زكريا الزبيدي.. رحلة قيادة ومقاومة من مخيم جنين إلى الحرية في صفقة تبادل

أفرجت إسرائيل، يوم الخميس، عن زكريا الزبيدي، أحد أبرز قيادات حركة “فتح” وقائد “كتائب شهداء الأقصى” في الضفة الغربية، في إطار الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى مع حركة (حماس).

وأطلق سراح الزبيدي بالإضافة إلى 109 أسرى فلسطينيين آخرين مقابل الإفراج عن أسيرتين إسرائيليتين، أربيل يهود وآجام بيرغر، وأسير ثالث هو غادي موزيس، وفق ما أعلنه أبو عبيدة، المتحدث باسم “كتائب القسام” الجناح العسكري لـ(حماس).

ابن مخيم جنين

يُعد زكريا الزبيدي، البالغ من العمر 49 عامًا، من أبرز الأسماء الفلسطينية المسجلة في السجون الإسرائيلية، وهو عضو سابق في المجلس الثوري لحركة (فتح)، وناشط في مخيم جنين شمال الضفة الغربية.

عرف الزبيدي بكونه “التنين الذي يهزم الصياد” من خلال أطروحته للماجستير، وهو لقب يعكس شخصيته القيادية ومهاراته التكتيكية في مقاومة الاحتلال.

هروب أسطوري من سجن جلبوع

في سبتمبر/أيلول 2021، قاد الزبيدي عملية هروب أسطورية من سجن جلبوع الإسرائيلي المحصن بقوة، حيث نجح هو وخمسة من رفاقه في الفرار عبر نفق محفور، إلا أنهم أعيد اعتقالهم بعد أيام قليلة.

اعتقل الجيش الإسرائيلي الزبيدي عام 2019، ووصفه مسؤول كبير بالمخابرات الإسرائيلية بأنه “قط الشوارع الذي وقع أخيرًا في المصيدة”. لم يُصدر حكم بحقه عند اعتقاله، إلا أنه حُكم بالسجن 5 سنوات على خلفية هروبه عبر النفق، وما زالت التهم الأخرى، بما فيها إطلاق النار على مواقع إسرائيلية، قيد النظر.

6 أسرى فلسطينيين نجحوا في الهروب من سجن جلبوع في سبتمبر 2021

تاريخ طويل في المقاومة

بدأت مسيرة الزبيدي في المقاومة منذ سن الثالثة عشرة، حيث شارك في رجم القوات الإسرائيلية بالحجارة، مما أدى إلى إصابته بالرصاص. تم اعتقاله للمرة الأولى في سن الخامسة عشرة وسجن لمدة 6 أشهر، ثم تم اعتقاله مرة أخرى بتهم تتعلق بإلقاء عبوات حارقة على القوات الإسرائيلية وحكم عليه بالسجن 4 سنوات ونصف سنة.

خلال انتفاضة الأقصى (2000-2005)، أصبح الزبيدي قائدًا عسكريًا في كتائب شهداء الأقصى، وقاد العديد من العمليات المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفي عام 2007، سلّم الزبيدي سلاحه للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاق مع إسرائيل وحصل على عفو، لكنه عاد لاحقًا إلى المقاومة المسلحة بعد إلغاء العفو عنه في ديسمبر/كانون الأول 2011.

قاد الزبيدي المجموعات المسلحة في معركة جنين عام 2002، التي أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيًا ومقتل 23 جنديًا إسرائيليًا، إضافة إلى دمار كبير في المنازل الفلسطينية.

تُشير تقارير فلسطينية إلى أن إسرائيل هدمت منزل الزبيدي 3 مرات.

زكريا محمد عبد الرحمن زبيدي كتب أطروحة ماجستير عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على مدار 50 عاما (مواقع التواصل)

مولد زكريا الزبيدي ونشأته

وُلد زكريا في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين وله 7 إخوة، ونشأ يتيم الأب. في عام 2002، قتلت القوات الإسرائيلية والدته سميرة وشقيقه طه.

وفي 15 مايو/أيار الماضي، استشهد نجله داوود في مستشفى “رمبام” بحيفا متأثرًا بجراح أصيب بها في اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي في جنين، وفي سبتمبر/أيلول 2024، قتلت إسرائيل ابنه محمد زكريا الزبيدي مع مجموعة من الفلسطينيين في غارة جوية.

الأسير زكريا الزبيدي “يسار” ونجله محمد (الصحافة الفلسطينية)

محاولات اغتيال

نجا الزبيدي 4 مرات من محاولات اغتيال، أبرزها في عام 2004، حيث قتلت القوات الإسرائيلية 5 فلسطينيين بعد استهداف مركبة كان يُعتقد أن الزبيدي بداخلها.

في العام ذاته، اقتحمت قوة إسرائيلية خاصة مخيم جنين لتصفية الزبيدي، لكنها اشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين وتمكن الزبيدي من الفرار.

العفو وإعادة الاعتقال

بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، أعلن الرئيس الجديد محمود عباس حل كتائب “شهداء الأقصى”، والبدء بمسار سياسي مع إسرائيل.

في 15 يوليو/تموز 2007، أعلنت إسرائيل عفوًا عن مسلحي “كتائب شهداء الأقصى”، بينهم الزبيدي، ومع ذلك، ألغت إسرائيل العفو في 29 ديسمبر/كانون الأول 2011، واعتُقل الزبيدي مرة أخرى في 27 يناير/كانون الثاني 2019، بتهم تتعلق بـ”أنشطة تحريضية جديدة”.

حصل الزبيدي على الشهادة الثانوية ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية رغم حياة المطاردة والمقاومة والاعتقال. حضّر رسالة ماجستير بجامعة بيرزيت بعنوان “الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018″، مشبّهًا نفسه بالتنين الذي يغلب الصياد بعد مطاردة طويلة.

المصدر : الأناضول + الجزيرة مباشر

إعلان