“وحدة السهم”.. درع المقاومة لملاحقة لصوص المساعدات وكشف المتعاونين مع الاحتلال
ميليشيا ياسر أبو شباب في مرمى “السهم”

رصد تقرير لموقع موندويس الأمريكي دور “وحدة السهم” التابعة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في فرض النظام ومواجهة عصابات نهب المساعدات وميليشيا ياسر أبو شباب المدعومة من الاحتلال، التي يسعى من خلالها لإثارة الفوضى و”إدارة الجوع” في القطاع الذي يتعرض لحرب إبادة إسرائيلية منذ 20 شهرا.
وأشار التقرير إلى أن “وحدة السهم” ظهرت للعلن في مارس/آذار 2024، ثم تحولت تدريجيًّا إلى قوة تابعة فعليًّا لوزارة الداخلية في غزة التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس). وقد أنشئت بهدف منع سرقة المساعدات وملاحقة المتعاونين مع الاحتلال، وسط فراغ أمني متزايد بسبب الحرب الإسرائيلية على القطاع.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsإسرائيل تواصل قتل منتظري المساعدات في غزة.. 24 شهيدا وعشرات الإصابات (فيديو)
“ننتصر أو نموت”.. مواطنون في طهران ينددون بالهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية (فيديو)
“تساؤلات بشأن اليورانيوم المخصب”.. هل نجت إيران ببرنامجها النووي رغم القصف الأمريكي والإسرائيلي؟
من مجموعات شبابية إلى قوة شبه رسمية
وأوضح التقرير أن وحدة السهم تشكلت بداية في شكل مجموعات شبابية غير رسمية من رجال ملثمين يرتدون ملابس سوداء، ظهروا في مناطق عامة تسيطر عليها الفوضى، مثل طوابير الخبز وأجهزة الصراف الآلي والأسواق. حيث كانوا يقومون بإيقاف المشتبه في قيامهم بالسرقة ومعاقبتهم ميدانيًّا دون غطاء قانوني واضح في ذلك الوقت.
ومع تزايد الفوضى الناتجة عن استهداف الاحتلال الإسرائيلي لعناصر الشرطة في قطاع غزة، توسعت هذه المجموعات تدريجيًّا، إلى أن تحولت لاحقًا إلى العمل تحت مظلة وزارة الداخلية.
انضباط ذاتي وغطاء رسمي لاحق
وذكر موقع موندويس في تقريره أن “وحدة السهم” تضمّ في صفوفها ضباط شرطة سابقين، وأعضاء من فصائل فلسطينية، وأفرادًا من عائلات معروفة، إضافة إلى عناصر من كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس.
ونقل موقع موندويس عن “أبو محمد”، وهو مسؤول بوزارة الداخلية في قطاع غزة، تأكيده لتبعية الوحدة للوزارة وأنها “مكلفة بالحفاظ على الأمن في قطاع غزة، وخصوصا في وقت الحرب”.
وقال أبو محمد إن الوحدة تحصل على معلومات سرّية من شرطة غزة عن اللصوص والمشتبه في تعاونهم مع الاحتلال، ثم توقفهم بشكل سري بسبب تعقب الاحتلال لجميع ضباط وعناصر الشرطة في القطاع.
وأقر أبو محمد بأن وزارة الداخلية تلقت ضربة قاسية في الحرب، لكنه أكد بذل الوزارة “كل جهد ممكن للتواصل مع ضباط الشرطة وتكليفهم بتتبع لصوص المساعدات وتقديم الأسماء والأدلة” التي تدينهم.
شهادات من داخل “السهم”
وأكد أبو محمد لموقع موندويس أنه عندما تثبت التهم بشأن بعض اللصوص والخارجين عن القانون فإن الوزارة توقع بهم العقوبات التي قد تصل إلى “الإعدام” كي تجعل منهم “عبرة” للآخرين ومنع انتشار الفوضى في القطاع.
وأوضح أبو محمد أنه “ليس جميع اللصوص في غزة متعاونين مع إسرائيل“، لكنه أكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يسهل أعمال السرقة التي يرتكبونها.
ونقل موقع موندويس عن “أبو هادي”، وهو أحد ضباط الشرطة وعضو في الوحدة، أنه قرر الانضمام إلى “السهم” بعد أن شاهد عمليات نهب استهدفت مخازن الغذاء والمطابخ الدولية. وأضاف “هذه المساعدات يجب أن تذهب لأهلي وجيراني، لا إلى السوق السوداء. نحن في السهم سوف نوقف هؤلاء”.
