تبحث عن ابنها المفقود منذ 11 عاما.. قصة أم خالد جمعة تعكس معاناة المعتقلين السوريين وأسرهم (شاهد)

على مدار أكثر من عقد، تناضل المرأة السورية المسنة، أم خالد عمر جمعة، لمعرفة مصير ابنها الذي اختفى منذ سبتمبر/أيلول عام 2013.
وتمثل قصة هذه الأم، التي انتشرت صورتها عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي مؤخرا وهي تحمل صورة ابنها في محاولة للعثور عليه، معاناة آلاف العائلات السورية التي لا تزال تبحث عن أحبائها، في ظل تركة ثقيلة من الإخفاء القسري والاعتقال في سجون نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
الاعتقال والاختفاء
وكان خالد جمعة شابا يبلغ من العمر 27 عاما، حين اعتُقل على خلفية تقرير كيدي من أحد معارفه حسب رواية والدته، وبعد التحقيق تبين أنه بريء، وأُطلق سراحه فترة وجيزة، لكنه اختفى مجددا بعد ذلك وانقطعت أخباره تماما.
وقالت أم خالد جمعة، للجزيرة مباشر، إن جميع استفسارات العائلة لدى الجهات الأمنية بشأن مكان وجود ابنها رُفضت، مؤكدة أن ابنها لم يسافر إلى لبنان كما زُعم.
سنوات من البحث
جابت أم خالد الفروع الأمنية والسجون، وحتى المؤسسات القضائية طوال 11 عاما بحثًا عن أي أثر لابنها، وذهبت إلى سجن صيدنايا، وطرقت أبواب وزارة العدل دون جدوى.
وحتى بعد سقوط النظام السوري مؤخرا، لا تزال الإجابات بشأن مصير ابنها غائبة، وإن كان هناك بصيص أمل ظهر في وثيقة رسمية تشير إلى أن خالدًا لا يزال مسجلًا على قيد الحياة.

جثث المعتقلين وشهادات صادمة
وبعد سقوط النظام في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفي محاولة جديدة للبحث عن ابنها، قصدت أم خالد مستشفى “المجتهد” بالعاصمة السورية دمشق، الذي استقبل جثث العديد من المعتقلين هناك، وصدمت من المشهد حيث قالت إنها شاهدت أكواما من العظام في أكياس سوداء تحمل أرقاما فقط، في حين كانت الجثث الأخرى مشوهة بشكل مروع، بلا عيون أو ملامح واضحة.
ووفقا للأطباء الذين تحدثت إليهم، أكدت أم خالد أنه قيل لها إن “أجهزة النظام كانت تتاجر بأعضاء هؤلاء المعتقلين قبل وفاتهم”.
هذا الواقع المرير لم يُثنِ الأم عن أملها في أن يكون ابنها على قيد الحياة، وخصوصا بعد رؤيتها لبعض المعتقلين الذين أُفرج عنهم في حالات نفسية وعقلية سيئة نتيجة سنوات الاعتقال والتعذيب.
الإخفاء القسري في سوريا
ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، واجه آلاف السوريين مصيرا مجهولًا نتيجة الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري، وفقا لتقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أغسطس/آب 2023.
ولا يزال هناك أكثر من 112 ألف شخص ممن أُخفوا قسرًا بعد انطلاق الثورة السورية في مارس/آذار 2011، لم يُعرَف مصيرهم، بينهم أكثر من 3100 طفل ونحو 6700 امرأة.
أما سجن صيدنايا، والذي يوصف بأنه “مسلخ بشري” فيعد وحده مسؤولا عن الآلاف من حالات الإعدام خارج نطاق القانون، وفق تحقيقات دولية.
نضال مستمر
وتُلصق أم خالد، مثلها مثل العديد من أهالي المفقودين، صور ابنها على الجدران وأعمدة الإنارة في الشوارع، في محاولة لكسر جدار الصمت المحيط بقضية الإخفاء القسري في سوريا.
وبعد انهيار نظام الأسد نهاية العام الماضي، أصبحت هذه الجهود الفردية لعائلات المفقودين بحاجة إلى دعم دولي منظم، ومحاسبة حقيقية لكل من تورط في هذه الانتهاكات الجسيمة، حسب مطالب عائلات المفقودين.