هل يستطيع ترامب إلغاء حق الجنسية بالولادة في أمريكا؟

في اليوم نفسه الذي أدى فيه دونالد ترامب اليمين الدستورية ليصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، وقّع مجموعة من الأوامر التنفيذية لمواجهة الهجرة غير النظامية، وتنفيذ ما وعد به جماهيره من القيام بأكبر عملية ترحيل في التاريخ الأمريكي لمن دخلوا البلاد بشكل غير قانوني.
ومن أبرز الأوامر التنفيذية التي وقّعها ترامب قرار يمنع الحكومة الفيدرالية من إصدار جوازات سفر أو شهادات جنسية أو وثائق أخرى للأطفال الذين تقيم أمهاتهم في البلاد بشكل غير شرعي أو بشكل مؤقت، وممن آباؤهم ليسوا مواطنين أمريكيين أو مقيمين بشكل دائم.
اقرأ أيضا
list of 4 items“فجّرنا الشرق الأوسط ورحلنا”.. ترامب يسحب الحماية الأمنية عن مستشاره السابق بولتون (شاهد)
“ستارغيت”.. ترامب يعلن استثمار 500 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي
ترامب يهدد بوتين إذا لم يوقف “الحرب العبثية” في أوكرانيا
ويشكّل قرار ترامب محاولة لتغيير الحق المكفول في التعديل الـ14 للدستور الأمريكي، الذي يمنح الجنسية لأي شخص مولود على أراضي الولايات المتحدة.
حق تاريخي بعد إلغاء العبودية
وتنص الوثيقة التي تمّت المصادقة عليها عام 1868 في وقت سعت الولايات المتحدة لتجاوز تداعيات الحرب الأهلية على أن “جميع الأشخاص المولودين أو المجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية، هم من مواطني الولايات المتحدة والولاية التي يقيمون فيها”.
وكان التعديل رقم 13 للدستور الأمريكي نص على إلغاء العبودية في عام 1865، وبعدها جاء التعديل رقم 14 للدستور عام 1868 ليعطي الحق في الجنسية الأمريكية لكل العبيد الذين تم تحريرهم، ولكل فرد يولد على الأراضي الأمريكية.
غير أن أنصار ترامب الذين يرغبون في تشديد قوانين الهجرة يرون أن هذا الحق أصبح مدخلا لحصول آلاف من الأطفال، الذين تلدهم أمهات يقمن بشكل غير شرعي في الولايات المتحدة، على حقوق قانونية، ما يجعل عملية ترحيل أمهاتهم بالغة الصعوبة.
يذكر أن رئيسة وزراء بريطانيا وزعيمة حزب المحافظين الراحلة مارجريت تاتشر، التي ارتبطت بعلاقة وثيقة مع الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، تمكنت من إلغاء الحق في الجنسية البريطانية بالولادة عام 1983.
وأثارت تاتشر وقتها جدلا في بريطانيا يشبه الجدل الذي تشهده الولايات المتحدة حاليا حول القضية ذاتها.

دعوى قضائية ضد قرار ترامب
غير أن تنفيذ القرار الذي وقّعه ترامب لن يكون أمرا سهلا، إذ ذكرت شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية أن المدعين العموميين في 18 ولاية ديمقراطية، علاوة على مدينة سان فرانسيسكو ومقاطعة كولومبيا، قدموا دعوى قضائية لرفض تنفيذ الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب.
ويرى المدعون العموميون أن الأمر التنفيذي لترامب هو “محاولة غير قانونية لتجريد مئات الآلاف من الأطفال المولودين في أمريكا من جنسيتهم”، وذلك على أساس الوضع القانوني لآبائهم.
ويرون أن ترامب يحاول إلغاء “مبدأ دستوري راسخ وطويل الأمد”، بأمر تنفيذي.
ويحذر المدعون الديمقراطيون من أن حوالي 150 ألف طفل يولدون كل عام لوالدين مقيمين بشكل غير قانوني، وفي حال حرمان هؤلاء الأطفال من الجنسية الأمريكية فسوف يفقدون الحق في الرعاية الطبية والتعليم وغيرهما من أشكال المساندة التي يمكن تقديمها للأطفال.
قاعدة مستقرة لمدة 150 عاما
ونقلت شبكة “إن بي سي نيوز” عن المدعي العام لولاية نيوجيرسي ماثيو بلاتكين قوله في مؤتمر صحفي الثلاثاء “إن محاولة الرئيس ترامب إنهاء حق المواطنة بالولادة من جانب واحد تعد انتهاكًا صارخًا لدستورنا”، مضيفا أنه “لأكثر من 150 عامًا، اتبعت بلادنا نفس القاعدة الأساسية: الأطفال الذين يولدون في هذا البلد هم مواطنون أمريكيون”.
وقال بلاتكلين إن الرؤساء الأمريكيين يتمتعون بسلطات واسعة، “لكنهم ليسوا ملوكًا”.
يذكر أن قرار ترامب لا ينكر التعديل الدستوري رقم 14، ولكن ينظم طريقة تطبيقه بحيث لا يتمتع بحق الجنسية الأطفال الذين تلدهم أمهات يقمن بغير شرعي.
ويرى المدعون الذين رفعوا دعوى ضد قرار ترامب أن المحكمة العليا هي التي يمكنها تفسير طريقة تطبيق هذا الحق الدستوري، وليس مجرد قرار تنفيذي من ترامب.