بين جدران السجن ووجع غزة.. باحث هندي مهدد بالترحيل بسبب أصول زوجته الفلسطينية (فيديو)

في الأول من مايو/أيار المقبل، ستُعقد جلسة استماع في إحدى محاكم ولاية فرجينيا الأمريكية، قد تحدد مصير الباحث الأكاديمي بدرخان سوري (هندي الجنسية) المحتجز منذ نحو شهر على خلفية مزاعم بصلته بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ويأمل محاميه أن تُسفر الجلسة عن إطلاق سراحه بكفالة، بعد أن باتت عائلته، التي لجأت إلى الولايات المتحدة بحثًا عن الأمان، تعيش على وقع الترقب والقلق.

زوجته، الباحثة الفلسطينية الأمريكية مفاز أحمد يوسف، روت للجزيرة مباشر فصول القصة التي هزّت كيان أسرتها الصغيرة، التي لم تأتِ إلى أميركا إلا لتتنفس العلم والحرية.

“وظيفة الحرية أن تُحرر شخصًا آخر”، تقول مفاز، مقتبسة كلمات الكاتبة توني موريسون، قبل أن تستطرد “لكنّ الحرية في هذه البلاد باتت مقيّدة بالهواجس السياسية، وملف زوجي مثال صارخ على ذلك”.

بناء السلام

بدرخان، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة جورج تاون، متخصص في دراسات بناء السلام وحل النزاعات، جاء إلى الولايات المتحدة من الهند، بينما بقيت زوجته في الخارج تتابع عملها قبل أن تلتحق به لاحقًا مع أطفالهما الثلاثة.

في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبينما كانت غزة تشتعل تحت نيران حرب وصفها العالم بـ”الإبادة الجماعية”، فقدت مفاز صديقتها المقربة سلمى، التي قضت مع 20 فردًا من عائلتها في قصف إسرائيلي.

تقول “غرقنا في الحزن، وكان بدرخان هو سندي الوحيد، صوتي في العتمة، ودعمني بكل طاقته النفسية والمعنوية”.

مفاز أحمد يوسف (الجزيرة مباشر)
مفاز أحمد يوسف (الجزيرة مباشر)

اندلاع الحرب

ومع اشتداد الحرب، قررت مفاز السفر إلى الولايات المتحدة للانضمام إلى زوجها، محاطة بأمل بأن تكون هذه البلاد ملاذًا آمنًا لها ولأطفالها.

بدت الأمور تسير نحو الاستقرار: الأب يعمل، الأم تتابع دراستها، والأطفال تأقلموا مع حياتهم الجديدة.. حتى جاء اليوم الذي انهار فيه كل شيء.

في مارس/آذار الماضي، ومع تصاعد المجازر في غزة، فوجئت مفاز باعتقال زوجها من قبل الأمن الداخلي الأمريكي. “قال لي بدرخان عبر الهاتف المرتجف: مفاز تعالي بسرعة.. إنهم يعتقلونني”، تروي، بينما تصف مشهد احتجازه بثلاثة رجال ملثمين ألقوا القبض عليه وأبلغوها بأن تأشيرته أُلغيت.

السلطات الأمريكية بررت الاعتقال بـ”علاقته المزعومة بحماس”، وهي التهمة التي ترى مفاز أنها لا تمت للواقع بصلة. “زوجي ليس مجرمًا، بل باحث في السلام، لا يعرف سوى لغة الكتب والمناظرات الأكاديمية”، تقول بألم.

تضيف “اتُّهم فقط لأنني فلسطينية من غزة، رغم أنني مواطنة أميركية. هل باتت الجذور جريمة؟”.

لا عيد ولا سلام

تعيش العائلة منذ الاعتقال تحت وقع الحزن والقلق. الأطفال يسألون عن والدهم باستمرار، وتضطر مفاز لإخفاء الحقيقة كي لا تنهار معنوياتهم.

“قال لي ابني الصغير: ماما، أنت تبكين.. هل أبي بخير؟”، وتتابع “لم أستطع الرد.. فقط احتضنته”.

في العيد، افتقدت الأسرة صلاة المسجد، وملابس الأطفال الجديدة، وابتسامة الأب في حرم الجامعة، حيث اعتادوا التقاط الصور تحت أشجار الكرز.

“هذا العام، لا عيد ولا سلام”، تقول مفاز، بينما تشير إلى مكالمة تلقاها بدر من المعتقل يسأل فيها “هل ما زال رمضان؟ أم أتى العيد؟ أنا صائم”.

اليوم، لا تطالب مفاز بأكثر من العدالة. “نحن لا ننتمي لأي تنظيم سياسي، نحن عائلة تؤمن بالعلم والحرية”، تقول، مضيفة “زوجي جاء إلى هذه البلاد ليزرع بذور السلام، لا ليُعامل كمجرم”.

تختتم مفاز رسالتها بنداء إنساني: “أطلقوا سراح بدرخان سوري.. وامنحوا هذه العائلة فرصة للعيش، لا للتمزق”.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان