هل تكسر كلمة واحدة حلقة اليأس؟ نصائح لتجنب تأثير الوحدة القاتلة في كبار السن

قصة لا تُروى إلا عندما يُسأل المسن: ما رأيك؟

الشعور بالوحدة لدى المتقدمين في العمر يسبب الاكتئاب
الشعور بالوحدة لدى المتقدمين في العمر يسبب الاكتئاب (غيتي)

قالت مجلة (سيكولوجي توداي) الأمريكية في تقرير لها إن الوحدة هي “الوباء الصامت” لدى كبار السن، محذرة من آثار مدمرة على الصحة البدنية والنفسية للأشخاص الذين يشعرون بالوحدة في شيخوختهم.

وقدَّم التقرير نصائح لجعل الأشخاص في سن متقدمة يشعرون بأهميتهم، ويتجنبون التأثيرات القاتلة للوحدة.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

وقال التقرير إن تجنب الوحدة لا يتعلق فقط بالتواصل الاجتماعي، بل أيضا بالشعور بالأهمية، فحتى في المجتمعات التي تخصص الكثير من الأنشطة لكبار السن، فإنهم يظلون يشعرون بأنهم منسيون وأنه لا حاجة إليهم.

أحد أهم أسباب الاكتئاب

وأوضح التقرير، الذي أعدته الباحثة رابيا كارامالي، أن الشعور بالوحدة يسبب تأثيرا سلبيا عميقا في الصحة النفسية، مشيرا إلى أن الأبحاث أظهرت أن ثلث كبار السن يعانون الاكتئاب، وأن الوحدة من أقوى العوامل المؤدية إلى الاكتئاب.

وفق ما أوضحته كارامالي، فإن الوحدة ترتبط بالقلق، وتدهور الإدراك، والخرف، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وحتى الوفاة المبكرة.

وأشارت إلى أن الوحدة غالبا ما ترتبط بمخاوف من الشعور بعدم الاحتياج، مما يؤكد أهمية أن يشعر كبار السن بالأهمية.

القيام بأنشطة اجتماعية يخفف كثيرا من الشعور بالوحدة لدى المتقدمين في العمر
القيام بأنشطة اجتماعية يخفف كثيرا من الشعور بالوحدة لدى المتقدمين في العمر (غيتي)

الدور الوقائي للإحساس بالأهمية

بالنسبة للعديد من كبار السن، فإن الشعور بأنهم ما زالوا مهمين، وأن هناك من يُقدّر وجودهم، ويعتمد عليهم، ويلاحظ إسهاماتهم، يمكن أن يشكل درعا واقيا ضد الوحدة.

وبحسب تقرير “سيكولوجي توداي”، أظهرت دراسة أُجريت على كبار السن في دور الرعاية في مصر أن الشعور بالأهمية يخفف بشكل كبير من وطأة الوحدة، فعندما يشعر كبار السن بأنهم مهمون، فإن تأثير الوحدة ينخفض بشدة.

وتتماشي هذه الأبحاث مع نظرية النمو النفسي الاجتماعي، التي اقترح فيها إريك إريكسون أن مرحلة الشيخوخة تتسم بالصراع بين الإنتاجية والركود أو اليأس. فعندما يشعر المُسنون بأنهم لا يسهمون بشيء، تتدهور صحتهم النفسية.

الخطر المزدوج

وعندما تجتمع الوحدة بعدم الأهمية، تكون النتائج مدمرة، إذ يشير علماء النفس إلى ظاهرة تُسمى “الخطر المزدوج للشيخوخة”.

ففي دراسة أجراها علماء النفس ماك كومب وغولدبيرغ وفليت وروز، عام 2020، وجدوا أن الأشخاص الذين شعروا بالوحدة وعدم الأهمية كانوا أكثر عرضة للاكتئاب وفقدان الأمل من أولئك الذين واجهوا أحد الشعورين فقط.

وبالنسبة لكبار السن، يمكن لهذا “الخطر المزدوج” أن يؤدي إلى الانطواء واليأس وزيادة القابلية للانتحار.

كيف نعيد الشعور بالأهمية؟

أشارت الباحثة كارامالي إلى أنه حتى إذا زال إحساس الأهمية عند كبار السن، فإنه من الممكن إعادة بنائه من خلال خطوات بسيطة ومعنوية، حيث يمكن للعائلات ومقدمي الرعاية والمجتمعات أن يصنعوا فرقا كبيرا في تجربة الأشخاص الذين يعيشون فترة الشيخوخة. ومن هذا الخطوات:

طلب الحكمة

أول خطوة يشير اليها التقرير هو طلب الحكمة، إذ ينصح بتشجيع كبار السن على مشاركة قصصهم ودروسهم من الحياة ونصائحهم.

ومن الممكن أن يكون لسؤال بسيط مثل “ما رأيك؟” أن يوصل رسالة بأن صوتهم لا يزال مهمّا.

منحهم أدوارا ذات معنى

يحث التقرير على منح كبار السن أدوارا ومهام ليشعروا بالأهمية والاحتياج، مثل توفير فرص للإشراف على الشباب أو التطوع أو قيادة الأنشطة الجماعية، إذ تذكّر هذه الأدوار كبار السن بقيمتهم وأهمية إسهاماتهم.

تغيير تصوُّر الشيخوخة

غالبا ما تُصوَّر الشيخوخة بأنها مرحلة من التدهور، لكن التقرير يشير إلى أن تسليط الضوء على نقاط القوة لدى كبار السن، مثل المثابرة والفكاهة والإبداع واللطف، يغيّر التصور المتعارف عليه بشأن هذه الفترة، من كونهم أشخاصا يتلقون الرعاية دون أي اسهام، إلى أشخاص فاعلين في المجتمع.

التشجيع على الترابط بين الأجيال

يحث التقرير على تبنّي البرامج التي تربط بين الشباب وكبار السن، لكونها تقلل من الشعور بالوحدة، وتؤكد أن كل جيل يضيف إلى الآخر، وأن كلا منهما يحتاج إلى الآخر.

يختتم التقرير بالتأكيد أن الوحدة ليست أمرا حتميا في الشيخوخة، إذ يشير إلى أن ما يجعلها مشكلة للمتقدمين في العمر هو غياب التقدير والاعتراف بأهميتهم، وليس غياب الآخرين من حولهم.

ويؤكد أن العلاج بسيط، لكنه مهم وفعال، ويتمثل في رسالة معبرة بالكلمات والأفعال، تقول بوضوح: نحن نراك، ونحتاج إليك، فأنت ما زلت مهمّا.

المصدر: الجزيرة مباشر + مواقع أجنبية

إعلان