ذا أتلانتيك: هل تستطيع الولايات المتحدة حقا تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”؟

طرح الجنرال الأمريكي مارك هيرتلينغ، القائد العام السابق للقوات الأمريكية في أوروبا والمحلل العسكري، تساؤلًا جوهريًا حول قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على قطاع غزة، وتحويله إلى وجهة اقتصادية وسياحية تشبه “ريفييرا الشرق الأوسط”.
وأكد هيرتلينغ، في مقال رأي بمجلة “ذا أتلانتيك”، أن الإجابة تتطلب ترجمة توجيهات الإدارة الأمريكية، وخاصة تلك التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب، إلى خطط تنفيذية عملية وواضحة.
وأشار المقال إلى أن مجرد هدم المباني نصف المدمرة وتطهير غزة من الأنقاض، يمثل تحديًا هندسيًا ضخمًا.
وقدّر أحد المهندسين الذين تحدث إليهم هيرتلينغ، أن تكلفة إعادة الإعمار قد تتراوح بين 30 إلى 80 مليار دولار، ما يعكس حجم المهمة وتعقيدها.
50 مليون طن من الأنقاض
وتقدّر الأمم المتحدة أن الحرب خلّفت أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض في غزة، وهو ما قد يستغرق أكثر من 15 عامًا لإزالته بالكامل، ولا يقتصر الأمر على إزالة الحطام فحسب، بل يشمل أيضًا استبدال المباني التي دمرتها العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وذكر المقال أن هذا الجهد الضخم يتطلب آلاف المهندسين المدنيين والإنشائيين والكهربائيين والخبراء البيئيين الذين يجب أن يعملوا بتنسيق تام عبر تخصصاتهم المختلفة، مما قد يستغرق عقودًا من الزمن.
من سينفذ المهمة؟
وتساءل هيرتلينغ عن الجهة التي ستتولى تنفيذ هذا العمل الهائل؟ واقترح بعض المعلقين الاستعانة بهيئة مهندسي الجيش الأمريكي، إلا أن هذه الهيئة تضم فقط نحو 35 ألف موظف مدني و700 عسكري، وهي مثقلة بالفعل بمسؤولياتها داخل الولايات المتحدة، على حد وصف المقال.
وذكر هيرتلينغ أنه حتى إذا جرى نشر الهيئة في غزة، فإن ذلك سيتطلب دعمًا واسع النطاق من قوات إضافية لضمان تأمين المنطقة، وتسهيل تنفيذ المهام.
مخاطر بيئة العمليات
وتناول المقال أيضًا المخاطر الأمنية في غزة، التي من شأنها التأثير في جهود إزالة الأنقاض وإعادة الإعمار، فبيئة العمليات هناك معقدة للغاية، إذ تعتمد المعلومات الاستخباراتية اللازمة لمواجهة نشاط المقاومة المسلحة، على مجموعة واسعة من الوكالات مثل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، ووكالة استخبارات الدفاع (DIA)، على حد وصف المقال.
ويخضع عمل هذه الوكالات لفحص دقيق من قبل وزارة الدفاع، مما قد يؤثر في سرعة تدفق المعلومات الحيوية وكفاءتها، وفقًا لهيرتلينغ.
التكلفة البشرية المحتملة
واختتم هيرتلينغ مقاله، بالإشارة إلى أن المعارضة الدولية شبه الموحدة لأي تدخل أمريكي مباشر في غزة، ستزيد من تعقيد المهمة بشكل كبير.
وأضاف أنه إذا جرى إرسال قوات أمريكية كجزء من عملية إعادة الإعمار أو الحفاظ على الأمن، فمن المحتمل أن يواجهوا مخاطر حقيقية، وقد لا يعود بعضهم أبدًا، في إشارة إلى التكلفة البشرية الباهظة التي قد تتحملها الولايات المتحدة في حال قررت المضي قدمًا في مثل هذا المشروع.