الأمير هاري.. ما قصة حياته؟ ولماذا تخلى عن لقبه الملكي؟

يُعَد الأمير هاري أحد أبرز الشخصيات العامة في العالم اليوم، إذ وُلد عضوًا في العائلة المالكة البريطانية لكنه صنع لنفسه مسارًا بعيدًا عن التقاليد الملكية. من حياته داخل القصور إلى خدمته العسكرية في أخطر مناطق النزاع، ثم زواجه من الممثلة الأمريكية ميغان ماركل، وقراره الجريء بالتخلي عن واجباته الملكية، تظل حكاية الأمير هاري قصة مثيرة للجدل والاهتمام.

في هذا التقرير، نستعرض رحلته منذ طفولته حتى مرحلة ما بعد تخليه عن واجباته الملكية.

متى وُلد الأمير هاري؟ وأين نشأ؟

وُلد الأمير هاري في 15 سبتمبر/أيلول عام 1984، بمستشفى سانت ماري في العاصمة البريطانية لندن، وهو الابن الثاني للملك تشارلز الثالث (كان حينها أمير ويلز) والأميرة الراحلة ديانا سبنسر.

نشأ في قصر كنسينغتون الملكي، كما أمضى أوقاتًا في منزل هايغروف بمقاطعة غلوسترشير. وعلى الرغم من انتمائه إلى العائلة المالكة، فقد حرصت والدته الراحلة ديانا على دمجه وأخيه ويليام في الحياة العامة، فاصطحبتهما في زيارات خدمية وترفيهية ليختبرا طفولة أقرب إلى الواقع بعيدًا عن حواجز البروتوكول الملكي.

كيف كانت طفولة الأمير هاري؟

امتازت طفولة هاري بمزيج من الامتيازات الملكية والقيود الشديدة التي يفرضها وضعه الخاص، مع حرص الأميرة ديانا على تربيته في أجواء أقرب إلى حياة الناس العاديين.

كان قريبًا من والدته التي أخذته برفقة أخيه في رحلات ترفيهية إلى الخارج، وعرّفته على الأنشطة الإنسانية مثل زيارة المستشفيات ودور الأيتام. لكن طفولته تعرضت لهزة كبيرة عندما فقد والدته في حادث سيارة مأساوي عام 1997، إذ كان في الثانية عشرة من عمره، وقد عانى بعد ذلك تداعيات نفسية مرتبطة بصدمته بفقدانها.

أين تلقى الأمير هاري تعليمه؟

بدأ هاري تعليمه في حضانة “جين مينورز” بلندن، ثم التحق بمدرسة “وذربي” الإعدادية وهو في الخامسة، قبل أن ينتقل إلى مدرسة “لودغروف” الداخلية الإعدادية.

وعندما بلغ الثالثة عشرة، التحق بكلية إيتون (Eton College) إحدى أعرق المؤسسات التعليمية في بريطانيا.

تميَّز بميوله الرياضية مثل البولو والريكبي، ولم تكن نتائجه الدراسية لافتة مقارنة بأنشطته الرياضية. بعد إتمام دراسته في إيتون، أخذ سنة فاصلة عمل خلالها في مزرعة أسترالية، وسافر إلى ليسوتو في إفريقيا حيث عمل مع أطفال أيتام فقدوا آباءهم بسبب الإيدز.

هل خدم الأمير هاري في الجيش البريطاني؟

نعم، التحق هاري بالأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست عام 2005، وتخرَّج برتبة ملازم ثانٍ في سلاح الفرسان الملكي. لم يُسمح له بالخدمة في العراق لدواعٍ أمنية، لكنه نُشر سرًّا في أفغانستان بين عامي 2007 و2008، قبل سحبه بعد كشف وسائل إعلام أجنبية عن وجوده.

عاد مرة أخرى إلى أفغانستان في مهمة ثانية (2012-2013) طيارًا مساعدًا ومدفعيًّا لطائرة مروحية أباتشي. واستمر في مسيرته العسكرية حتى عام 2015، وأنهى خدمته وهو يحمل رتبة نقيب، وكان يَعُد فترته العسكرية من أسعد فترات حياته.

متى تزوج الأمير هاري؟ ومن هي زوجته؟

تزوج الأمير هاري في 19 مايو/أيار 2018 من الممثلة الأمريكية السابقة ميغان ماركل، في حفل ملكي أقيم بكنيسة القديس جورج في قلعة وندسور. تميَّز الحفل بمزيج بين التقاليد الملكية البريطانية وبعض الملامح الثقافية الأمريكية، مثل مشاركة جوقة غوسبل أمريكية وإلقاء عظة حماسية عن قوة الحب. سبق لميغان أن عُرفت بعملها في المسلسل التلفزيوني “Suits” وبنشاطها الإنساني. ونالا معًا لقبَي دوق ودوقة ساسكس إلى أن تخليا لاحقًا عن ألقابهما الملكية.

