كيف أسهم الذكاء الاصطناعي في إنقاذ الغابات بالمغرب؟

أسهم إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي في استراتيجية مكافحة حرائق الغابات بالمغرب في تقليص المساحات المتضررة بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مما أتاح تحقيق نتائج غير مسبوقة على مستوى الوقاية والاستجابة السريعة.
وتأتي هذه التطورات مع تصاعد الأخطار المرتبطة بالتغيرات المناخية واتساع الحاجة إلى حماية الغطاء الغابوي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsبالذكاء الاصطناعي.. اللحظات الأخيرة من حياة مواطن مصري ضحى بحياته لإنقاذ حي سكني (فيديو)
بتقنية الذكاء الاصطناعي.. تقرير يوثق أول اقتحام للأقصى بعد احتلال القدس عام 1967 (شاهد)
“iOS 26” وابتكارات ثورية.. أبل تكشف عن مفاجأة “الزجاج السائل” وذكاء اصطناعي يغير قواعد اللعبة
وفي إطار الاستعدادات لصيف 2025، أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات، الأسبوع الماضي، تخصيص 160 مليون درهم (نحو 70 مليون دولار) لتعزيز التجهيزات والوسائل التقنية، بهدف رفع فاعلية أنظمة الإنذار المبكر والمراقبة الجوية والبرية، والحد من اندلاع الحرائق في المناطق الأكثر عرضة للخطر.
ذكاء اصطناعي ضد الحرائق
وأكد الخبير البيئي مصطفى بنرامل، في حديثه للجزيرة مباشر، أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمكافحة الحرائق بالمغرب أسهم في تراجع المساحات التي اجتاحتها الحرائق بنسبة 86% بين عامي 2023 و2024.
وفي وقت سابق، كشفت الوكالة الوطنية للمياه والغابات تسجيل ما مجموعه 382 حريقا في غابات المغرب خلال موسم 2024، أتى على مساحة تُقدَّر بـ874 هكتارا من غطاء الغابات، وتشكل الأعشاب الثانوية والنباتات الموسمية نحو 45% من هذه المساحات المحترقة.
وبحسب الوكالة، فإن هذه الحصيلة تبقى إيجابية مقارنة بعام 2023، إذ شهدت احتراق نحو 6426 هكتارا، أي بانخفاض يُقدَّر بنسبة 86%. كما سُجل تراجع بنسبة 82% مقارنة بالمتوسط السنوي للمساحات المتضررة خلال السنوات العشر الماضية.
وأكد بنرامل أن هذا التراجع الكبير لم يكن ليحدث لولا التقدم التكنولوجي الذي عرفه المغرب أخيرا في هذا المجال، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح أداة مهمة في عملية رصد وتتبُّع الأخطار المرتبطة بالحرائق والتنبؤ بها.

أدوات الذكاء الاصطناعي في مكافحة الحرائق
وأوضح بنرامل أن المملكة المغربية خطت خطوات متقدمة في توظيف التكنولوجيا الحديثة، من خلال شراكات علمية مع دول أوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، أسفرت عن تطوير أدوات دقيقة لرسم خرائط التنبؤ بحرائق الغابات.
وتُمكّن هذه الخرائط -وفقا للخبير المغربي- من تحديد المناطق الأكثر عرضة لنشوب النيران، مما يسمح بتوجيه فرق التدخل بشكل استباقي وأكثر فاعلية.
ويفسر بنرامل أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على تحليل صور الأقمار الاصطناعية، إلى جانب بيانات الطقس مثل درجات الحرارة والرطوبة وتساقط الأمطار، بهدف قياس معدلات جفاف النباتات الموسمية، التي تُعَد عاملا رئيسيا في اندلاع الحرائق.
وتشمل التقنيات الحديثة المستخدمة في مكافحة الحرائق بالمغرب الطائرات المسيَّرة، وأجهزة استشعار أرضية، وكاميرات تعمل بالذكاء الاصطناعي تُوضع في المناطق المعرَّضة للحرائق، للكشف عن الدخان أو ارتفاع درجة الحرارة.

وكشف الخبير المغربي أن هذه التقنيات تربط المعطيات المناخية والجغرافية لإنتاج خرائط تفاعلية تُظهر النقاط الساخنة المحتملة، مما يسمح بإعداد سيناريوهات تدخُّل تشمل فرق الإطفاء الأرضية وطائرات “كنادير” المتخصصة.
وبحسب الخبير البيئي، فإنه رغم التقدم التكنولوجي فلا تزال هناك تحديات تواجه المغرب في هذا المجال، أبرزها التكلفة المالية المرتفعة، ونقص الموارد البشرية الكافية لتغطية المساحات الغابوية الشاسعة.
وشدَّد بنرامل على أهمية ابتكار “برامج تحسيسية وتوعوية مستمرة”، لرفع وعي المواطنين بخطورة الحرائق وأسبابها.
الضحايا بين الخسائر والألم
تهديدات متواصلة بنيران الحرائق تلاحق الساكنة المجاورة لغابات المغرب، وعادة ما تتعرض خلال فصل الصيف لدمار مادي وألم نفسي عميق، خاصة في حال تسجيل وفيات أو أضرار بشرية.
عبد السلام اليونسي، أحد المتضررين من حرائق الغابات التي اجتاحت عددا من قرى جماعة بوجديان في إقليم العرائش بشمال المغرب في يوليو/تموز 2022، قال للجزيرة مباشر إن هذه الكارثة خلَّفت وراءها مآسي كبيرة وخسائر مادية جسيمة، شملت منازل السكان ونفوق العديد من رؤوس الماشية، إضافة إلى احتراق أشجار الزيتون.
وأوضح اليونسي أن الحرائق تسببت في فقدان عشرات الأسر مصدر رزقها، خاصة تلك التي تقطن بجوار الغابات وتعتمد على الفلاحة مصدرا أساسيا لكسب قوت يومها.
وتشكل الغابات نحو 12% من مساحة الأراضي المغربية، وتُعَد من المناطق الأكثر هشاشة في مواجهة الحرائق، وخصوصا خلال فصل الصيف الذي يشهد ارتفاعا في درجات الحرارة، وانخفاضا في الرطوبة، وهبوب رياح جافة قوية، وفق ما أوضحته الوكالة الوطنية للمياه والغابات.