ماذا لو قررت إيران إغلاق “مضيق هرمز” ردا على الهجوم الأمريكي؟

بعد الهجوم الأمريكي على منشآت إيران النووية، إلى أي مدى يمكن أن يؤثر إغلاق “مضيق هرمز” في حركة التجارة العالمية؟
ووسط تصاعد غير مسبوق في التوتر بين إيران وإسرائيل، قال إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، في وقت سابق، أن بلاده تدرس “بجدية” خيار إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، في خطوة من شأنها أن تشكل تصعيدا خطيرا في الأزمة، وتضع الاقتصاد العالمي أمام تحديات جسيمة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsنتنياهو: من المحتمل التوصل إلى هدنة لمدة 60 يوما في غزة
الجيش الإسرائيلي يعلن عن تنفيذ عمليات خاصة جنوب لبنان
نتنياهو بعد اجتماعه الثاني مع ترامب: ندفع أثمانا باهظة في غزة وعازمون على تحقيق جميع أهدافنا
مضيق هرمز.. عنق الزجاجة العالمي للطاقة
يقع مضيق هرمز عند الطرف الشرقي للخليج العربي، ويربطه بخليج عُمان والمحيط الهندي، وتحده من الشمال والشرق إيران، ومن الجنوب سلطنة عمان.
ويُعَد المضيق أهم ممر بحري لصادرات النفط في العالم، ويمر عبره يوميا أكثر من 21 مليون برميل من النفط الخام، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
ويبلغ عرض المضيق في أضيق نقاطه نحو 56 كيلومترا، بينما لا يتجاوز عرض الممرات الملاحية الآمنة فيه 10.5 كيلومترات في كل اتجاه، مما يجعله نقطة اختناق جيوسياسية واقتصادية.
ويُعَد المضيق شريانا حيويا للدول الخليجية، إذ تعتمد عليه بشكل كامل كل من العراق والكويت وقطر والبحرين، بينما تستخدمه السعودية والإمارات مسارا رئيسيا لصادراتهما النفطية رغم امتلاكهما طرقا بديلة محدودة. وتُصدَّر معظم شحنات النفط الخليجي إلى أسواق آسيا، في حين يذهب الجزء المتبقي إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.

تداعيات التهديد الإيراني
التهديد الإيراني بإغلاق المضيق يُعَد تطورا خطيرا، إذ إن أي تعطيل لحركة الملاحة فيه قد يُحدث صدمة في أسواق النفط العالمية. وقد ارتفعت الأسعار بنسبة 7% في يوم واحد، وهو أكبر ارتفاع منذ بداية الحرب في أوكرانيا عام 2022، بسبب مخاوف المستثمرين من اتساع رقعة المواجهة بين إيران وإسرائيل لتشمل تعطيل صادرات الطاقة من الشرق الأوسط.
في هذا السياق، حذرت القوة البحرية المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة من أن احتمال اندلاع صراع إقليمي آخذ في الارتفاع، رغم تأكيدها أن المضيق لا يزال مفتوحا وأن الملاحة مستمرة.
كما أظهرت وثائق نُشرت أخيرا أن حكومتي بريطانيا واليونان نصحتا السفن التجارية بتفادي المرور عبر خليج عدن، وطالبتا بتسجيل أي عبور لمضيق هرمز، في إجراء احترازي يعكس القلق المتصاعد من انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة.
حسابات إيران الاستراتيجية
رغم التصعيد فإن تهديد طهران بإغلاق المضيق يُنظر إليه على أنه ورقة ضغط استراتيجية، قد تستخدمها للردع أو للرد على الهجمات الإسرائيلية في حال استمرارها. لكن تنفيذ هذا التهديد سيُدخل إيران في مواجهة مفتوحة مع القوى الدولية، خصوصا الولايات المتحدة، التي تعتبر حماية حرية الملاحة في المضيق جزءا من أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية.
وقد سبق لطهران أن لوّحت بإغلاق المضيق في فترات توتر سابقة، لكنها لم تُقدم على ذلك فعليا. لكن الوضع الحالي، المرتبط مباشرة بضرب منشآت نووية وقتل علماء بارزين، يمثل نقطة تحوُّل قد تدفع إيران إلى إجراءات أكثر حدة، خصوصا إذا فشلت الضغوط الدبلوماسية في وقف الهجمات الإسرائيلية.
السيناريوهات المحتملة
الإغلاق الكامل للمضيق: سيؤدي إلى توقف نحو خُمس الإمدادات النفطية العالمية، وهو سيناريو قد يرفع الأسعار بشكل جنوني، ويدفع الدول الصناعية الكبرى إلى الرد عسكريا أو عبر عقوبات قاسية.
الإغلاق الجزئي أو المضايقات البحرية: عبر استهداف ناقلات أو تعطيل المرور مؤقتا، وهو ما يمكن أن يُستخدم أداة ضغط دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.
التراجع تحت الضغط الدولي: في حال نجاح المساعي الدبلوماسية لاحتواء التصعيد، قد تستخدم إيران التهديد ورقة تفاوضية دون تطبيقه فعليا.
هل العالم مستعد؟
التهديد الإيراني يعيد إلى الأذهان أهمية تأمين طرق الملاحة الدولية، وقد يدفع الدول الكبرى إلى إعادة تقييم جاهزيتها، خصوصا مع اشتداد المنافسة الجيوسياسية عالميا. فالمضيق ليس فقط ممرا للطاقة، بل أيضا اختبار لقدرة النظام الدولي على حفظ الاستقرار في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات إلى ضبط النفس، يبدو أن مصير مضيق هرمز سيكون مرآة دقيقة لانزلاق الصراع إلى أبعاد إقليمية ودولية أوسع، أو احتوائه عبر مفاوضات عاجلة تعيد التوازن إلى منطقة أصبحت على شفا الانفجار.