ترقب رسمي وشعبي للعوائد الدولارية.. متى تستعيد قناة السويس عافيتها؟

خسائر مصر من تراجع حركة الملاحة في قناة السويس بلغت 7 مليارات دولار
خسائر مصر من تراجع حركة الملاحة في قناة السويس بلغت 7 مليارات دولار (رويترز)

في سوق التوفيقية لبيع قطع غيار السيارات المستوردة بقلب القاهرة، وعلى مقربة منه بشارع نجيب الريحاني حيث مراكز بيع قطع غيار الأجهزة الكهربائية المستوردة، لا حديث إلا عن السفن التجارية المتأخرة في الموانئ وتكاليف الشحن المرتفعة.

في القلب من هذا الحديث قناة السويس وتعثر الملاحة في جنوب البحر الأحمر، كما يقول عادل الباشا تاجر قطع غيار سيارات للجزيرة مباشر، مشيرا إلى أن الأزمة أدت لارتفاع الأسعار وتحميلها للمشتري.

وتحدَّث الباشا عن حالة من “الضجر” في أوساط التجار قبل المشترين، لكنه قال إن الكل ينتظر “عودة المياه إلى مجاريها” في قناة السويس قريبا جدا.

وعلى أرصفة تلك الشوارع المكتظة بوسط العاصمة المصرية، تباع قطع الغيار المستعملة بوصفها الملاذ الوحيد بسبب نقص الواردات.

نقص كبير في قطع غيار السيارات بسبب قلة الاستيراد
نقص كبير في قطع غيار السيارات بسبب قلة الاستيراد (الجزيرة مباشر)

وقال أسامة إيراهيم -موظف بوزارة السياحة- للجزيرة مباشر إنه يبحث عن قطعة غيار مستعملة لإعادة تشغيل موتور الثلاجة المنزلية الذي تعطل بفعل تذبذب التيار الكهربي قبل شهرين. ولا يعرف إبراهيم كثيرا عن تداعيات صواريخ الحوثيين على السفن العابرة بجنوب البحر الأحمر، لكنه قال “ربنا يصلح الحال”.

فجوة دولارية كبيرة

وبينما يترقب الشارع والتجار وصول “نواقص السلع” تتطلع الحكومة إلى تعويض خسائر بلغت 7 مليارات دولار نتيجة تعثر الملاحة بقناة السويس، بينما تتزايد الضغوط على الجنيه المصري على خلفية فجوة دولارية خطيرة، كما قال الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام للجزيرة مباشر، متوقعا انعكاسات إيجابية لوقف إطلاق النار في غزة وتوقف التهديد الحوثي لحركة الملاحة.

وأشار عبد السلام إلى أن نشاط قناة السويس يُعَد أحد أبرز موارد النقد الأجنبي في مصر، وأن حركتها تفتح الباب لانتعاش السياحة إضافة إلى إحياء قطاعات وأنشطة اقتصادية مهمة في مقدمتها الصادرات والبناء والتشييد والمقاولات.

ورأى عبد السلام أن قناة السويس من أبرز القطاعات المستفيدة من وقف الحرب على غزة، وتوقع أن تستعيد عافيتها قريبا جدا مع عودة سفن الشحن ونقل النفط والغاز للإبحار في باب المندب والبحر الأحمر وتوقف هجمات الحوثي على السفن العابرة بالمنطقة، سواء التي تحمل العلم الإسرائيلي أو أعلام الدول التي كانت داعمة لحرب الإبادة الجماعية في غزة، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

ولفت عبد السلام إلى أن تدفق الموارد الدولارية على قناة السويس سيسهم حتما في دعم سوق الصرف الأجنبي، ويوفر سيولة دولارية مهمة في توقيت حرج للخزانة المصرية.

الحكومة تتنفس الصعداء

أما الحكومة فقد بدأت تتنفس الصعداء بينما تستعد قناة السويس لاستقبال المزيد من الخطوط الملاحية الكبرى مع عودة حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر تدريجيا إلى مسارها الطبيعي.

وترى الحكومة فرصة كبرى في توقف الحرب على غزة وقبلها لبنان مع تراجع الأخطار في الشرق الأوسط، وتأمل تعويض خسائر المليارات السبعة، التي سبق أن تحدَّث عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأعلن رئيس غرفة ملاحة السويس والبحر الأحمر محمد عبد القادر جاب الله، في تصريح للصحفيين، عن توقعات بعودة الملاحة في البحر الأحمر إلى طبيعتها تدريجيا خلال الأسابيع المقبلة، مشيرا إلى أن بعض الخطوط الملاحية الأصغر حجما بدأت بتغيير مسارها نحو قناة السويس التي تخفض تكاليف الشحن بنحو 30%.

وكشف رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي الأربعاء، عن التواصل مع كبرى شركات الشحن العالمية لبحث إمكانية استئناف الحركة عبر قناة السويس خلال الفترة المقبلة، مع استقرار الأوضاع في البحر الأحمر.

أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس وجه رسالة طمأنة لشركات الملاحة العالمية
أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس وجَّه رسالة طمأنة لشركات الملاحة العالمية (رويترز)

رسالة طمأنة لشركات الملاحة

ووجَّه رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع رسالة طمأنة خلال اجتماع الخميس مع ممثلي 23 جهة ملاحية عالمية، وقال في بيان إن القناة جاهزة لاستقبال كل الخدمات الملاحية، مضيفا أن الأوضاع في البحر الأحمر تشهد مؤشرات إيجابية.

ورغم التفاؤل الحكومي المعلَن فإن وزير التجارة الخارجية والاستثمار حسن الخطيب قال قبل أيام أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا “لن تعود حركة المرور إلى قناة السويس بشكل فوري كما نتصور”، مضيفا “سندرس الأمر وسنتحدث مع مالكي السفن”.

ومن شأن الهدنة في غزة أن ترفع من احتمالات تراجع الهجمات، رغم أنه من غير المتوقع أن تعود حركة الشحن سريعا، طبقا لتقديرات بلومبرغ التي قالت في هذا الصدد إن عودة حركة الشحن إلى طبيعتها بإحدى طرق التجارة الرئيسية في العالم “تُعَد بمثابة تطورات إيجابية لمصر في وقت تتطلع فيه إلى الخروج من أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها منذ عقود، إذ سمحت البلاد للعملة بالانخفاض بنحو 40% في مارس (آذار) الماضي، وحصلت على دعم جديد من صندوق النقد الدولي وآخرين ضمن خطة إنقاذ عالمية بلغت قيمتها 57 مليار دولار”.

من جانبها، رأت شركات الشحن مثل “إيه بي مولر ميرسك” أنه من السابق لأوانه التخطيط للعودة إلى استخدام مسار البحر الأحمر. وذكرت ميرسك في بيان أن “الأخطار الأمنية لا تزال عند مستوى مرتفع”، معربة عن أملها في “التوصل إلى حل مستدام قريبا”.

ويمر نحو 15% من التجارة البحرية عالميا عبر قناة السويس، البوابة الملاحية الأقصر بين أوروبا وآسيا، وعودتها إلى مسارها تسهم في زيادة الإيرادات الدولارية وتدعم استقرار الجنيه مع نظرة متفائلة وتوقعات بتأثيرات إيجابية على مجمل أداء الاقتصاد المصري، كما قال الخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام للجزيرة مباشر.

وأضاف عبد السلام أن عودة الملاحة إلى وضعها المعتاد في قناة السويس سيزيد موارد الدولة من النقد الأجنبي، ويساعد على الحد من الإفراط في الاقتراض الخارجي.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان