي تعنيه سيطرة الجيش السوداني على مدينة ود مدني؟

أثار إعلان القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية السبت دخول مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، ردودا واسعة بين المواطنين السودانيين الذين احتفلوا بانتصار جديد للجيش السوداني على قوات الدعم السريع، بينما قال الجيش السوداني إنه ما زال يعمل على تنظيف “جيوب المتمردين” داخل المدينة وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية في السودان.
وأكد خبراء للجزيرة مباشر أن تحرير مدينة ود مدني من سيطرة الدعم السريع ستكون له آثار عسكرية وسياسية على ميزان الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsكيف ستؤثر العقوبات الأمريكية على قائد الدعم السريع في الحرب بالسودان؟
أزمة السيولة في السودان تهدد موسم الحصاد وتزيد معاناة المواطنين (فيديو)
بعد سيطرة الجيش على ود مدني.. مالك عقار: النصر أصبح قاب قوسين أو أدنى
وقال الخبير الاستراتيجي بابكر يوسف إن الانتصارات التي حدثت في ولاية الجزيرة “تمثل ثلاثة أرباع نهاية الحرب، وأن الذي يستولي على ولايتي سنار والجزيرة، يستحوذ على مركز قوة كبير”.
ورقة ضغط قوية
وأضاف بابكر للجزيرة مباشر أن “الانتصار في هاتين الولايتين يمثل ضربة قوية جدًّا للطرف الآخر ويفقده ورقة ضغط قوية في حال المفاوضات، حيث كانت ود مدني ستشكل تحديًا للحكومة السودانية في حال ذهبت للتفاوض قبل استعادتها”.
وأوضح بابكر أن “تحرير ولايتي سنار والجزيرة يسهم في تخفيض وتيرة الحرب، وقد يؤدي إلى تشتيت قوات الدعم السريع”، مشيرًا إلى أنه يعتقد أن “الحسم العسكري في حرب السودان هو الأقرب، وذلك هو ما تذهب إليه الحكومة”.
واعتبر بابكر أن فقدان قوات الدعم السريع لهذه المناطق يحصرها في رقعة جغرافية معينة “وبالتالي يسهل التعامل معها”.
وعن أسباب تأخّر الحسم العسكري في مدينة ود مدني أشار بابكر إلى أن هذا حدث “نتيجة لخصوصية ولاية الجزيرة، وبسبب الانتشار الكبير لقوات الدعم السريع في الولاية”.
وأوضح بابكر أن “القوات المسلحة السودانية فضّلت التريّث ودراسة المزيد من الرؤي حول كيفية تحرير ود مدني”، وذلك لأن “أي خسارة في محاولة تحريرها كان يمكن أن تكون لها نتائج سلبية كبيرة”.
وكانت قوات الدعم السريع قد دخلت مدينة ود مدني، حاضرة ولاية الجزيرة في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023، وارتكبت تلك القوات بعد ذلك عشرات المجازر في مناطق مختلفة من الولاية.
مكسب سياسي كبير
وقال الصحفي والمحلل السياسي أحمد خوجلي للجزيرة مباشر إن تحرير ود مدني يمثل “نجاحا سياسيا كبيرا من شأنه تقوية للجانب السياسي للكتلة الوطنية الكبيرة في السودان، واستقطاب للمجموعات الأخرى التي كانت بعيدة عن القوات المسلحة، وتعزيز العلاقة بين القوات المسلحة والمواطنين”.
ووصف خوجلي تحرير ود مدني بأنه “كسب مساحة، وكسب لجنود، وكسب لمعنويات كبيرة”.
ويرى خوجلي أن تحقيق انتصارات عسكرية هامة يمكن أن يدعم الموقف التفاوضي للجيش السوداني، مشيرا إلى أن “الانتصارات داعم للتفاوض، ولكنها داعم أكثر للموقف الوطني الذي توحّدت فيه رغبة الجيش والشعب السوداني”.
خطوة استراتيجية هامة
وأكد الخبير العسكري جمال الشهيد أن استعادة مدينة ود مدني تمثل خطوة استراتيجية مهمة من الناحية العسكرية “وأن السيطرة عليها تمنح الجيش قاعدة انطلاق قوية في وسط البلاد، مما يسهل عمليات الإمداد والتحرك نحو المناطق المجاورة بكل سهولة”.
وقال للجزيرة مباشر إن “الجيش السوداني بسيطرته على مدينة ود مدني يكون قد حقق مكاسب لوجستية من حيث السيطرة على الموارد والإمدادات التي كانت بيد قوات الدعم السريع، ورفع الروح المعنوية للجنود والمدنيين الموالين للجيش، كما فرض سيطرة وتحكما استراتيجيا على المحور الرابط بين الخرطوم والجنوب والشرق”.
في المقابل، أوضح جمال أن خسارة مدينة ود مدني بالنسبة للدعم السريع ستؤدي إلى “انخفاض في الروح المعنوية، وانقطاع في طرق الإمداد، وصعوبة في الحصول على الدعم اللوجستي” مؤكدًا أن “كل هذا سيكون له تداعيات عسكرية وسياسية على الدعم السريع”.
وقال الشهيد إن السيطرة على ود مدني “ستساهم في تقييد حركة الدعم السريع، من خلال تحجيم قدرتهم على المناورة والتوسع، كما ستؤثر في إعادة التوازن والتفوق من خلال تغيير ديناميكية الصراع لصالح الجيش السوداني”.
تغير ميزان القوى
وأشار إلى أن تحرير مناطق ود مدني وجبل موية وولاية سنار “يشير إلى تحول واضح في ميزان القوة لصالح الجيش السوداني”.
وتوقع جمال أن يؤدي الاستمرار في استعادة المناطق الرئيسية إلى نهاية الصراع تدريجيًّا وخصوصا إذا ترافق مع جهود سياسية موازية.
وفي ذات السياق قال المحلل السياسي أحمد موسى بشارة إن دخول الجيش السوداني مدينة ود مدني له أثر عسكري وسياسي واقتصادي كبير “حيث يتمثل الأثر العسكري في تأمين ولايات عديدة، يمكن منها انطلاق العمليات العسكرية لعدد من الولايات المجاورة، حيث يمكن منها إمداد الجيوش المتحركة نحو ولاية الخرطوم”.
وأضاف أنه من الناحية السياسية أصبحت قوات الدعم السريع، التي وصفها بـ”المليشيا الإرهابية” تشعر بالانهيار النفسي والمعنوي، وهو ما ظهر في الخطاب المنسوب لقائد قوات الدعم السريع عقب سقوط ود مدني بيد الجيش السوداني.
وقال إن السيطرة على ود مدني “تمنح القيادة السياسية فرصة أكبر في الضغط على المليشيا الإرهابية للخروج قسرًا من الأحياء المدنية والمناطق الخدمية، أو القبول بتسوية سياسية تقوم على مبادرة جدة”.