السلطات السورية تسيطر على معابر تهريب ومصانع كبتاغون في القصير قرب الحدود اللبنانية

في منطقة جبلية خلابة ذات مسالك ترابية شديدة الوعورة قرب الحدود اللبنانية، أوعز مسؤول أمني سوري لأفراده بإطلاق النار على أقفال باب حديدي لمبنى مهجور. وقال بعد تمشيط المكان “هذه مصانع كبتاغون ومخدرات”.
وأطلقت السلطات السورية الجديدة، الأسبوع الماضي، حملة في منطقة القصير بمحافظة حمص لمكافحة التهريب عبر الحدود السورية اللبنانية المتداخلة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأحمد الشرع بين تحديات الداخل وضغوط الخارج
هذا عدد السوريين الذين عادوا من تركيا منذ سقوط النظام المخلوع
الشرع: لم نفرض التجنيد الإجباري وآلاف المتطوعين انضموا إلى الجيش السوري الجديد
وكان نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد قد توسع في تصنيع الكبتاغون وتهريبه، للحصول على الأموال اللازمة بعد التراجع الشديد لقدرات النظام، خاصة مع خروج أغلبية مناطق إنتاج النفط شمالي سوريا عن سيطرة النظام، والعقوبات المفروضة عليه.
في قرية حاويك على بُعد مئات الأمتار من الحدود اللبنانية، قال مدير أمن الحدود في منطقة حمص الرائد نديم مدخنة لوكالة الأنباء الفرنسية “نبدأ الآن تمشيط المصانع التي استخدمها حزب الله وفلول النظام البائد، بعدما أصبحت المنطقة تحت سيطرة الإدارة العسكرية وإدارة أمن الحدود”.
وأضاف مدخنة “في زمن النظام البائد، كانت المنطقة تُعَد الشريان الاقتصادي لحزب الله وتجار المخدرات والسلاح”.
التداخل بين منطقتي القصير والبقاع
قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، كان الآلاف من اللبنانيين يقيمون منذ عقود إلى جانب السوريين في منطقة القصير التي تتداخل حدودها مع منطقة البقاع الشمالي في شرق لبنان، وتضم الكثير من المعابر غير الشرعية التي كانت تُستخدم منذ عقود للتهريب.

في المبنى الذي دهمه أفراد إدارة أمن الحدود، شاهد مراسلو وكالة الأنباء الفرنسية أكياسا تحتوي على حبوب الكبتاغون، وعاينوا في المبنى ذاته وفي مبنى آخر معدات تُستخدم في صناعة المادة المخدرة ذات الشهرة الواسعة.
وتوحي صحون الطعام المحضَّر المتروكة في مطبخ أحد هذين المبنيين بأن مستخدميه غادروه على وجه السرعة.
وما زالت المسالك الترابية المغطاة أطرافها بالثلوج والمؤدية إلى هذه المنشآت تحمل آثار سواتر ترابية نصبها المهربون على عجل “لتأخير تقدُّمنا”، حسب المسؤول في إدارة الحدود.
معارك مع فلول نظام الأسد
وخاضت القوات السورية في الأيام الماضية -وفق مدخنة- معارك عنيفة مع مسلحين “موالين لحزب الله وفلول النظام” بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مشيرا إلى أنه “كان لديهم أيضا راجمات صواريخ”.
وشوهدت آليات محترقة على جانب الطرق في حاويك، والأضرار في المباني والقصور الفارهة، “التي بناها تجار المخدرات في الأراضي السورية”، كما قال سكان محليون عن ضراوة المعارك.
وإضافة إلى “تفكيك” مصانع المخدرات، أوضح مدخنة أن قواته تعمل على مكافحة أنشطة مهربي السلاح والسلع، وهم وفق السكان من حاملي الجنسيتين اللبنانية والسورية.
وتنسق قوات الأمن السورية مع الجيش اللبناني الذي أعلن، السبت، تعزيز انتشاره عند الحدود الشمالية الشرقية، وإيعازه لأفراده بالرد على مصادر النيران التي تُطلَق من الجانب السوري اتجاه الأراضي اللبنانية، من دون أن يحدد مصدرها.
ويتشارك لبنان وسوريا حدودا بطول 330 كيلومترا غير مرسمة في أجزاء كبيرة منها وخصوصا في شمال شرق البلاد، مما جعلها منطقة سهلة للاختراق من جانب مهربين أو صيادين وحتى لاجئين.
“هُجّرنا رغما عنا”
بعد الإطاحة بنظام الأسد، بدأ سكان بلدة القصير بالعودة إليها بعد سنوات تهجير طويلة هربا من القصف وملاحقة السلطات السابقة، وسط دمار واسع.
وروى سكان كثيرون لوكالة الأنباء الفرنسية أن العديد من العائلات اللبنانية سكنت المنطقة منذ عام 2013، وغادرت ليلة الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.