قرارات ترامب المتتالية لرفع الرسوم الجمركية تثير مخاوف قطاع السيارات الأمريكي

أثارت سلسلة من قرارات رفع الرسوم الجمركية، التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأسابيع الأخيرة، توترا لدى شركات صناعة السيارات الأمريكية، التي تؤدي دورا مهمّا في اقتصاد البلاد.
وأعلن ترامب، الجمعة، أنه يعتزم فرض رسوم جمركية جديدة على السيارات المستوردة، في حدود الثاني من إبريل/نيسان المقبل.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsماكرون لـ”فايننشال تايمز”: ترامب عاد كصاعقة كهربائية
رئيسة المكسيك تهدد برفع دعوى قضائية ضد غوغل بسبب “خليج أمريكا”
خطوة جديدة بين واشنطن وموسكو بعد أيام من اتصال ترامب وبوتين
ووقَّع ترامب، الخميس، أمرا تنفيذيا يسمح بفرض رسوم جمركية متبادلة على شركاء بلاده التجاريين ومنافسيها في آن معا، في تصعيد جديد لحرب تجارية يحذر خبراء اقتصاديون من تداعياتها التضخمية داخل الولايات المتحدة.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي إنه قرر فرض الرسوم الجمركية المتبادلة، مضيفا أن حلفاء الولايات المتحدة “هم غالبا أسوأ من أعدائنا” على الصعيد التجاري.
زيادة تكلفة إنتاج السيارات
وبينما جرى التلويح ببعض التهديدات، مثل الإعلان عن رسوم جمركية بنسبة 25% على المكسيك وكندا قبل تعليقها، فإن هجوم ترامب المتعدد الوجه على النظام التجاري الدولي يراكم ضغوط تكلفة الإنتاج، وفقا لخبراء صناعة السيارات.
وفرض ترامب رسوما جمركية إضافية بنسبة 10% على الواردات من الصين، أحد الموردين الرئيسيين لقطع غيار السيارات، ومن المرجح أن يؤثر فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم، التي تدخل حيز التنفيذ في 12 مارس/آذار المقبل، في تكاليف تصنيع السيارات الأمريكية، إذ إنها من المدخلات الأساسية لهذه الصناعة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة فورد، جيم فارلي، هذا الأسبوع “الأمر أشبه بقليل هنا وقليل هناك، لكن لن تكون (الرسوم) قليلة في المجمل”.
ولم يُلاحَظ أي تراجع في سيل التعليمات التجارية الصادرة عن البيت الأبيض. وعندما وقَّع ترامب، الخميس، خططا لفرض “رسوم جمركية متبادلة” واسعة مع شركاء تجاريين، سلط الضوء على اختلال التوازن بين الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على واردات السيارات مثالا رئيسيا على ما كان يستهدفه.
فجوة في صناعة السيارات الأمريكية
وإذا فُرضت الرسوم الجمركية المعلَّقة على المكسيك وكندا في نهاية المطاف، التي تصل نسبتها إلى 25%، فإنها حسب فارلي “ستُحدث فجوة” في صناعة السيارات الأمريكية التي دُمجت مع جيرانها منذ اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) في تسعينيات القرن الماضي.
وقال الخبير الاقتصادي في شركة كوكس أوتوموتيف، تشارلي تشيسبرو، إن “معظم الناس يدركون الخطر، لكنهم لا يعتقدون أن ذلك سيُحدث صدمة كبيرة”.
وتمتلك شركات صناعة السيارات الأجنبية أيضا استثمارات واسعة النطاق في المكسيك وكندا، إضافة إلى استثماراتها الضخمة في ديترويت، كبرى مدن ولاية ميشيغان الأمريكية، التي تُعَد أحد المراكز المهمة لصناعة السيارات.
وتمتلك شركة هوندا مصانع في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وأي من السيارات التي باعتها في السوق الأمريكية في عام 2024 لم تستوردها من اليابان، حسب أرقام شركة غلوبال داتا للاستشارات.

حماية الصناعة الأمريكية
ويرى ترامب أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى زيادة الإيرادات، فضلا عن كونها حافزا لشركات عالمية لزيادة التصنيع في الولايات المتحدة، ومن ثَم حماية صناعة السيارات المحلية في الولايات المتحدة.
ووضع ترامب الرسوم الجمركية في صلب شعاره “أمريكا أولا”، ورأى أنها وسيلة لتصحيح المعاملة “غير العادلة” من جانب الحلفاء التجاريين.
وأشارت دراسة نشرها البيت الأبيض، الخميس، إلى أن الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما جمركية بنسبة 10% على السيارات المستوردة، مقابل رسوم بنسبة 2.5% تفرضها الولايات المتحدة.
وداخل الاتحاد الأوروبي، تُعَد شركات صناعة السيارات الألمانية أكبر مصدر لواردات السيارات الأمريكية المباشرة من أوروبا. وتشمل هذه المجموعة العلامات التجارية الفاخرة، مثل بي إم دبليو ومرسيدس بنز وأودي، التي تمتلك أو تشكل جزءا من شركات تدير أيضا مرافق تصنيع في الولايات المتحدة.
وقال نائب رئيس الأبحاث العالمية في غلوبال داتا، جيف شوستر، إن استرضاء إدارة ترامب بشأن الرسوم الجمركية على السيارات في الاتحاد الأوروبي قد يكون غير مؤلم نسبيا بالنسبة إلى بروكسل.
وأضاف شوستر “السيارات الأمريكية، وخصوصا تلك التي تحظى بشعبية هنا، لن تحظى بشعبية في أوروبا”، متوقعا ألا يكون لإلغاء الرسوم تأثير يُذكر.
معضلة أمام الشركات غير الأمريكية
ويعتقد محللون في القطاع أن شركات صناعة السيارات الأجنبية قد تكشف في الأشهر المقبلة عن خطط لتوسيع أو بناء مصانع جديدة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإنها تواجه معضلة تتمثل في نوع السيارات التي يجب تصنيعها بسبب الاتجاهات المتغيرة للسياسة الأمريكية.
وبينما تسعى إدارة ترامب إلى إحداث تغيرات في التجارة الدولية فإنها تشير إلى قلب مسار الجهود الرامية إلى تعزيز قدرة السيارات الكهربائية، مما يجعل الولايات المتحدة على خلاف مع أوروبا والصين وغيرها من الأسواق الرئيسية.
والمهلة الزمنية الطويلة في صناعة السيارات تعني أن السيارات التي ستخرج عن قرارات الاستثمار الحالية قد لا تصل إلى السوق لأربع أو 5 سنوات. وقال شوستر “بصفتنا شركات عالمية، ليس من الفعالية بمكان أن تكون لدينا استراتيجيات مختلفة في كل سوق”.