جولة إفريقية للبرهان من مالي إلى موريتانيا.. ما الذي يبحث عنه الجنرال السوداني؟

البرهان يسعى لوقف تدفق مرتزقة من دول في غرب أفريقيا
البرهان يسعى لوقف تدفق مرتزقة من دول في غرب إفريقيا (رويترز)

أجرى رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان مؤخرا جولة في دول غرب إفريقيا، بدأها بزيارة لدولة مالي ومنها اتجه إلى غينيا بيساو ثم إلى سيراليون، وبعدها إلى السنغال واختتمها بزيارة لموريتانيا، الأمر الذي أثار اهتمام المتابعين للشأن السوداني لمعرفة الأهداف من هذه الجولة.

يرى الأكاديمي والمحلل السياسي عبد الملك النعيم أن جولة البرهان الإفريقية تكتسب أهميتها من عدة عوامل، أولها من حيث التوقيت لكون البلاد تخوض حربًا الآن، ومن الممكن أن تكون في إطار الترتيب “لكبح جماح الجهات المتمردة داخل تلك الدول التي يأتي منها عرب يشاركون في حرب السودان كمرتزقة، وينتمي بعضهم لهذه الدول الإفريقية”.

وقال النعيم للجزيرة مباشر إن “دول غرب إفريقيا منضوية تحت الإيكواس، التي لها تأثيرها في الاتحاد الإفريقي، وربما تشكل هذه المنظومة ضغوطا وتكتلات داعمة للسودان”.

وأشار النعيم إلى أنه من المتوقع أن يحدث انفراج على مستوى الاتحاد الإفريقي من خلال ضغط تلك الدول، موضحا أنه قد يحدث “انفراج على مستوى تحجيم تدفق المرتزقة من هذه الدول”.

وأضاف أن هذا التحرك يستند إلى دور السودان الكبير في المحيط الإفريقي، سواء كان ذلك “من خلال دعمه من سنوات مبكرة لحركات التحرر بصفته من أوائل الدول التي نالت استقلالها في إفريقيا، أو لدوره في تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية التي أصبحت لاحقًا الاتحاد الإفريقي، أو حتى موقعه الجغرافي وعلاقاته مع عدد من دول القارة الإفريقية”.

وقف تدفق مرتزقة من غرب إفريقيا

وأضاف رئيس تحرير موقع “قلب إفريقيا الإخباري” لؤي عبد الرحمن أن أهمية هذه الجولة تكمن “في سعي السودان لحل ومعالجة القضايا الداخلية داخل البيت الإفريقي، خاصة أن الدول العربية التي كان يعول عليها السودان في الماضي لم تهتم كثيرًا بأمره، إلا الجزء اليسير في الملف الإنساني”.

وتابع عبد الرحمن للجزيرة مباشر قائلا إن هذه الجولة “ليست بعيدة كثيرًا عن الحرب، خاصة أن رئيس مجلس السيادة السوداني اصطحب معه فيها رئيس المخابرات السوداني، وأن هذه الدول التي ذهب إليها البرهان بها بعض الإثنيات التي شاركت كمرتزقة في الحرب ضد السودان ضمن صفوف مليشيا الدعم السريع، كما أن بعض هذه البلدان بها جماعات متمردة لها علاقة مباشرة بمليشيا الدعم السريع”، موضحا أن هذه الجولة ربما تكون للتنسيق مع هذه الدول.

واضاف أن “عددا كبيرا من المنهوبات السودانية توجهت نحو غرب إفريقيا عن طريق المرتزقة الذين أتوا للسودان”، موضحا أنه ربما يكون هناك تنسيق بخصوص هذا الأمر، هذا إضافة إلى ملف عودة السودان إلى الاتحاد الإفريقي واستئناف نشاطه وتنشيط عضويته؛ خاصة أن موريتانيا هي رئيسة الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي.

ويرى عبد الرحمن أن الجولة جاءت بمخرجات إيجابية، أبرزها “التصريحات الداعمة للحكومة السودانية ولسيادة السودان من قبل رؤساء الدول التي زارها رئيس مجلس السيادة السوداني، وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين السودان وهذه الدول”.

قوات الدعم السريع تعرضت لخسائر كبيرة في الفترة الأخيرة
قوات الدعم السريع أصيبت بخسائر كبيرة في الفترة الأخيرة (رويترز)

لماذا كانت البداية من مالي؟

وقال عبد الرحمن إن البداية كانت من مالي لأن “مالي هي جزء من التحالف الجديد، وهو تحالف الساحل الذي خرج من طوع الاستعمار الفرنسي والقيود الفرنسية، كما أنها تعاني من جماعات متمردة مسلحة لها علاقة مباشرة بمليشيا الدعم السريع في شمال البلاد، والرئيس المالي عمل في السودان لفترة طويلة”.

ويرى أن هذه العوامل هي التي دفعت رئيس مجلس السيادة السوداني إلى أن يفكر في البداية بزيارة دولة مالي.

وأضاف الصحفي المختص بالشأن الإفريقي جمال الدين علي أن “الانتصار الذي تم في مدينة ودمدني والانهيار المفاجئ لقوات الدعم السريع فرض واقعا جيوسياسيا جديدا حاولت الحكومة السودانية أن تستفيد منه في إطار جولة خارجية”.

وذكر أن الجولة التي قام بها البرهان في غرب إفريقيا ترجع إلى “أن معظم المقاتلين في صفوف الدعم السريع جاؤوا من هذه الدول”، مضيفا أن “الحكومة السودانية حاولت الاستفادة من العُزلة الدولية المفروضة على قوات الدعم السريع، خصوصًا بعد العقوبات الأمريكية التي طالت قائدها وبعض الشركات التابعة له، واتجهت لهذه الدول لتجد لها صوتًا وداعمًا”.

وقال علي للجزيرة مباشر “في 17 فبراير/شباط القادم سيكون اجتماع القمة الإفريقية، والسودان يأمل أن يعود فيها إلى تفعيل نشاطه الذي كان قد تم تجميده منذ قرارات 25 من أكتوبر/تشرين الأول”.

أبرز أهداف الجولة

ويرى علي أن أبرز هدفين من جولة البرهان الإفريقية هما “إيقاف تدفقات المقاتلين لقوات الدعم السريع من غرب إفريقيا، ومحاولة إيصال صوت السودان من أجل دعم موقفه في داخل الاتحاد الإفريقي في القمة القادمة”.

وأضاف أن هذه الزيارة تأتي في توقيت مناسب خصوصًا “بعد بداية انهيار قوات الدعم السريع وانسحابها وفقدها للسيطرة والقيادة الموحدة والإرشاد”.

أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية عبده مختار فيرى أنه “كان يجب التركيز في إزالة الأسباب التي أدت لتجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي”، موضحا أن أزمة السودان داخلية ويجب أن يتم حلها داخليًّا.

وقال مختار للجزيرة مباشر إن زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني لموريتانيا “فيها اجتهاد دبلوماسي في إزالة ما علق من شوائب في العلاقة بين السودان والاتحاد الإفريقي”.

ووصف مختار اهتمام الحكومة السودانية بالمحيط الإفريقي بأنه “خطوة استباقية للاحتماء بالمحيط الإفريقي؛ لكون ذلك يخلق أفضلية تمنع تصعيد الأزمة وفرض عقوبات أممية كالفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة”، موضحا أنه، بالنسبة للحكومة السودانية، من الأفضل أن يكون التدخل الخارجي من قبل الاتحاد الإفريقي في الإطار الإقليمي.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان