تقرير يكشف موجة من هجرة علماء أمريكيين إلى أوروبا هربا من سياسات ترامب

في برشلونة تلقى مركز التنظيم الجينومي 12 طلبا من علماء أمريكيين للهجرة (رويترز)

في الأسابيع الأخيرة، شهدت أبرز المراكز البحثية الإسبانية تدفقا غير مسبوق لطلبات علماء وباحثين أمريكيين يسعون إلى الانتقال إلى أوروبا، هربا من سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ونشرت صحيفة “إل بايس” الإسبانية شهادات لعدد من هؤلاء العلماء، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم “خوفا من انتقام الإدارة الأمريكية”، حسبما ذكرت الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن عالم أحياء جزئية، أشارت إليه باسم مستعار هو “راي براون”، ويبلغ من العمر 50 عاما، أنه بدأ البحث عن فرص عمل في أوروبا عقب فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وقال براون، الذي يدير فريقا بحثيا في إحدى أعرق جامعات الساحل الشرقي الأمريكي “الجميع في محيطي يتحدث عن المغادرة”.

وأوضح براون أنه يستخدم اسما مستعارا بسبب مخاوفه على زوجته التي تنحدر من أصل صيني، وقال “سيأتي يوم يستهدف فيه أنصار ترامب الأشخاص من أصل صيني. زوجتي مواطنة أمريكية، لكنني لم أعد أثق بأن هذا سيحمينا”.

ويضيف العالم الأمريكي في تصريحه للصحيفة الإسبانية “الأمر ليس الترحيل، بل إلغاء تمويل أبحاثي ومؤسستي بأكملها. أعترف أنني أخاف من الفاشية”.

قمع أكاديمي غير مسبوق

ومن “ناسا” إلى الجامعات المرموقة، تسود أجواء من الخوف، كما تشرح صحيفة “إل بايس”، فجامعة كولومبيا، التي تظاهر طلابها ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كادت تفقد 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي لولا استجابتها لشروط الإدارة الأمريكية، بينما تعرضت جامعات أخرى لترحيل أساتذة وقطع تمويل بعض برامجها.

ويصرح براون للصحيفة الإسبانية بأنه مستعد للعمل في برشلونة أو أكسفورد حتى بثلث راتبه الحالي، وأضاف “الفاشيون يكرهون المثقفين ويدمرون الأنظمة التعليمية. هذا ما نراه في هجمات ترامب على الجامعات والمعاهد البحثية”.

ويشهد المعهد الوطني للصحة، وهو أكبر ممول للأبحاث في العالم بميزانية نحو 43 مليار دولار سنويا، تقلصا كبيرا في تمويله، حيث انخفضت نسبة التمويل غير المباشر له من 60% إلى 15%، كما يحذر براون من أن “معاهد كاملة قد تغلق أبوابها قريبا”.

ترامب قال إن واشنطن تنفق على التعليم أكثر من أي دولة أخرى
ترامب قال إن واشنطن تنفق على التعليم أكثر من أي دولة أخرى (رويترز)

 

إسبانيا ترحب رغم صعوبات بيروقراطية

وفي برشلونة تلقى مركز التنظيم الجينومي 12 طلبا من علماء أمريكيين للهجرة، بينما تلقى معهد الأبحاث الحيوية الطبية 10 طلبات من علماء أمريكيين للالتحاق بالمعهد، ووصلت إلى معهد الحوسبة الفائقة 5 طلبات من علماء أمريكيين.

ونقلت الصحيفة عن مدير مركز التنظيم الجينومي الدكتور لويس سيرانو، تأكيده أنه “بـ200 مليون يورو نستطيع جذب 30 عالما من الطراز الأول. نحتاج فقط للإرادة السياسية”.

لكن الصحيفة أشارت إلى صعوبات بيروقراطية قد تعيق هجرة هذه العقول، وعرضت الصحيفة قصة العالمة سي إيلور، التي تواجه مشاكل في تأشيرتها، رغم حصولها على منحة إسبانية، بسبب عدم اعتراف إسبانيا بشهادتها الصادرة من جامعة كاليفورنيا في بيركلي.

وقالت إيلر، التي قررت مغادرة إسبانيا “خياري الوحيد هو محامٍ لا أستطيع تحمل تكلفته”.

تحذيرات من انهيار القيادة العلمية الأمريكية

آدم سيبيل، عالم بيولوجيا حسابية، حذر بدوره من أن “القيادة العلمية لأمريكا قد تتبخر سريعا” بسبب هجرة العلماء، بينما رأى باحث آخر أن “أوجه التشابه بين سياسات ترامب وصعود النازية مذهلة”.

وتسعى إسبانيا، والاتحاد الأوروبي بشكل عام، إلى استغلال هذه الفرصة عبر زيادة التمويل وتبسيط إجراءات التأشيرات وتعزيز التعاون البحثي.

وأشارت الصحيفة إلى أن برنامج “الاجتذاب” الإسباني خصص 32 مليون دولار عام 2023 لاستقدام العلماء والباحثين، لكن قصصا مثل قصة إيلور تظهر أن الطريق لا يزال طويلا أمام جذب المزيد من الكفاءات العالمية التي تهرب من سياسات ترامب المثيرة للجدل.

المصدر : الصحافة الإسبانية

إعلان