منظمة هولندية تكشف تورط شركات محلية في تصدير كلاب بوليسية تستخدمها إسرائيل ضد الفلسطينيين (فيديو)

كشف تحقيق أجرته منظمة “سومو” الهولندية، المتخصصة في مراقبة أداء الشركات متعددة الجنسيات، عن تورّط شركات هولندية في تصدير كلاب شرطة إلى إسرائيل، يُرجّح استخدام الاحتلال لها في ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وقالت الصحفية ليديا دي ليوو، الباحثة الرئيسة في التحقيق، في حوار خاص مع الجزيرة مباشر، إن هذا التحقيق بدأ منذ أشهر عدة، وسط صعوبات بالغة في الوصول إلى بيانات تتعلق بسلاسل التوريد، نتيجة تعتيم الشركات المعنية، ورفض الحكومة الهولندية الإفصاح عن المعلومات، رغم طلب البرلمان توضيحات رسمية.
اقرأ أيضا
list of 4 items“ليس لدينا ما نقوم بتوزيعه”.. الأونروا: الحياة تنفد في قطاع غزة ووصلنا إلى مستوى ما بعد الكارثة (فيديو)
محكمة العدل الدولية تبدأ جلسات بشأن منع إسرائيل دخول المساعدات لغزة
في مرافعتها أمام العدل الدولية.. مصر تطالب بانسحاب الاحتلال وتمكين السلطة الفلسطينية من إدارة غزة (فيديو)
وأوضحت دي ليو أنه بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وفبراير/شباط 2025، صدرت 110 شهادات بيطرية لتصدير كلاب بوليسية إلى إسرائيل، منها 100 شهادة مُنحت لشركة واحدة، تُدعى “ويندز كي-9″، التي أظهرت وثائق رسمية مسرّبة أن الجيش الإسرائيلي يعتمد عليها كمورد ثابت للكلاب البوليسية.
ورغم أن الشهادات لا تؤكد بشكل قاطع وصول الكلاب للجيش الإسرائيلي، فإن دي ليو أشارت إلى تصريحات رسمية من الجيش تؤكد استيراده كلابًا من هولندا، كما أن نمط الانتهاكات الميدانية التي وثّقتها منظمات حقوقية فلسطينية يدعم هذا الترجيح.
شهادات صادمة من غزة والضفة
واستندت منظمة “سومو” في تحقيقها إلى شهادات جمعتها منظمات حقوقية فلسطينية، مثل مؤسسة الحق، ومركز الميزان لحقوق الإنسان، وقد أظهرت الشهادات المتكررة نمطًا ممنهجًا لاستخدام جنود الاحتلال الإسرائيلي للكلاب في مداهمات واعتقالات، وممارسة التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين.
إحدى الشهادات، بحسب دي ليو، تعود إلى أم من نابلس كانت تجهز أطفالها للذهاب إلى المدرسة عندما اقتحم الجنود منزلها، وأطلقوا كلبًا بوليسيًا على طفلها البالغ من العمر 3 سنوات، ما أسفر عن إصابات خطرة له، وتسبب في صدمة نفسية للأسرة.
كما وثّقت المنظمة شهادة مسعف فلسطيني من غزة اختطفه الاحتلال خلال الحرب، قال إن الجنود الإسرائيليين يستخدمون الكلاب لإرهاب المعتقلين، إذ يُجبرون على الاستلقاء ووجوههم على الأرض بينما تُطلق الكلاب عليهم، وتُستخدم لاحقًا في التحقيق معهم بهدف إرهابهم وتهديدهم.

غياب الرقابة القانونية
وانتقدت دي ليو ما وصفته بـ”التهاون القانوني”، موضحة أن الكلاب البوليسية تُصدّر من هولندا بالآليات نفسها المخصصة للحيوانات الأليفة، دون أي رقابة إضافية، رغم أنها تُستخدم كأسلحة هجومية في الميدان.
وأكدت دي ليو أن الدولة الهولندية تتحمل مسؤولية قانونية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وعليها اتخاذ إجراءات ملموسة لمنع تورط كياناتها التجارية في دعم الانتهاكات الإسرائيلية.
وطالبت منظمة “سومو” بفرض حظر كامل على تصدير الكلاب البوليسية إلى إسرائيل، أو على الأقل إخضاعها لنظام تصدير يتطلب تقييمًا دقيقًا قبل كل عملية تصدير.
تحركات قانونية واحتجاجات مستمرة:
وكان التقرير الصادر عن منظمة “سومو” جزءًا من دعوى قضائية رُفعت ضد الحكومة الهولندية من قبل 3 منظمات فلسطينية و7 منظمات هولندية، بينها “سومو”، تتهم الحكومة بتسهيل جرائم إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، عبر السماح بتصدير أسلحة ومعدات تُستخدم في جرائم حرب.
ومن المنتظر أن تُعقد جلسة استئناف في القضية خلال الصيف المقبل.
في السياق ذاته، أطلق ناشطون هولنديون دعوات جديدة للتظاهر أمام مقر شركة “ويندز كي-9” في مدينة أوس جنوبي هولندا، يوم 10 مايو/أيار الجاري، للمطالبة بوقف تصدير الكلاب فورًا.
وتُعد هذه الدعوة استمرارًا لسلسلة من الاحتجاجات، كان أبرزها في أكتوبر/تشرين الأول 2024 أمام مقر الشركة، حين تجمّع عشرات المحتجين تنديدًا باستخدام هذه الكلاب في انتهاكات ضد المدنيين.
موقف البرلمان الهولندي
في ضوء ما نشرته المنظمة، تبنّى البرلمان الهولندي قرارًا يدعو الحكومة إلى “النظر في جميع السبل الممكنة لوقف تصدير الكلاب” التي يمكن استخدامها في انتهاكات ضد الفلسطينيين.
غير أن دي ليو أشارت إلى ضعف التجاوب الحكومي، مؤكدة أن الضغوط السياسية والقضائية لا تزال الوسيلة الوحيدة لتحقيق التغيير.
وقالت دي ليو “من غير المعقول أن تضطر منظماتنا لمناشدة الحكومة كي تلتزم فقط بما يُلزمها به القانون الدولي. ما يحدث يجب أن يتوقف فورًا”.