الهند تحظر آلاف الحسابات على “إكس” على وقع الحرب مع باكستان

التقت الجزيرة مباشر عددًا من مسؤولي حسابات حظرتها منصة إكس في الهند بطلب من الحكومة الهندية في ظل الحرب الدائرة مع باكستان المجاورة، وأكدوا أنهم لا يعلمون سبب هذا الإجراء “التعسفي” من جانب الحكومة الهندية.
وأعلنت إدارة الشؤون الحكومية العالمية في منصة “إكس” أنها تلقت أوامر تنفيذية من حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي لحظر أكثر من 8 آلاف حساب، مع تهديد بفرض “عقوبات محتملة تشمل غرامات كبيرة وسجن موظفي الشركة المحليين” في حال عدم امتثال المنصة.
ومن بين الحسابات المحظورة مؤسسات إعلامية بارزة وصحفيون وناشطون حقوقيون ومسلمون، ولم تصدر الحكومة الهندية أي بيان رسمي يوضح الأسباب أو عدد الحسابات التي جرى حجبها، بينما قالت منصة إكس إنها تزيد على 8 آلاف حساب.
وقال بيان منصة إكس إن الأوامر التنفيذية الهندية “تتضمن حجب الوصول داخل الهند إلى حسابات تعود لمؤسسات إخبارية دولية ومستخدمين بارزين على المنصة”.
وأضاف البيان أن الحكومة الهندية لم تحدد في معظم الحالات المنشورات التي انتهكت القوانين المحلية، ولم تقدّم مبررًا لحجب الحسابات في العديد من الحالات، لكن الشركة -المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك– أوضحت أنها لا توافق على طلب الحكومة الهندية، لكنها ستلتزم بالأوامر بحجب الحسابات التي حددتها الحكومة الهندية، وستنفذ الحجب داخل الهند فقط.
“قيود قانونية”
وقالت الشركة إن “حجب الحسابات كلها لا داعي له، بل ويُعَد أيضًا شكلًا من أشكال الرقابة على المحتوى الحالي والمستقبلي، ويتعارض مع الحق الأساسي في حرية التعبير”.
وأكدت المنصة أن الكشف عن هذه الأوامر التنفيذية التي تلقتها من الحكومة الهندية “ضروري من أجل الشفافية”، لكنها أوضحت أنها لا يمكن الكشف عنها حاليًّا “بسبب القيود القانونية”.
X has received executive orders from the Indian government requiring X to block over 8,000 accounts in India, subject to potential penalties including significant fines and imprisonment of the company’s local employees. The orders include demands to block access in India to…
— Global Government Affairs (@GlobalAffairs) May 8, 2025
ومن بين الحسابات المحجوبة داخل الهند، حسابات موقع “مكتوب ميديا” الإخباري الذي يديره مسلمون، والمواقع الإخبارية الكشميرية “ذا كشميريات” و”فري برس كشمير”، والصحفيَّين الكشميريَّين أنورادها بهاشن ومزمل جليل، والناشطَين المسلمَين سميع الله خان وسبأ خان وغيرهما.
وفي تصريحات للجزيرة مباشر، قال أصلح كايالاكث -رئيس تحرير موقع “مكتوب ميديا” وأحد مؤسسيه- إن مؤيدين لأفكار الهندوتفا (القومية الهندوسية المتطرفة) كانوا منزعجين من تغطية موقعه للاعتداءات على المسلمين في الهند والكشميريين بعد الهجوم على السياح في كشمير.
وأضاف كايالاكث “ليس لدينا أي علم بسبب هذا الإجراء التعسفي من الحكومة. إنه اعتداء على حرية الصحافة. لم نتلق أي إشعار أو تفسير لهذا الإجراء”.
وأكد كايالاكث أن موقعه يعمل بشكل حيادي وموضوعي، وأوضح “غطينا هجوم باهالغام، وحملة الكراهية التي تبعته ضد الكشميريين في أنحاء الهند، والتوتر المستمر بين الهند وباكستان. وسلطنا الضوء على فيناي ناروال الذي قُتل في باهالغام بعد أيام من زواجه، وعديل شاه الكشميري الذي قُتل أثناء إنقاذه للسياح”.