أما “أبو إسلام”، وهو مسؤول عن التحقيقات وتوقيف اللصوص، فكشف أن عقوبات اللصوص تتراوح بين الضرب والسجن، وتصل عقوبة بعضهم إلى “القتل”.
وأضاف “العملاء الذين يثبت أنهم قتلوا (أشخاصا) أو شاركوا في عمليات قتل يجري إعدامهم”، وأوضح أن الهدف من هذه العقوبة القاسية هو “ردع الأشخاص عن التفكير في التواصل مع الاحتلال”.
وأكد أبو إسلام أن بعض الموقوفين اعترفوا بتلقي تعليمات مباشرة من ضباط إسرائيليين حول مواقع تخزين الغذاء. وأضاف “أعطونا أسماء وتكليفات. وهذا دليل واضح على أنهم متسللون وعملاء، يتلقون أوامر مباشرة من العدو الإسرائيلي في توقيتات وأماكن محددة”.
ونقل موقع موندويس عمن وصفه بأنه “مصدر أمني رفيع المستوى في المقاومة” أنه قال في بيان مكتوب إن تحقيقات المقاومة في غزة كشفت أن جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك) أو جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشين بيت) يوجهان “بعض العملاء لتنفيذ أعمال نهب واقتحام لتكون غطاء لتنفيذ عمليات أمنية”.
ونقل المصدر اعترافًا مكتوبًا لمن وصفه بأنه أحد المتعاونين مع الاحتلال قال فيه إن ضابطا إسرائيليا أمره بـ”دخول منزل أحد قادة المقاومة عبر ثقب في الجدار أحدثته طائرة مسيرة”.
وأضاف المصدر أن المقاومة كشفت عن تعرض أحد لصوص المساعدات للابتزاز من قبل جهاز الشاباك للتجسس لصالح الشاباك، وأنه استخدم تطبيقًا يُشغّله الجيش الإسرائيلي للحصول على إذن لدخول مناطق القتال. وأكد المصدر أن الشاباك استخدم السجل الجنائي لهذا اللص في ابتزازه بهدف تجنيده لأغراضه.
عمل تحت الخطر
وبحسب شهادة “أبو إسلام” لموقع موندويس فقد أدت جهود الوحدة لمنع اللصوص من نهب المساعدات، إلى استهداف الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر لعناصر الوحدة، واستشهاد العشرات من أعضائها.
وقال إن عناصر “وحدة السهم” تعرضوا لقصف مباشر من طائرة إسرائيلية مسيّرة خلال محاولتهم منع سرقة أحد مخازن الغذاء في مدينة غزة أواخر مايو/أيار.
وأضاف “عندما وصلت قوة السهم انسحب اللصوص واستُهدفت القوة” من جانب الاحتلال، وعندها توجهت قوة أخرى إلى الموقع لدعم القوة المستهدفة، استهدفها الاحتلال كذلك.
ميليشيا ياسر أبو شباب العدو الأبرز للسهم
ونقل موقع موندويس عن مسؤولين في وحدة السهم أن الوحدة نفذت أولى عملياتها الكبرى ضد لصوص المساعدات في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستهدفت بها الميليشيا التي يقودها ياسر أبو شَباب في رفح.
وقال أبو هادي إن “السهم” بدأت تشك في تعاون ياسر أبو شَباب مع الاحتلال بعد توثيق ظهوره المتكرر في مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي في رفح، عادةً ما يُقتل من يدخلها.
وأكدت وثيقة داخلية للأمم المتحدة -سُرّبت لاحقًا لوسائل إعلام دولية- أن ياسر أبو شَباب يُعد الجهة الأكثر نفوذًا وراء عمليات نهب المساعدات، وأن هناك احتمالات لحصوله على حماية مباشرة من جيش الاحتلال.
وقال أبو هادي إن وحدة السهم راقبت تحركاته فترة قبل أن تستهدفه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مشيرًا إلى أن العملية أسفرت عن مقتل شقيقه فتحي ونحو 20 من أفراد المجموعة. وأوضح أن أبو ياسر شَبّاب ردّ بإحراق شاحنات المساعدات واستهداف سائقيها، ثم توقّف لاحقًا خشية استهدافه.