 

لماذا قرر الأمير هاري التخلي عن لقبه الملكي؟

في يناير/كانون الثاني 2020، أعلن الأمير هاري وزوجته ميغان رغبتهما في “الاستقلال المالي” والتخلي عن صفتهما عضوين عاملين بالعائلة المالكة.

جاء القرار بدافع رفضهما الضغوط التي تسببها الصحافة الصفراء، ورغبتهما في حماية خصوصية عائلتهما، وخصوصًا طفلهما الأول آرشي. ذكَّر هاري بملاحقات الصحافة العنيفة لوالدته الراحلة، وأشار إلى خشية تكرار المأساة. تسبَّب ذلك في خروجهما من مظلة “المنحة السيادية” وفقدانهما الألقاب الملكية والعسكرية الفخرية.

كيف كانت ردود الفعل داخل العائلة المالكة على قرار هاري؟

تفاوتت ردود الفعل. حاولت الملكة إليزابيث الثانية احتواء الوضع، وأصدرت بيانًا رسميًّا أعربت فيه عن تفهمها لرغبة هاري وميغان في حياة أكثر خصوصية، وأُبرم ما عُرف بـ”اتفاق ساندرينغهام” الذي قضى بتنازلهما عن استخدام لقب “صاحب السمو الملكي” والتخلي عن الواجبات العامة.

مع ذلك، سرت شائعات عن وجود توتر بين هاري وشقيقه ويليام، في حين عبَّر أعضاء آخرون عن حزنهم لخسارة فرد محبوب وناشط كان يضفي طابعًا حيويًّا على العمل الملكي.

أين يعيش الأمير هاري حاليًّا؟

بعد مغادرتهما المملكة المتحدة، اتجه هاري وميغان لفترة قصيرة إلى كندا، قبل أن يستقرا أخيرًا في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة عام 2020، وتحديدًا في منطقة مونتيسيتو (Montecito) بمقاطعة سانتا باربرا، رغبة في بيئة أكثر هدوءًا وأقل تدخلًا من وسائل الإعلام.

ماذا يفعل الأمير هاري بعد مغادرته الحياة الملكية؟

استهل الأمير هاري مرحلة جديدة من حياته عبر تأسيس مؤسسته الخيرية والإعلامية مع ميغان تحت اسم “أرشيويل” (Archewell)، ووقّعا اتفاقات إنتاج في مجالات البث التلفزيوني والوثائقي والبودكاست.

واصل اهتمامه بالقضايا الإنسانية التي بدأها مثل دعم قدامى المحاربين والمصابين في الحروب من خلال ألعاب “إنفكتوس” (Invictus Games). وفي عام 2023، أصدر سيرته الذاتية بعنوان “سبير” (Spare)، التي حصدت مبيعات ضخمة وأثارت ضجة إعلامية لتناولها جوانب حساسة من علاقته بعائلته ونشأته بعد وفاة والدته.

كيف أثَّر قرار الأمير هاري على العائلة المالكة البريطانية؟

أحدث قرار هاري ارتدادات كبيرة في صورة المؤسسة الملكية، فهو ثاني فرد في الأسرة المالكة الحديثة يتخلى طوعًا عن واجباته -بعد الملك إدوارد الثامن سابقًا- وإن لم يكن متربعًا على العرش.

أثار ذلك نقاشًا بشأن جدوى استمرار الألقاب والواجبات التقليدية في عصر الإعلام المفتوح، وأعاد تسليط الضوء على خصوصيات أفراد العائلة أمام ملاحقة الصحافة. كما خسرت العائلة حضور شخص محبوب عُرف بعفويته وتقرُّبه إلى الجمهور.

هل ما زال الأمير هاري ضمن خط الخلافة على العرش البريطاني؟

نعم، على الرغم من انسحابه من واجباته الملكية، فما زال الأمير هاري ضمن خط الخلافة بموجب قواعد التوريث التقليدية في النظام الملكي البريطاني. ترتيب هاري هو السادس في وراثة العرش بعد أخيه ويليام وأبناء ويليام الثلاثة. يبقى ذلك قائمًا ما لم يصدر قانون يستبعده أو يتنازل هو شخصيًّا عنه.

هل يمكن للأمير هاري العودة إلى العائلة المالكة؟

نظريًّا، يستطيع أي فرد من العائلة المالكة العودة إلى الأدوار الرسمية إذا أُعيدت الترتيبات وشُكّلت الإرادة الملكية أو البرلمانية لحدوث ذلك. لكن طبقًا لتصريحاته، لا يخطط هاري حاليًّا للعودة، إذ يرغب في توفير بيئة آمنة لأسرته بعيدًا عن تدخُّل الإعلام الذي يقول إنه يذكّره بتجربة والدته المريرة. لذا، لا توجد مؤشرات واضحة على تحرك قريب في هذا الاتجاه.