طبيبان مبتعَثان من قطر يرويان مواقف “تقشعر لها الأبدان” في غزة (فيديو)

“رأينا مشاهد تقشعر لها الأبدان، وفوجئنا بصمود أهالي غزة وصبرهم على الأوضاع، ولن ننسى إصرار الأطفال على الحياة بالرغم من القصف والدمار”.. بهذه الكلمات اختصر طبيبان مبتعَثان من قطر رحلتهما الطبية القصيرة إلى قطاع غزة، التي كانت مشبَعة بالمشاهد المؤلمة، لكنها أيضًا حافلة بالدروس الإنسانية المؤثرة.
الطبيبان إيهاب مساد وضياء رشدان، المبتعَثان من قطر ضمن فريق طبي ضم أربعة أطباء، عملا أسبوعين متواصلين في مستشفى غزة الأوروبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، حيث قدَّما المساعدة لمئات الحالات المرضية والمصابين وسط أوضاع صحية وإنسانية وُصفت بأنها “كارثية”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsشاهد: طفل غزي يبتهج بالحصول على ربطة خبز وسط المجاعة في القطاع
“الأطفال يعلمون جيش إسرائيل سياسة الابتزاز”.. الأب مانويل مسلم يحذر من 3 أمور (شاهد)
كمين مركب يوقع جنودا إسرائيليين بين قتيل وجريح
لم نجد في غزة شيئًا صامدًا إلا الإنسان
الدكتور إيهاب مساد، استشاري جراحة الصدر بمؤسسة حمد الطبية في قطر، قال للجزيرة مباشر “وصلنا إلى غزة لتقديم المساعدة لأهالي القطاع قدر الإمكان في ظل الوضع الصحي الصعب والحاجة الماسّة للكوادر الطبية”.
وأضاف مساد واصفًا المشهد “غزة قد تكون أجمل مدينة في العالم، لكنها للأسف مدمَّرة. صُدمنا بالدمار الموجود، وبحثنا عن أي شيء صامد، فلم نجد سوى الإنسان”.
وأوضح بتأثر بالغ “أكثر ما هزني مشاهد الأطفال الذين يحاولون التمسك بالحياة في ظل غياب أدنى مقوماتها. رأيت إصابات تصل بأعداد كبيرة، وكنت شاهدًا على عدد من المجازر”.
وتابع باكيًا “معظم الإصابات كانت لأشخاص لا علاقة لهم بالحرب. أكثر موقف لن أنساه في حياتي هو منظر الأطفال الذين يبحثون عن الطعام والشراب. كيف في عام 2025، وفي عالم يُفترض أنه متحضر، نرى هذا المشهد؟ لا يمكن أن أنسى الطفل الذي بكى أمام قسم الطوارئ على جميع أفراد عائلته الذين فقدهم في يوم واحد”.
وأشار إلى أن المرضى يتعرضون “لقتل ممنهج ومتعدد المراحل، في العلاج وما بعد العلاج”، مشددًا على أن الواقع الذي لمسه في غزة يختلف جذريًّا عن الصورة التي يسوّقها الاحتلال الإسرائيلي.
وقال “شعرت بطيبة أهل غزة، وكأنني بينهم بين أهلي وناسي”.
بنيان غزة مهدَّم والنفوس عالية
من جانبه، قال الدكتور ضياء رشدان، رئيس قسم العيون بمستشفى سدرة للطب في الدوحة، إن ما رآه في غزة بالعين المجردة “يختلف تمامًا عما يُعرض على شاشات التلفاز”، مشيرًا إلى أن القاسم المشترك الوحيد بين الحقيقة والصورة الإعلامية هو “الدمار الكامل لكل شيء، من المباني ودور العبادة إلى الجامعات والمنظومة الصحية بكافة مستوياتها”.
وأضاف رشدان “رغم الدمار، رأيت بنيانًا عظيمًا من الهمم والعزيمة بين أهلنا في غزة. رأيت صبرًا وإصرارًا لا يُصدَّق، وكان من المستحيل أن أنسى مشاهد الأطفال الذين يصرون على الحياة”.
وعن ظروف العمل، أوضح رشدان أنه كان يعمل في أجواء “مخيفة”، وسط دمار وقصف دائم وتحليق لطائرات الاحتلال في سماء غزة، لكنه أصر على أداء مهمته الإنسانية والإسهام في تخفيف المعاناة عن السكان.
واختتم رشدان حديثه والدموع في عينيه، قائلًا “اليوم هو آخر يوم لي في غزة، وكنت أتمنى أن تطول المدة، وأن أعود مرات أخرى لأساهم في تخفيف الألم. للأسف، المستهلكات الطبية غير متوفرة، ونضطر لإعادة استخدامها أكثر من مرة”.
وأضاف “ما نراه في وسائل الإعلام أقل بكثير مما يحدث على الأرض. يكفي أن تقف أمام بوابة الإسعاف لترى سيارات الإسعاف تتوافد الواحدة تلو الأخرى. من أكثر المشاهد إيلامًا رؤية سيارات الإسعاف تنقل المصابين والضحايا دون توقف”.