منار إمطير.. ممرضة فلسطينية قتلها الخوف على حاجز عسكري إسرائيلي (فيديو)

رغم مرور نحو عشرة أيام على رحيل الممرضة منار إمطير (28 عامًا)، لا تزال جراح فَقْدها مفتوحة في قلوب عائلتها، ولا تزال أسئلة كثيرة معلّقة تنتظر جوابًا يكشف حقيقة ما جرى لها على حاجز عسكري إسرائيلي في منطقة حلحول شمال الخليل بجنوب الضفة الغربية.
في بلدة بني نعيم شرق مدينة الخليل، حيث مسقط رأس الشهيدة، زارت الجزيرة مباشر عائلتها، التي لا تزال تحت وقع الصدمة.
اقرأ أيضا
list of 4 items“بدي أموت فيها”.. مسنّ فلسطيني يعود الى أرضه جنوب الخليل لحمايتها من المستوطنين (فيديو)
ضجة كبيرة بعد كشف “عرابة الاستيطان” الإسرائيلية مخططها بشأن غزة (فيديو)
“هذه أرضي وسأموت على ترابها”.. الفلسطيني حمد العزازمة في مواجهة الاستيطان بسلفيت (فيديو)
هناك، تحدّث زوجها ووالدها عن تفاصيل اللحظات الأخيرة، التي انتزعت منار من بين أهلها وتركت طفلتها الرضيعة “ليا” بلا أم، وهي لم تعلم بعدُ أن والدتها لن تعود أبدًا.
آخر اللحظات
بصوت متأثر وحزين، روى زوجها محمد الزعاقيق تفاصيل آخر لحظاته مع منار، قائلًا “كانت عائدة من دوامها الصباحي في مستشفى حلحول الحكومي، حضّرنا معًا ابنتنا ليا، ووضعتها في السيارة. منار كانت تنوي زيارة أهلها بشكل مفاجئ للاحتفال بعيد ميلاد والدها مع شقيقاتها اللواتي أعددن كعكة الميلاد. بعد خروجها، اتصلت بها لأطمئن عليها، لكن مَن ردّ عليّ كان زميلي المسعف، ليخبرني أن زوجتي وابنتي نُقلتا إلى المستشفى بعد تعرّضهما لحادث سير”.
ويتابع الزعاقيق “تبيّن أن الحادث وقع عند الحاجز العسكري على مدخل الخليل الشمالي. يبدو أن منار أصيبت بحالة هلع من وجود الجنود والتفتيش، فقد كان الحاجز يشهد استنفارًا وقتها”.
وتغلبت الدموع على الزوج، وهو يستعيد المشهد الأخير “في ذلك اليوم، وضعت ليا في المقعد الخلفي وقبّلتها، ثم طلبت مني منار أن أقترب لتقبّلني، استغربت لأننا في الشارع، وهذا لم يكن من عادتها… قبّلتني، وكان ذلك الوداع… ختامها محبة، فهي تحبني، وأنا أحبها”.

ويضيف محمد “أنا أعرف زوجتي جيدًا، ما حصل كان خوفًا مفاجئًا، خصوصًا على طفلتنا، التي كانت كل حياتها. منار لم تعش مع ابنتنا سوى 9 أشهر”.
وفي صوته حزن كبير، قال “ليا هي من روحي وروح منار، أخبرتها أن ماما راحت، وأنا الآن أفكر كيف سأمنحها حنان الأب والأم معًا… وهذا شيء ليس سهلًا، لكن الحمد لله”.
ارتباك واصطدام
أما والد الشهيدة، فرح إمطير، فروى تفاصيل الحادث قائلًا “وقع عند رأس الجورة، قرب الحاجز العسكري. ارتبكت منار واصطدمت بمكعب إسمنتي. الجنود هرعوا نحوها، كسروا زجاج السيارة، ما أدى إلى إصابتها بحالة هلع وانهيار عصبي تسبب في توقّف قلبها، وسكتة قلبية، وارتفاع حاد في ضغط الدم ونزيف دماغي”.
وبعينين دامعتين، أكمل الوالد “جنود الاحتلال منعوا النساء اللواتي حاولن مساعدتها، لكن الأوان كان قد فات. نقلت بسيارة إسعاف فلسطينية إلى مستشفى الميزان، وظلّت خمسة أيام في العناية المركزة، بحالة موت دماغي كامل”.
وتحدث الوالد بحب ووجع عن ابنته “منار كانت مدللة، الله يرحمها. لا نقول إلا ما يُرضي الله: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. كانت متفوقة في دراستها، وعملها، وفي كل شيء. كانت حنونة، وكل مواقفها مشرّفة… حسبي الله ونعم الوكيل. الله يرحمها، وإن شاء الله تكون شفيعة لنا يوم القيامة. هي شهيدة الخوف، شهيدة الحواجز، شهيدة معاناة شعبنا اليومية على هذه الحواجز”.
تسجيلات الكاميرات
وطالبت العائلة السلطة الفلسطينية والجهات المختصة بالحصول على تسجيلات الكاميرات من موقع الحادث لكشف الحقيقة.
يقول والد الشهيدة “طلبنا من الارتباط المدني أن يُحضر لنا تسجيلات كاميرات المراقبة لنفهم ماذا حصل في ذلك اليوم. رسالتنا للسلطة أن توفّر لنا هذه التسجيلات من الحاجز، لنرى بأعيننا ما جرى، فهذا حق مشروع. مضى 10 أيام على طلبنا، وحتى الآن لم نستلم شيئًا. نأمل أن تتم الاستجابة بأسرع وقت، وأن يشاركنا المختصّون في كشف الحقيقة”.
وتُظهر إحصائية حديثة نشرتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن الاحتلال الإسرائيلي نصب 898 حاجزًا ثابتًا وطيارًا وبوابات حديدية وسواتر ترابية ومكعبات إسمنتية في أنحاء الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلة.
ويؤكد تقرير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن هذه الحواجز العسكرية تُستخدم ضمن أدوات السيطرة في إطار مشروع الاحتلال الاستيطاني، الذي يقوم على تفتيت الأرض الفلسطينية جغرافيًّا وديمغرافيًّا، وفرض واقع يصعب تغييره.