“أطباء بلا حدود” تحذر من تفاقم معاناة مرضى الحروق في غزة بسبب نقص الرعاية والموارد

أوضحت المنظمة أن العديد من المرضى يعانون من حروق تغطي ما يصل إلى 40% من مساحة الجسم (مواقع أجنبية)

قالت منظمة “أطباء بلا حدود” إن إصابات الحروق في غزة لم تعد مجرد جروح، بل باتت تمثل حكمًا طويل الأمد بالمعاناة، لا سيما في ظل الدمار الواسع الذي لحق بالنظام الصحي جراء أكثر من 19 شهرًا من الهجمات الإسرائيلية.

وأوضحت المنظمة في بيان، اليوم الجمعة، أن العديد من المرضى يعانون من حروق تغطي ما يصل إلى 40% من مساحة الجسم، نتيجة الغارات الجوية أو حوادث الطهي البدائي في ظل الحصار.

وأكدت المنظمة أن استمرار السلطات الإسرائيلية في فرض الحصار على غزة ومنع دخول المساعدات الأساسية والمستلزمات الطبية، يُجبر المرضى على تحمّل آلام مبرّحة دون توفر أي نوع من مسكنات الألم، أو العلاجات المنقذة للحياة.

قصة تيسير منصور

ورصدت فرق المنظمة حالة الفتى تيسير منصور (17 عامًا) الذي تعرّض في أغسطس/آب الماضي لحروق بالغة إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزله، ما أدى إلى استشهاد والدته وإصابة والده وإخوته، ويخضع حاليًا للعلاج في مستشفى ناصر بخان يونس على يد طاقم “أطباء بلا حدود”.

وقال منصور “أُصبت بحروق من الدرجة الثالثة. أنا منوّم في المستشفى منذ أكثر من 150 يومًا. لا أستطيع تحريك يدي، ولا الأكل أو القيام بأي شيء. الألم لا يُطاق. هذا غيّر حياتي بالكامل. كل ما أتمناه هو أن أتعافى”.

وأشارت المنظمة إلى أنه منذ استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في 18 مارس/آذار الماضي، شهدت فرقها ارتفاعًا كبيرًا في عدد المرضى المصابين بالحروق، معظمهم من الأطفال، ففي شهر إبريل/نيسان فقط، استقبلت عيادة المنظمة في مدينة غزة أكثر من 100 حالة يوميًا.

أما في مستشفى ناصر، أكبر منشأة طبية عاملة في غزة حاليًا، فقد أجرت فرق “أطباء بلا حدود” أكثر من 1000 عملية جراحية لمرضى الحروق منذ مايو/أيار 2024، شكّل الأطفال منهم نحو 70%، غالبيتهم دون سن الخامسة.

وتراوحت أسباب الإصابات بين الغارات الجوية، وحوادث غليان المياه أو احتراق وقود الطهي في الملاجئ المؤقتة.

الاحتلال يدمر ويحرق مدارس للأونروا في قطاع غزة
الاحتلال يدمر ويحرق مدارس للأونروا في قطاع غزة (الأناضول)

رعاية معقدة وسط نقص حاد في الإمكانيات

وحذّرت المنظمة من أن الحروق الشديدة تتطلب علاجًا طويل الأمد ومعقدًا، يشمل جراحات متكررة، وتغيير ضمادات بشكل يومي، وعلاجًا طبيعيًا، وتسكينًا مستمرًا، ودعمًا نفسيًا، وبيئة صحية خالية من العدوى، لكن في ظل غياب الإمدادات الطبية منذ أكثر من 50 يومًا، بدأت فرق أطباء بلا حدود تواجه نقصًا حادًا حتى في أبسط مسكنات الألم.

وقال الدكتور أحمد أبو وردة، مدير الأنشطة الطبية في مستشفى ناصر، إن “الأطفال يصرخون حين نضطر لنزع القماش المحترق الملتصق بجلدهم. يتوسلون إلينا أن نتوقف، لكننا مضطرون لإزالة الأنسجة الميتة وإلا فإن العدوى وتسمم الدم قد يكونان قاتلين. للأسف، لا نستطيع تقديم الرعاية المناسبة بسبب النقص الحاد في المستلزمات. نحن فقط نؤجل كارثة حتمية”.

وإلى جانب نقص الرعاية الصحية، يعاني مرضى الحروق من سوء تغذية حاد، مما يُعطّل عملية الشفاء. إذ تحتاج أجسادهم إلى أكثر من ضعف السعرات الحرارية اليومية، وهو أمر مستحيل في ظل غياب الطعام الكافي في غزة.

وقال أحد أطباء المنظمة إن “أجساد مرضانا تستهلك نفسها لإغلاق الجروح التي لا تلتئم. تيسير، مثلًا، موجود منذ 8 أشهر في المستشفى، بينما في ظروف طبيعية كان يمكنه الشفاء خلال 3 أشهر فقط. ولكن دون طعام، دون ماء نظيف، دون مسكنات، هو عالق في حلقة مفرغة من فشل الجراحات والعدوى واليأس”.

نصف المرضى لا يتمكنون من استكمال علاجهم

وأشارت المنظمة إلى أنه منذ ديسمبر/كانون الأول 2024، أجرت فرقها أكثر من 6518 جلسة لعلاج الحروق في عيادتها بغزة، ومستشفاها الميداني في دير البلح، ومستشفى ناصر، لكن ما يقرب من 50% من المرضى لم يتمكنوا من العودة لمتابعة العلاج نتيجة انهيار الخدمات والوصول شبه المستحيل للمرافق الصحية.

وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فإن أكثر من نصف المنشآت الصحية المتبقية في غزة، تقع ضمن مناطق صدرت بحقها أوامر إخلاء، مما يجعل الرعاية الصحية بعيدة المنال لمعظم السكان.

المصدر : مواقع أجنبية

إعلان