مرصد حقوقي: الاحتلال يفكك مقومات الحياة للسكان المدنيين في قطاع غزة

مبنى متضرر يضم أحد البنوك بعد استهدافه بغارة إسرائيلية في مدينة غزة - 5 مايو 2024 (رويترز)

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان الإنسان، اليوم الخميس، إن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم الحصار المالي لتعميق معاناة السكان وإهلاكهم، معربا عن قلق بالغ إزاء تفاقم أزمة السيولة النقدية في قطاع غزة.

وأعرب المرصد الحقوقي، في بيان، عن قلق بالغ إزاء تفاقم أزمة السيولة النقدية في غزة جراء جرائم الاحتلال الإسرائيلي، التي تستهدف تفكيك مقومات الحياة للسكان المدنيين، وعلى رأسها البنية المصرفية، من خلال التدمير المتعمد والحصار الشامل، بحسب المرصد.

وحذر البيان من أن “هذه الممارسات تفرض عمدا ظروفا معيشية قسرية تؤدي إلى تدمير منهجي للسكان، وتشكل فعلا من أفعال الإبادة الجماعية، وانتهاكا سافرا للقانون الدولي الإنساني، ومساسا مباشرا بالحقوق الأساسية للفلسطينيين”.

“ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية”

وقال المرصد إن “إسرائيل، منذ شروعها في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، تمنع البنوك والمؤسسات المصرفية من إدخال أي كمية أو نوع من السيولة النقدية إلى القطاع”.

وأشار إلى أن ” ذلك يأتي بالتزامن مع استهداف مباشر لمقار البنوك وأجهزة الصراف الآلي وتدميرها، مما أجبر الغالبية العظمى منها على الإغلاق الكامل، وأفرز أزمة إنسانية واقتصادية خانقة تتصاعد حدتها في سياق منهجي للقضاء على أي قدرة للبقاء في قطاع غزة”.

وذكر المرصد أن “العواقب الناجمة عن الشح الحاد في السيولة النقدية تجاوزت حدود الاحتمال بعد أكثر من 18 شهرا على بدء جريمة الإبادة الجماعية”.

وأشار إلى أن السكان اضطروا -في ظل شلل شبه كامل في الخدمات المصرفية بما يشمل السحب والإيداع- إلى اللجوء إلى السوق السوداء للحصول على النقد، مقابل عمولات مرتفعة تستنزف ما بقي من قدراتهم المعيشية.

تفاقم الأعباء المالية

وأوضح أن “هذه الظروف فاقمت الأعباء المالية والاقتصادية والنفسية، خاصة على الفئات الأكثر هشاشة، وفي مقدمتها الأسر الفقيرة، التي باتت تشكل الغالبية الساحقة من السكان، نتيجة فقدان مصادر الرزق وتدميرها المتعمد ضمن سياسة إسرائيل المنهجية للتجويع والإفقار”.

ولفت المرصد إلى أنّ الغالبية الساحقة من سكان قطاع غزة فقدوا مصادر أرزاقهم بفعل جرائم القتل والإصابة التي طالت معيلي العائلات، وجرائم التدمير الشامل التي تنتهجها إسرائيل، في حين يُحرم من بقي منهم ممن يتقاضون رواتب من الوصول إليها نقدًا، مما فاقم من حدة الأزمة الإنسانية.

وحذّر من أنّ الأزمة تتصاعد يوميا في ظل الارتفاع الحاد في الأسعار، والنقص الكبير في المواد الأساسية بسبب الحصار غير القانوني الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، والذي تمنع بموجبه دخول المساعدات الإنسانية والبضائع بشكل كامل منذ أكثر من 50 يومًا.

وأشار إلى أنّ استهداف إسرائيل المباشر للقطاع المالي في غزة، بما يشمل فرض حصار مالي شامل، ومنع إدخال السيولة النقدية، وتدمير البنية المصرفية، لا يمثّل فقط اعتداءً ماديًّا على البنية الاقتصادية، بل “يشكّل أداة مركزية في سياسات التجويع والإهلاك الجماعي للسكان”.

الأمم المتحدة: الجوع وصل إلى مستويات حرجة في غزة (رويترز)

تحذير من تفاقم الأزمة

وذكر أنّ هذه الانتهاكات تخرق على نحو صارخ التزامات إسرائيل بصفتها قوة احتلال ملزمة بضمان الحد الأدنى من الحياة الاقتصادية وعدم عرقلة عمل المؤسسات المدنية، بما فيها البنوك والمؤسسات المالية.

وشدّد على أنّ حرمان السكان عمدًا من الوصول إلى مواردهم المالية الأساسية، ومن القدرة على تلبية احتياجاتهم الحيوية، يُمثّل إخضاعًا قسريًّا لظروف معيشية غير إنسانية تنتهك كرامتهم وتجردهم من الحد الأدنى من الأمان المعيشي.

ودعا المرصد الحقوقي، المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى اتخاذ تدابير عاجلة وملموسة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية الممنهجة بحق المدنيين في قطاع غزة.

وطالب بضغط دولي فوري لإلزام إسرائيل برفع الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة، بما في ذلك الحصار المالي، وتمكين إدخال السيولة النقدية، والرواتب، والتحويلات المالية، والمساعدات الإنسانية دون قيود، وضمان استئناف عمل البنية المصرفية بشكل كامل وآمن.

الحصول على وجبة تقي من الجوع صار حلما لكثيرين من أطفال غزة
أطفال غزة يعانون في سبيل الحصول على الطعام (رويترز)

تفعيل آليات المحاسبة

وحثّ على ضرورة فتح تحقيقات دولية مستقلة في استخدام السياسات المالية أداة للإبادة الجماعية، وتفعيل آليات المحاسبة على الصعيدين الجنائي والدولي، بما يشمل ملاحقة الأفراد والجهات المتورطة في وضع هذه السياسات وتنفيذها.

ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها، أو شرائها منها.

كما دعا إلى وقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر السفر عليهم، وتعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان