“المحيا”.. تقليد عثماني عريق يزين مآذن المساجد في تركيا ترحيبا برمضان (فيديو)

مع حلول شهر رمضان المبارك، تتزين مآذن المساجد الكبرى في تركيا بعبارات مضيئة ترحب بالشهر الكريم، في تقليد عثماني عريق يُعرف باسم “المحيا”.
ويعود تاريخ هذا التقليد إلى حقبة الخلافة العثمانية في تركيا، وتحديدا في القرن السادس عشر، وقد بدأ في مسجد السلطان أحمد الشهير في إسطنبول، حسبما صرح للجزيرة مباشر الدكتور عمر قورقماز، أستاذ الأديان والثقافة الإسلامية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsإسرائيل تطلق حسابا باللغة التركية على منصة إكس وأتراك يحولونه متنفسا لغضبهم من الاحتلال
رحب بمواقف الشرع الحازمة.. أردوغان: تركيا لن تسمح أبدا بإعادة رسم الخرائط في سوريا (فيديو)
أردوغان يعلق على الاتفاق بين أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد القوات الكردية في سوريا (فيديو)
وكان العثمانيون يزينون مساجدهم عبر تعليق حبال بين المآذن، تُكتب عليها عبارات إسلامية مثل “الأخوة”، و”أهلًا وسهلًا يا رمضان”، و”هذا شهر الصدقة”، ومثل هذه العبارات تُحددها المشيخة الإسلامية أو الشؤون الدينية حاليا.
رمزية المحيا وأبعاده الفلسفية
وأشار قورقماز إلى أنه من تفسيرات المحيا أنه يعكس فلسفة عثمانية تسعى إلى رفع قيمة الوحي وإعادته إلى السماء من خلال الضوء، أو أنه محاولة لجمع النجوم على هيئة كلمات إسلامية مضيئة بين المآذن.
ويُعلق المحيا عادةً على المساجد الكبرى فقط، وقد تطورت صناعته بمرور الزمن، ففديما استخدمت فيه قديمًا الحبال السميكة، أما الآن فقد حل محلها أسلاك فولاذية أكثر تطورًا.
المحياجي.. تقليد وراثي
وأوضح قورقماز أن تصميم المحيا وصناعته تقليد وراثي، تتوارثه عائلات متخصصة تعرف باسم “المحياجي”، حيث كان يُصنع في البداية باستخدام المصابيح الزيتية، قبل أن يستبدل بها في العصر الحديث المصابيح الكهربائية.
وأشار قورقماز أيضا إلى أن المحيا كان يُستخدم لتحديد موعد الإفطار، حيث تبدأ إنارته مع أذان المغرب، ليكون بذلك إشارة بصرية للصائمين، كما يُعد جزءًا من الثقافة الإسلامية الاجتماعية التي أبدع العثمانيون في نقشها على الحجر والمآذن.
وفي بعض الأوقات، كان المحيا يحمل رموزا خاصة، فعلى سبيل المثال، خلال فصل الشتاء كان المحياجيون يضعون “شمسية” أعلى المحيا للدلالة على أن الليلة ممطرة، وتغيرت العبارات حسب مراحل الشهر، فمع بدايته تُكتب عبارات الترحيب مثل “أهلًا يا رمضان”، وفي نهايته تظهر عبارات الوداع.
ويلاحظ خلال رمضان الحالي تركيز المحيا على قيمة العائلة، إذ تتزين منارات المساجد في إسطنبول بعبارات تعلي من قيمة العائلة كونها واحدة من أكبر النعم.
وذكر قورقماز أنه خلال الحرب العالمية الأولى، تحوّل المحيا إلى وسيلة لنشر رسائل الدعم للجنود على جبهات القتال، فأُضيئت المآذن بعبارات مثل “لا تنسَ إخوانك في الجبهات” و”لا تنسَ الشهداء”، مما يعكس الدور الاجتماعي والثقافي للمحيا.