“فقدت بصري بسببه”.. غضب متصاعد في محافظة قابس التونسية بسبب أضرار المجمع الكيميائي على الأهالي (شاهد)

دخل سكان محافظة قابس التونسية، أمس الثلاثاء، في إضراب عام، احتجاجا على استمرار نشاط وعمل “المجمع الكيميائي” بمحافظتهم التي تعاني منذ عقود منه، بسبب تلويثه للهواء وتسببه في أمراض للأهالي نتيجة الغازات الملوثة التي تصدر عنه.
وشارك في الإضراب، الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والإدارية، حيث أغلقت المتاجر والمقاهي وعدد من المؤسسات الصناعية والإدارية أبوابها، كما تعطلت الدروس في المدارس والمعاهد، وشارك الأهالي في مسيرة حاشدة للمطالبة بتفكيك وحدات المجمع ونقلها بعيدا عن المناطق السكنية دفاعا عن حقهم في بيئة نظيفة وآمنة.
والتقت الجزيرة مباشر، بالسيدة نبيلة عجمي، وهي خمسينية من أهالي المدينة، التي تحوّلت قصتها إلى رمز لما تصفه بـ”الظلم البيئي” بعد أن أصيبت بالعمى نتيجة تعرضها للغازات المتسربة التي أصابتها أيضا بجفاف في الكبد، حسبما قالت للجزيرة مباشر.
وتحدثت نبيلة بنبرة حزينة، بقولها “أعيش في غرفة مغلقة، لا أفتح النوافذ، ولا الأبواب، ولا أسمح لأي هواء من الخارج بالدخول… الهواء هنا قاتل، وأنا حياتي مهددة”.
صرخة غضب: نختنق يوميا
بدورها قالت ابنتها منى بوعلي، التي شاركت في الاحتجاجات المطالبة بإغلاق المجمع الكيميائي، للجزيرة مباشر “نطالب السلطات بتفكيك هذه الوحدات التي تدمر صحة الناس وحياتهم، لم يعد بإمكاننا الصمت أو التعايش مع هذا الوضع، فكل يوم يمر يزداد الخطر على حياتنا”.
وأشارت منى إلى أن الأضرار لم تقتصر على والدتها فقط، حيث يعاني نساء المنطقة من التهابات جلدية وحساسية مزمنة، بسبب الغازات والمواد الكيميائية المتسرّبة إلى الهواء والماء.
وأضافت “حتى الأطفال لم يسلموا، كثير من الأطفال هنا أصيبوا بهشاشة العظام رغم صغر سنّهم. تخيّل أن تلِد أمٌّ طفلًا ثم تراه لا يستطيع الجري أو اللعب بسبب هذا الهواء!”.
وختمت منى حديثها بمطالبتها بتفكيك المجمع الكيميائي، مضيفة “لا نريد حلولًا ترقيعية، بل نريد أن نعيش بكرامة، لا أن نختنق كل صباح”.
ناشط بيئي: المجمع يعمل خارج القانون
أما الناشط البيئي خير الدين دبية، فقد شدّد في حديثه للجزيرة مباشر، على خطورة الوضع بسبب المجمع الكيميائي، قائلا “نحن لا نتحدث عن تلوّث عابر، بل عن غازات ذات طبيعة سامة ومسرطنة، بعضها يحتوي على مركّبات الكبريت والفسفور الخطرة”.
وأضاف دبية أن الفترة القانونية لنشاط المجمع الكيميائي في قابس انتهت منذ سنوات، ورغم ذلك لا تزال الوحدات تعمل، و”كأن شيئًا لم يكن”، وهذا يعد خرقا واضحا للقانون، وتهديدا مباشرا لحياة المواطنين.
وأكد الناشط البيئي التونسي أنهم يطلبون تفكيك الوحدات وتأهيل البيئة ورفع الضرر عن السكان.
وزير الصحة: مطالب قابس مشروعة
في ظل هذا الوضع، تتواصل الاحتجاجات بينما لم يصدر رد رسمي من السلطات المعنية، لكن وزير الصحة مصطفى الفرجاني، اعتبر خلال جلسة عامة في مجلس النواب أن مطالب الأهالي بقابس مشروعة دستوريا وإنسانيا، مشددا على أن المؤسسات التي تلتزم بالمعايير البيئية هي الأكثر قدرة على الصمود والمنافسة.
كما أوضح الوزير أن الوضع الحالي هو نتيجة تراكم الاختلالات والوعود غير المنجزة على مدى عقود، مؤكدًا عدم تسامح الحكومة مع كل من قصّر في تحمّل مسؤولياته اتجاه البيئة واتجاه حقّ الأهالي في مناخ سليم.