“جسد أنهكه الألم”.. صرخة من خلف القضبان تُجسد معاناة صحفية تونسية (فيديو)

دخلت الصحفية التونسية شذى الحاج مبارك، الأربعاء الماضي، في إضراب مفتوح عن الطعام داخل سجن “المسعدين” بمحافظة سوسة، احتجاجًا على ما وصفته عائلتها ومحاموها بالحرمان الممنهج من الرعاية الصحية والعلاج، وسط تدهور خطير في حالتها الصحية، لاسيما بعد إصابتها بمشاكل حادة في السمع وعدد من الأعراض المزمنة الأخرى.

وكشفت رشيدة الحاج مبارك، والدة شذى، للجزيرة مباشر، أن ابنتها “مريضة ولا تتلقى العناية الطبية اللازمة”، مشيرة إلى أنها ظهرت خلال الزيارة الأخيرة شاحبة وضعيفة وكأن السجن سلب منها كل طاقتها.

فقدان السمع

وأكدت أن ابنتها “فقدت جزءًا كبيرًا من سمعها حتى أنها لم تتمكن من الحديث معها”، في زيارة عكست حجم المعاناة الجسدية والنفسية التي تعيشها خلف القضبان.

ورغم هذا الوضع القاسي، عبّرت والدة شذى عن إيمان ابنتها ببراءتها، قائلة “معنوياتها لا تزال جيدة، لكنها تطالب بالحرية”.

واستذكرت بحزن عميق إحدى اللحظات القاسية التي تعرضت لها ابنتها حين وصفتها سجينة بـ”الإرهابية”، ما ترك جرحًا نفسيًا بالغًا لدى شذى التي تعتبر نفسها ضحية لمحاكمة سياسية.

الحق في العلاج

وفي السياق ذاته، قال شقيقها آمن الحاج مبارك إن شذى تخوض إضرابًا عن الطعام بسبب “حرمانها من الحق في العلاج”، موضحًا أنها تعاني من ضعف سمع، وارتفاع ضغط العين، ومشاكل في العمود الفقري والكتف ومعصم اليد اليمنى. وأضاف أن شكلها تغير بالكامل منذ دخولها السجن، حتى أن “صورها الحالية قد لا تتيح لنا التعرف عليها”.

من جانبه، شدد محاميها سمير ديلو على أن شذى “تعرضت لمظلمة كبيرة”، معتبرًا أن الحكم الصادر بحقها بالسجن لخمس سنوات في ما يعرف بـ”قضية إنستاليغو” جاء “في غياب تام لأبسط شروط المحاكمة العادلة”.

وأضاف أن “وجود شذى في القضية كان مطلوبًا فقط لإكمال ديكور محاكمة سياسية أراد النظام أن يظهر فيها صحفيون إلى جانب نشطاء وسياسيين”.

جسد أنهكه المرض

وفي رسالة من داخل زنزانتها، أعلنت شذى دخولها في الإضراب بكلمات مؤلمة كتبتها تحت وطأة المرض “لم أعد أتناول مسكنات الألم، فجسدي لم يعد يتقبلها بسبب معدتي. صرت أتقيأ كثيرًا وأفقد وعيي من شدة الألم.. لا أقوى على تحمّل المزيد بهذا الجسد الذي أنهكه المرض”.

وتعد قضية “إنستاليغو” من أبرز القضايا السياسية التي فجّرت جدلاً واسعًا في تونس منذ عام 2021، بعد أن شملت اتهامات لـصحفيين وناشطين وسياسيين بتهم تتعلق بـ”التآمر على أمن الدولة الخارجي” و”إتيان أمر موحش ضد رئيس الجمهورية”، وهو ما تنفيه هيئة الدفاع عن المتهمين وتعتبره استهدافًا للحريات الصحفية والسياسية.

مع تدهور حالة شذى الصحية واستمرار إضرابها، تتصاعد المطالب الحقوقية بالإفراج عنها وتوفير العلاج الفوري لها، في وقت تحذر فيه عائلتها من أن استمرار تجاهل وضعها الصحي قد يؤدي إلى نتائج كارثية على حياتها.