الاقتصاد السوري يواجه أزمة طاحنة.. تعرف إلى أبعادها

لم تسلم قطاعات الاقتصاد السوري الرئيسة، وعلى رأسها قطاعا النفط والزراعة، من تبعات الحرب الأهلية الواسعة التي شهدتها سوريا منذ أن سعى بشار الأسد إلى قمع الثورة التي اندلعت ضد حكمه عام 2011، وما أعقبها من عقوبات دولية على نظامه.
وأدت الحرب الأهلية والعقوبات إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بشكل كبير ليصل حاليا إلى نحو 15% فقط مما كان عليه في عام 2011، ما يعني انكماشا في الاقتصاد السوري بنسبة 85% وفق بيانات برنامج الأمم المتحدة للتنمية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsشاهد: أول كلمة للرئيس السوري أحمد الشرع بعد إعلان ترامب رفع العقوبات
آيزنكوت: لقاء ترامب بالشرع نذير سوء لإسرائيل
كيف سيستفيد المواطن السوري بعد رفع العقوبات الأمريكية عن بلاده؟ (فيديو)
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي لسوريا في عام 2011 نحو 67.5 مليار دولار، فيما تراجع حاليا إلى نحو 9 مليارات دولار فقط، وتُظهر البيانات السورية الرسمية أن حجم الاقتصاد انخفض إلى أكثر من النصف بين عامي 2010 و2022. غير أن البنك الدولي يرجح أن هذه المعدلات أقل من الأرقام الحقيقية.
ماذا حدث لقطاع النفط السوري؟
كان قطاع النفط السوري قادرا على تصدير أكثر من 380 ألف برميل يوميا عام 2010، وكانت إيرادات النفط أحد أهم مصادر الدخل للحكومة السورية. غير أن الوضع اختلف تماما مع سيطرة جماعات مختلفة، بينها تنظيم الدولة وجماعات كردية، على الجزء الأكبر من حقول النفط في سوريا.
وكانت النتيجة هي تراجع القدرة على الإنتاج بشكل حاد لتصل إلى نحو 90 ألف برميل يوميا في عام 2023، وفق بيانات البنك الدولي، كما أن العقوبات جعلت من الصعب تصدير النفط بشكل شرعي، وبقي المتاح هو تهريب النفط وبيعه في السوق السوداء.
ومع تراجع إنتاج النفط لجأ نظام الأسد إلى إيران للحصول على نحو مليون إلى 3 ملايين برميل من النفط شهريا، وفق ما ذكر خبراء لوكالة “رويترز”، لكن هذه الإمدادات توقفت منذ شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي مع سقوط نظام الأسد.

ما حجم التراجع في قطاع الزراعة؟
أدت الحرب الأهلية في سوريا، والهجرة الواسعة للأيدي العاملة خاصة من الشباب، إلى انخفاض عدد المزارعين وتضرر الري وتضاؤل إمكانية الحصول على البذور والأسمدة.
وتراجع الإنتاج الزراعي إلى مستويات غير مسبوقة في عامي 2021 و2022 حين هبط إنتاج القمح وحده إلى ربع الكمية التي كانت تبلغ حوالي 4 ملايين طن سنويا قبل عام 2011.
واستوردت سوريا نحو مليون طن من الحبوب سنويا من روسيا، وتوقفت التدفقات مؤقتا عند سقوط نظام الأسد لكنها استؤنفت الشهر الماضي.
وأبدت أوكرانيا أيضا استعدادها لتوريد القمح دون وضوح الآلية التي ستسدد بها سوريا المدفوعات.
كيف اعتمد نظام الأسد على إنتاج “الكبتاجون” وتصديره؟
بحسب البنك الدولي، أدى تضاؤل إيرادات النفط والسياحة إلى انخفاض صادرات سوريا من 18.4 مليار دولار في عام 2010 إلى 1.8 مليار دولار في عام 2021.
وأصبح إنتاج عقار “الكبتاجون” المخدر القطاع الاقتصادي الأكثر قيمة، وقدر البنك الدولي العام الماضي القيمة السوقية الإجمالية للمخدر المنتج في سوريا بما يصل إلى 5.6 مليارات دولار.
كيف تراجع سعر صرف العملة السورية؟
يبلغ سعر صرف الليرة السورية حاليا في البنوك نحو 11065 ليرة للدولار الواحد، فيما بلغ سعر الصرف حوالي 22 ألف ليرة للدولار الواحد وقت سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكان سعر الصرف هو 47 ليرة للدولار في مارس/آذار 2011 عندما اندلعت الثورة وبدأ النظام في قمعها، ما يوضح الانهيار الكبير في قيمة الليرة السورية خلال 13 عاما من حكم بشار الأسد، ما أسهم في زيادة معدلات الفقر حيث يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر، وفق بيانات الأمم المتحدة.
وبعد تولي الحكومة الجديدة السلطة، تعهد المصرف المركزي باعتماد سعر صرف رسمي موحد لليرة السورية.
واختيرت ميساء صابرين حاكما للمصرف المركزي لتكون بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخه الممتد لأكثر من 70 عاما.
كم تبلغ الديون الحكومية السورية؟
وفق ما أعلنت الحكومة السورية فإن ديونها تتراوح ما بين 20 و23 مليار دولار معظمها في شكل قروض ثنائية.
وذكرت وكالة “رويترز” أن الديون الحكومية ربما قد تكون أعلى بكثير نظرا لأن دمشق قد تواجه مطالبات من إيران وروسيا بمبلغ يتراوح بين 30 و50 مليار دولار.
وقال محامون بارزون في مجال الديون السيادية لـ”رويترز” إن تلك الالتزامات التي تعود إلى عهد الأسد يمكن شطبها لاعتبارها ديون تحملتها البلاد دون موافقة الشعب السوري أو إنفاقها لصالحه بسبب توجيه الكثير منها لتزويد حكومة الأسد بالأسلحة.
ما احتياطيات المصرف المركزي السوري؟
قالت مصادر لـ”رويترز” في وقت سابق إن المصرف المركزي يملك احتياطيات نقدية من النقد الأجنبي لا تتعدى نحو 200 مليون دولار، وهو انخفاض كبير عن مبلغ 18.5 مليار دولار قدر صندوق النقد الدولي أن سوريا كانت تملكه قبل اندلاع الحرب الأهلية.
ولدى المصرف المركزي أيضا ما يقرب من 26 طنا من الذهب بقيمة تزيد عن 2.6 مليار دولار بأسعار السوق الحالية.
وقالت الحكومة السورية إنها تتوقع استرداد ما يصل إلى 400 مليون دولار من أصولها المجمدة للمساعدة في تمويل إصلاحات تشمل زيادات في رواتب بعض موظفي القطاع العام أقرتها الدولة في الآونة الأخيرة.
وكانت الحكومات الغربية جمدت هذه الأصول خلال فترة حكم الأسد، لكن لم تتضح بعد قيمتها الدقيقة وموقعها الآن ومدى سرعة استعادتها.
وقالت سويسرا إن ما قيمته حوالي 99 مليون فرنك سويسري (118 مليون دولار) موجود حاليا في بنوكها.