وتابع قائلًا “بعد هجوم باهالغام، شهدنا سلسلة من الاعتداءات على الكشميريين والمسلمين. قُتل ثلاثة مسلمين على الأقل. ‘مكتوب’ من بين القلائل الذين غطوا هذه الجرائم. تلقيت بنفسي ما لا يقل عن 50 مكالمة تهديد من أفراد من اليمين الهندوسي، قالوا إن صحافتي تتعارض مع مصلحة الأمة. لكن كيف يمكن أن يكون القتل والاستهداف في مصلحة الأمة؟”.
وأكد كايالاكث عزمه الطعن على حظر حساب موقعه أمام المحكمة العليا، وقال “نحن مؤسسة إعلامية تركز على حقوق الإنسان، وسنواصل ذلك، سواء في باهالغام أو أي مكان آخر. هذه هي الصحافة بالنسبة لنا. عندما اندلعت المواجهات، لم ننخرط في التحريض على الحرب. ربما لهذا السبب رأتنا الحكومة تهديدًا”.
We have learned that @MaktoobMedia’s X account has been withheld in India in response to a legal demand. We have no knowledge of the reason for the government’s arbitrary action. It is an assault on press freedom. Maktoob pledges to continue its crucial work at a time when truth… pic.twitter.com/jjjggFt8ak
— Aslah Kayyalakkath (@aslahtweets) May 8, 2025
بدورها، قالت المعلمة والناشطة الهندية على “إكس” سبأ خان، التي تركز على الانتهاكات ضد المسلمين في الهند، في تصريحات للجزيرة مباشر، إن حسابها حُجب بسبب دفاعها عن حقوق الأقليات.
وأضافت “حجب هذا العدد الكبير من الحسابات يُعَد انتهاكًا صارخًا للسلطة. يبدو أنه جهد منظم ومتعمَّد لإسكات الأصوات المدافعة عن حقوق الأقليات. في المقابل، تنتشر حسابات اليمين المتطرف التي تنشر الكراهية والمعلومات المضللة، مما يثير تساؤلات بشأن نزاهة آليات الرقابة. كيف يمكن تبرير هذا التفاوت؟”
وتابعت سبأ “عادةً، إذا كانت هناك منشورات لا تروق للحكومة، فإنها ترسل بريدًا إلكترونيًّا يطلب إزالتها. لكن هذه المرة، لم يحدث إرسال أي إشعار أو طلب إزالة. بل جرى حجب الحساب مباشرةً دون أي تفسير”.
وإلى جانب حسابات الناشطين والحقوقيين والمواقع الإخبارية، تعرضت حسابات شخصيات ومواقع إعلامية باكستانية ودولية أخرى للحجب داخل الهند. كما حُجب موقع “ذا واير”، المؤسسة الإخبارية الشهيرة التي تتخذ من نيودلهي مقرًّا لها، والمعروفة بتغطيتها المنتقدة لحكومة حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المتطرف، داخل الهند.
وفي بيان رسمي، أدانت “ذا واير” الإجراء، ووصفته بأنه “انتهاك واضح لحرية التعبير التي يضمنها الدستور”.
وقال البيان “نستنكر هذا الحجب الصارخ في وقت حرج بالنسبة للهند، إذ تُعَد الأصوات العاقلة والعادلة والمصادر الموثوقة من الأخبار من أهم موارد البلاد. نتخذ كل الخطوات اللازمة للطعن على هذا الإجراء التعسفي وغير المبرَّر”.
وأضافت المؤسسة الإخبارية التي يتابعها أكثر من 1.3 مليون حساب على إكس “لن يمنعنا هذا (الحجب) من مواصلة تقديم أخبار دقيقة وصادقة إلى قرائنا”.
Dear Readers of The Wire
In a clear violation of the Constitutional guarantee of freedom of the press, the Government of India has blocked access to https://t.co/mEOYg6zJMu across India. + pic.twitter.com/K1jRk3Vxpy
— The Wire (@thewire_in) May 9, 2025