“اكتمال القمر”.. هل يؤثر حقا في سلوكك وحالتك المزاجية؟
بين العلم والخرافات

لطالما ارتبط القمر الكامل بسلوكيات غريبة وتصرفات غير مألوفة لدى البشر، حتى أن عبارة “لا بد أن يكون القمر بدرا” أصبحت شائعة عند مواجهة سائقين مهملين أو تصرفات غير طبيعية.
وتعود هذه المعتقدات إلى القرن الأول الميلادي، حين افترض الفيلسوف اليوناني أرسطو والمؤرخ الروماني بليني الأكبر أن اكتمال القمر يثير الجنون، وهو ما انعكس لاحقا في مصطلح “مجنون” المستمد من اللاتينية (lunaticus) بمعنى “مرتبط بالقمر”.

أصل الخرافة وتاريخها
وفي اعتقاد قديم، كان يُعتقد أن دماغ الإنسان يتأثر بالقمر كما تتأثر مياه الأرض بالمد والجزر، ويستطيع القمر إحداث الجنون أو الصرع أو نوبات الهياج العقلي.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4دراسة: هذه أخطر القرارات التي يواجهها الناس في حياتهم
- list 2 of 4كيف تصنع موسيقى أفلام الرعب خوفا يلاحقك حتى بعد انتهاء العرض؟
- list 3 of 4السودان.. مبادرة طبية في “الدبة” ودعم نفسي للأطفال النازحين من الفاشر (فيديو)
- list 4 of 4“تخاف من أي ضوضاء”.. شاب في غزة يساند شقيقته الصغيرة الناجية من القصف الإسرائيلي (فيديو)
وحتى في العصر الحديث، تناول بعض الخبراء هذه النظرية، مثل الطبيب النفسي أرنولد ليبر، الذي كتب أن جسم الإنسان المائي بنسبة 70% قد يتأثر بمراحل القمر مثل المحيطات، وزعم أن القمر الكامل يرفع معدلات الجرائم وحوادث السيارات وحالات الطوارئ النفسية.
إلا أن الدراسات العلمية الحديثة دحضت هذه الفكرة، فقد أظهرت تحليلات شملت 37 دراسة مقارنة بين مراحل القمر وحوادث الجرائم والانتحار والمشاكل النفسية، عدم وجود أي علاقة واضحة.
كما أظهرت دراسات أخرى عدم ارتباط القمر الكامل بالقبول في المستشفيات أو السلوك العدواني، بل إن بعض الدراسات أشارت إلى انخفاض جرائم القتل خلال اكتمال القمر.
تأثير القمر في الحالة المزاجية
ورغم ذلك، تستمر الخرافات حول القمر الكامل، إذ يرى بعض الباحثين أن تأثير القمر في نوم أسلافنا نتيجة ضوئه الساطع، قد يفسر بعض التغيرات السلوكية المرتبطة بالحالة المزاجية.
ويشير الخبراء إلى أن الاعتقاد القوي بتأثير القمر، غالبا ما يكون ارتباطا وهميا أو نتيجة تحيز تأكيدي، إذ يميل الناس إلى ملاحظة الأحداث الغريبة أثناء اكتمال القمر وتذكرها أكثر من غيرها.
وإلى جانب المعتقدات الشعبية، يحتل القمر مكانة روحية مهمة في العديد من الثقافات حول العالم، فقد اعتقد الأمريكيون الأصليون، على سبيل المثال، أن “الجدة القمرية” تتحكم بالمد والجزر وترعى مياه الأرض، وكان القمر الكامل يستخدم لتتبع مرور العام.

“الجدة القمرية”
و”الجدة القمرية” (Grandmother Moon) مصطلح يستخدم في بعض الثقافات الأصلية، خاصة لدى الأمريكيين الأصليين، للإشارة إلى القمر باعتباره كيانا حيا أو روحيا يشبه الجدة التي ترعى وتحمي.
ورغم دحض العلم للعديد من الأساطير المرتبطة بالقمر، يظل وجوده وارتباطه بالثقافة والفلكلور مصدر اهتمام للكثيرين.
فقد لا يكون القمر الكامل مسؤولا عن السلوكيات الغريبة أو القيادة السيئة، إلا أن الوعي بوجوده يمكن أن يؤثر في سلوك الإنسان بطرائق واعية، كما تضيف أجواؤه الغامضة متعة للاحتفالات الموسمية مثل “الهالوين”.
