مقلّدو السلع الفاخرة في الصين يكشفون التكلفة الحقيقية لماركات عالمية ويروجون لبدائل أرخص

تنتشر مقاطع فيديو على منصة تيك توك تتهم دور أزياء عريقة بتصنيع منتجاتها سرًا في الصين وبيعها بأسعار تفوق تكلفتها بأضعاف مضاعفة.
غير أنه وراء هذه المقاطع، وما تكشفه من أرباح هائلة لشركات غربية نتيجة المبالغة في أسعار بيع منتجاتها، ثمة عملية مدروسة يسعى مدبروها لبيع منتجات مقلدة، مستغلين حالة الغموض المحيطة بالرسوم الجمركية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsترامب يلوح بـ”صفقة عادلة” والصين تؤكد “الباب المفتوح” للتفاوض (فيديو)
“ماركات” تحت المجهر: من يصنع الثراء؟ ومن يبيعه؟
الصين تنزع القناع عن العلامات التجارية الأمريكية الفاخرة
وفي هذا السياق يدّعي صنّاع محتوى صينيون، يُقدمون أنفسهم على أنهم عمال أو مُقاولون من الباطن في مجال السلع الفاخرة، أن السلطات الصينية رفعت شروط السرية المُلزمة للمُقاولين المحليين من الباطن، ردًا على الزيادة الحادة في الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السلع الصينية.
هذا القرار الصيني المفترض، الذي لم تتمكن وكالة الأنباء الفرنسية من التأكد منه، يتيح بحسب المروجين له، الكشف عن الآليات الخفية لتصنيع السلع الفاخرة في الصين.
كما أن من شأنه تشجيع المستهلكين الغربيين على الشراء مباشرةً من مواقع إلكترونية تبيعها من دون أي شعار تجاري، ولكن بالجودة والتصميم المُفترضين في ماركات عالمية فاخرة، ولكن بأسعار مُنخفضة للغاية.
على سبيل المثال يمكن دفع مبلغ 1400 دولار فقط لشراء حقيبة من موقع صيني، تحمل توقيع مصممين مشهورين، بدلًا من سعرها الأصلي البالغ 38 ألف دولار.
China just destroyed the $400B global BIG luxury Brands market in a week.
Sales are plummeting for LV, Gucci, Hermès, Chanel
Chinese creators are exposing the truth…
Thread🧵 pic.twitter.com/Ctt4Hl7prn
— ZOYA ✪ (@Zoya_ai) April 23, 2025
علامات تجارية ترفض الرد
وعلى الجانب الآخر، رفضت علامات تجارية مستهدفة بهذه الفيديوهات، بينها الماركات الفرنسية “إيرميس” و”شانيل” و”لوي فويتون” التي تصنع منتجاتها في أوروبا أو الولايات المتحدة، وفقًا لمواقعها الإلكترونية، الرد على أسئلة وكالة الأنباء الفرنسية حول الادعاءات الواردة في هذه المقاطع المصورة المنتشرة على نطاق واسع.
ويرى الرئيس المؤسس لـ”مركز الفخامة والإبداع” جاك كارلس أن فكرة تصنيع دور الموضة الكبرى منتجاتها في الصين “سخيفة”.
وأوضح كارلس، في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية، أن ذلك “سيكون بمثابة انتحار”، مضيفًا أنه “لو وُجد دليل لكان ذلك ضربة قاضية. العلامات التجارية ليست مجنونة”.

“إثارة الشكوك”
بينما يُشدد مستخدمو تيك توك على خبرات العمال الصينيين، الذين يُصوَّرون على أنهم أصحاب مهارات تستعين بهم العلامات التجارية الفاخرة الكبرى في الخفاء، يوضح كارلس أن “ورش التزوير هذه لا تحترم مطلقًا مختلف مراحل التصنيع”، مستشهدًا بمثال حقيبة “بيركين” الشهيرة من “إيرميس” التي تتطلب “مئات الساعات من العمل”.
ويسعى مستخدمو الإنترنت الذين ينشرون هذا المحتوى إلى “إثارة الشكوك” بهدف “استنفاد مخزوناتهم” من المنتجات غير القانونية، وفق كارلس الذي يتحدث عن “حملة واسعة الانتشار تعززت عبر وسائل التواصل الاجتماعي” و”يصعب التصدي لها”.
أما العلامات التجارية، من جانبها، فتلتزم الصمت و”تتعامل مع الأمر بازدراء”، وهو خطأ وفق كارلس.
ويرى ميشال فان، أستاذ تسويق المنتجات الفاخرة في كلية إمليون الفرنسية للأعمال، أن اتهام الصين بإنتاج منتجات فاخرة سرية يُروج لها على أنها مصنوعة في أوروبا “لا أساس له من الصحة”.
كذلك الأمر بالنسبة للرواية التي طُرحت على تيك توك وتُفيد بأن ذلك يشكل ردًا صينيًا على الإجراءات الجمركية الأمريكية. وقال إن “هذا غير منطقي، لأن مهاجمة العلامات التجارية الأوروبية لا تضر الحكومة الأمريكية بأي شكل من الأشكال”.
استياء وغضب من مستهلكين
وأثارت مقاطع الفيديو هذه استياء لدى مستخدمين للإنترنت، إذ عّبر البعض ممّن اطلعوا عليها عن “الغضب” لشرائهم منتجات فاخرة بأسعار باهظة، فيما أن تكلفتها الحقيقية أقل كثيرًا من سعرها.
سأل آخرون في التعليقات عن أسماء “موردي العلامات التجارية الفاخرة الكبرى” في الصين الذين يمكنهم شراء المنتجات منهم بأسعار مخفضة.
في الوقت نفسه، يُنظّم تجار صينيون عمليات بيع مباشرة على تيك توك، عبر ربطها بمواقع إلكترونية.
وتحصد فترات البث الحي أو الرسائل المباشرة مئات المشاهدات لكل منها. وتُعرض فيها نماذج للمنتجات الفاخرة وتُرقّم وتُرتّب على الرفوف. وفي إحدى هذه الرسائل، يقول صوت موّلد بواسطة الذكاء الاصطناعي بالفرنسية “توصيل سريع عبر خدمة دي اتش إل. منتجات مطابقة لتلك الموجودة في المتاجر. الفرق الوحيد: السعر”.
مقاطع فيديو بالفرنسية والإنجليزية
ويُبث الكثير من مقاطع الفيديو، التي تروج لمنتجات صينية مشابهة لماركات عالمية، باللغتين الإنجليزية والفرنسية، ما يُشير إلى أن مستخدمي الإنترنت في أوروبا وأمريكا الشمالية هم المستهدفون الرئيسيون.
وتُعرف الصين بانتظام بأنها أكبر بؤرة لتقليد المنتجات في العالم. وبحسب بعض التقديرات، تُصنّع 70 إلى 80% من المنتجات المقلدة في البلد الآسيوي العملاق.
ويشكل شراء المنتجات المقلدة مخالفة قانونية في دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك في العديد من الدول الأخرى. وفي فرنسا، يُعاقَب على هذه الجريمة بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة قدرها 300 ألف يورو. كما يُمكن للجمارك مصادرة المنتجات وفرض غرامة تعادل قيمتها.
وبحسب مكتب الاتحاد الأوروبي للملكية الفكرية يُكلّف التزوير الصناعة الأوروبية 16 مليار يورو سنويا. وأكثر القطاعات تضررًا هي الملابس ومستحضرات التجميل ولعب الأطفال.