يديعوت أحرونوت تكشف: إسرائيل تكرم جنودا “متفوقين” مع إخفاء هوياتهم خشية الملاحقات القضائية

الجيش الإسرائيلي يقرر التوقف عن كشف أسماء الجنود وصورهم في وسائل الإعلام
الجيش الإسرائيلي قرر منذ فترة التوقف عن كشف أسماء الجنود وصورهم في وسائل الإعلام (رويترز)

قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إن حفل تكريم الجنود المتفوقين، الذي يُنظّم سنويًّا في “عيد الاستقلال” الإسرائيلي، جرى هذا العام وسط تغييرات جذرية، تمثّلت في إخفاء هويات الجنود المشاركين بالكامل، في خطوة تعكس تصاعد القلق الرسمي من الملاحقات القضائية الدولية لجنود الجيش الإسرائيلي.

وللمرة الأولى في تاريخ احتفالات إسرائيل على مدار نحو 8 عقود، وُضعت قيود صارمة على مجريات هذا الحدث الوطني، الذي لطالما اعتُبر واحدًا من أكثر المناسبات الرسمية فخرًا وعلانية. إذ أوضحت الصحيفة أنه “لأول مرة، أُقيم الحفل تحت قيود أمنية فرضها الجيش دون الكشف عن وجوه وأسماء الجنود المتفوقين”.

ولم يقتصر الإجراء فقط على حجب الوجوه، بل شمل أيضًا الامتناع عن نشر الأسماء الكاملة أو التفاصيل الشخصية الخاصة بالجنود كما جرت العادة في الأعوام السابقة.

وبموجب هذه التغييرات، جرى تصوير الجنود من الخلف فقط، ومُنع الإعلام من تغطية القسم الثاني من الحفل، وهو تسليم الشهادات، الذي أُقيم بعيدًا عن البث الحي، وبحضور العائلات فقط.

ووفق الصحيفة، فإن هذا التكتّم جاء “بدافع عملياتي ورغبة في الحفاظ على أمن المعلومات وسلامة الجنود، على خلفية الخشية من ملاحقتهم قضائيًّا حول العالم”.

ولا يقتصر القلق الإسرائيلي على الجنود فقط، إذ لوحظ خلال الحفل أن أفراد وحدة حراس الشخصيات التابعة لجهاز الشاباك، الذين يرافقون الرئيس ورئيس الوزراء، ارتدوا هذا العام أقنعة سوداء لإخفاء وجوههم بالكامل. هذا الإجراء، وصفته الصحيفة بأنه “قرار استثنائي”، وأوضحت أنه يهدف إلى حماية هوياتهم “خوفًا من أن يحاول أحد اعتقالهم خارج البلاد”.

ورغم التعتيم، حاولت المؤسسة العسكرية بثّ رسائل تمجيد للجنود من خلال شهادات مقتضبة. أحد هؤلاء الجنود قال: “نحن جميعًا إخوة، ويجب أن نُظهر وحدة صهيونية قوية في مواجهة أعدائنا”، وقالت جندية أخرى خدمت في قطاع غزة: “اللحظات المؤثرة في خدمتي كانت حين نظمنا فعاليات للجرحى ولعوائل القتلى في وحدتنا. تلك لحظات مشبعة بالمعنى”.

اتهامات بارتكاب جرائم حرب

الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الذي ترأس الحفل إلى جانب رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، عبّر كذلك عن التوتر الذي يحيط بالمشهد، حين قال إن “دولة إسرائيل لا تستطيع أن تحتفل حقًّا بعيد الاستقلال بينما لا يزال 59 من مواطنيها مختطفين”، داعيًا إلى إعادتهم “بكل الوسائل، وبدون تأخير”.

اللافت أن هذه التغييرات تأتي في لحظة حساسة جدًّا لإسرائيل، إذ تواجه الحكومة والجيش اتهامات متزايدة بارتكاب جرائم حرب في غزة، في وقت تتصاعد فيه الدعوات في أوروبا وأمريكا لمحاسبة القادة العسكريين، وهو ما دفع المؤسسة الأمنية، التي لطالما تباهت بجنودها على الملأ، إلى التراجع خطوات إلى الوراء، وإخفاء هوياتهم خشية أن يتحوّل “التفوق” إلى “إدانة”.

حفل كان يُبث في العلن على مدى عقود، ويُروى فيه عن كل جندي، اسمه، قصته، وبطولته، أصبح هذا العام عرضًا مغلقًا، تتحكم فيه الخشية لا الفخر. وربما يعكس هذا الواقع المقلوب قلقًا داخليًّا متصاعدًا، لا يهدد فقط الجنود على الجبهات، بل يضع المجتمع الإسرائيلي أمام مرآة يرى فيها ملامحه تتوارى وراء أقنعة سوداء.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان