أزمة الأطباء في مصر.. بين الاستقالات الجماعية وحلم الهجرة

إجراءات حكومية لرفع مستوى تدريب الأطباء (وزارة الصحة)
إجراءات حكومية لرفع مستوى تدريب الأطباء (وزارة الصحة المصرية)

على أبواب نقابة الأطباء في العاصمة المصرية القاهرة، وقف الطبيب الشاب يحيى الحنفي يتبادل الحديث مع زملائه، بشأن أهمية الحصول على عضوية النقابة، لكن لم يكن الأمر مرتبطًا بممارسة المهنة داخل مصر، بل كان كما يقول يحيى “الخطوة الأولى في استكمال ملف السفر للخارج”.

ففي بلد تتزايد فيه أزمات القطاع الطبي، جاء الإعلان المفاجئ عن خلو 117 وظيفة إكلينيكية للأطباء المقيمين بمستشفيات جامعة الإسكندرية ومعهد البحوث الطبية، ليشعل الجدل من جديد حول أوضاع الأطباء المتدهورة، والموجات المتلاحقة من هجرتهم بحثًا عن فرص أفضل.

نزيف الكفاءات

الطبيب أسامة جميل لم يتردد في ربط الرغبة في الهجرة بالضغوط المعيشية اليومية. بينما فضّل زميله كامل علي البقاء في مصر، متشبثًا بأمل أن ينجح كما فعل أقاربه في جراحات التجميل.

لكن الأرقام صادمة، إذ كشف نقيب الأطباء أسامة عبد الحي، أن 7 آلاف طبيب يهاجرون سنويًا، محذرًا من أن استمرار هذا النزيف يعني فقدان مصر لعقولها الطبية الشابة.

لم تكن الأسباب خفية، فعبد الحي قالها صراحة “17 نوبة عمل شهريًا، كل واحدة تمتد 24 ساعة. هذه ساعات عمل غير إنسانية”.

وأضاف أن ضعف الرواتب، وبيئة العمل غير الآمنة، والاعتداءات المتكررة من ذوي المرضى حولت حياة الأطباء إلى جحيم يومي.

في قلب الأزمة

في تصريحاته لـ”الجزيرة مباشر”، قال إبراهيم الزيات، أستاذ جراحة المخ والأعصاب وعضو مجلس نقابة الأطباء، إن التأثير الأكبر سيكون في المريض، وأوضح أن بيئة العمل والتدريب والدخل الجيد هي ثلاثية الأمان لأي طبيب.

وتحدث الزيات أيضًا عن وفيات متزايدة بين شباب الأطباء نتيجة الإرهاق والعمل المتواصل في أكثر من جهة، وأضاف أن القوانين صارت تقيّد الطبيب، وتضعه تحت طائلة العقوبة والغرامة، بل والسجن، في حال وقوع أي خطأ طبي.

طوابير المرضى أمام المستشفيات الحكومية تفتح الباب لمواجهات واعتداءات متكررة على الأطباء
طوابير المرضى أمام المستشفيات الحكومية تفتح الباب لمواجهات واعتداءات متكررة على الأطباء (الجزيرة مباشر)

من قصر العيني إلى أقسام الشرطة

حادثة في مستشفى قصر العيني ألقت الضوء على ما يعانيه الأطباء. وليد ثابت، مهندس، روى كيف تعثر إسعاف زوجته المصابة بحروق لأن الأطباء أصروا على توقيعه إقرارًا يخلي مسؤوليتهم قبل بدء العلاج.

أما الطبيب مصطفى، فرفض اتهامات التقاعس، مؤكدًا أن القانون وضع الأطباء في مواجهة مباشرة مع المرضى وذويهم، قائلا “معظم المواجهات تنتهي داخل أقسام الشرطة”.

الحكومة تحاول.. والأطباء يهاجرون

ورغم محاولة الحكومة منذ مارس/آذار الماضي تحسين الوضع عبر زيادات في الرواتب وبدلات المخاطر، فإن الأطباء يعتبرونها غير كافية، إذ يبلغ متوسط راتب الطبيب بنظام التأمين الصحي الشامل 17 ألف جنيه (نحو 330 دولارًا).

في الوقت نفسه، كشف وزير الصحة خالد عبد الغفار أن تعليم الطبيب الواحد يكلف الدولة ما بين 55 و70 ألف جنيه، وأضاف “لكننا بشر، والطبيب يهاجر حينما تتاح له فرصة أفضل”.

أزمة “منسية”

في موازاة ذلك، استنكر إيهاب الطاهر، الأمين العام السابق لنقابة الأطباء، مقترحًا برلمانيًا بحظر سفر الأطباء، ورفض مطالبة بعض البرامج التلفزيونية للطبيب بسداد فاتورة تعليمه قبل السفر، وأكد أن العالم كله يرحب بالطبيب المصري، في وقت باتت فيه المنظومة الصحية في الداخل مهددة بانهيار وشيك.

إحصاءات نقابة الأطباء أظهرت أن معدل الأطباء إلى المواطنين تراجع إلى 8.6 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، بينما المعدل العالمي يتجاوز 23 طبيبًا.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان