آخر صوت سُمع قبل انقطاع البث.. مذيع يروي تفاصيل لحظات عصيبة في تلفزيون السودان (فيديو)

“بدأت تقديم البرنامج وكنت أسمع أصوات إطلاق نار بعيدة، لكنها سرعان ما اقتربت. حاولت تهدئة المشاهدين بالقول إن الأوضاع في الخرطوم تحت السيطرة، لكن بعد لحظات دوى انفجار ضخم هزّ المبنى”.
بهذه الكلمات يروي المذيع السوداني مبارك خاطر -وهو آخر من ظهر على شاشة تلفزيون السودان قبل أن ينقطع بثه الرسمي في صباح الخامس عشر من إبريل/نيسان 2023- دخول قوات الدعم السريع إلى مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون بأم درمان، في واحدة من أكثر اللحظات درامية في تاريخ الإعلام السوداني الحديث.
وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة مباشر، روى خاطر تفاصيل تلك الساعات قائلًا إن فجر ذلك اليوم كان مختلفًا عن كل يوم عمل سابق.
“المشهد في الخارج لم يكن مألوفًا”
وقال “حضرت إلى مقر الإذاعة والتلفزيون في الثامنة صباحًا لتقديم برنامج سياسي، لكن المشهد في الخارج لم يكن مألوفًا. فعناصر الدعم السريع الذين اعتدنا رؤيتهم في محيط الهيئة لم يكونوا في مواقعهم المعتادة، بل كانوا على سيارات دفع رباعي في حالة تأهب، والمنطقة تعيش صمتًا مريبًا”.
وأضاف خاطر أن أحد عناصر الاستخبارات العسكرية أبلغهم وقتها بأن الأوضاع “غير طبيعية”، وطلب منهم البقاء داخل المبنى، بينما وجّه مدير الهيئة إبراهيم البزعي ببدء البث في وقت مبكر نظرًا إلى تسارع الأحداث وتوقع صدور بيانات عسكرية خلال دقائق.
واستطرد قائلا: “بدأت تقديم البرنامج وكنت أسمع أصوات إطلاق نار بعيدة، لكنها سرعان ما اقتربت.. حاولت تهدئة المشاهدين بالقول إن الأوضاع في الخرطوم تحت السيطرة”.
دوى انفجار ضخم هزّ المبنى
وأضاف “لكن بعد لحظات دوى انفجار ضخم هزّ المبنى، وكان نتيجة تفجير دبابات كانت تحرس الهيئة. بعدها سقطت قذيفة داخل الاستوديو، وانقطع الإرسال تمامًا وسط الدخان والظلام”.
وقال خاطر، إن قوات الدعم السريع اقتحمت المبنى، “وهدّد أحد أفرادها بقتلنا جميعًا، ثم جمعونا في غرفة صغيرة وبقينا هناك حتى الرابعة عصرًا”.
وأضاف “أُتيح لمن يرغب في المغادرة أن يخرج، فذهبت إلى مبنى الإذاعة الملاصق للتلفزيون وخلعت بدلتي الرسمية، ظنًّا أن الأوضاع قد تهدأ، لكن الاشتباكات كانت تزداد ضراوة”.
إعادة تشغيل البث
ويشير خاطر إلى أن بعض الأشخاص خرجوا لاحقًا من مبنى الهيئة وكانوا على تواصل مباشر مع قوات الدعم السريع، وحاولوا إعادة تشغيل البث دون أن يتمكنوا من ذلك.
وتذكر خاطر ما حدث بعد ذلك قائلا: “لن أنسى ذلك اليوم ما حييت، خرجت سيرًا على الأقدام لمسافة طويلة وسط مدينة مشلولة تمامًا. لم تكن هناك سيارات نقل عام، والناس في حالة ذهول وصمت تام”.
واستمر انقطاع البث لأشهر عدة، قبل أن تتمكن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من استئناف بث إذاعة أم درمان من مدينة عطبرة شمالي السودان، والتلفزيون من مدينة بورتسودان في شرق البلاد.