حكم “تاريخي” ضد طبيب سوري في ألمانيا.. ومحامي الضحايا يروي التفاصيل (فيديو)

أصدرت المحكمة العليا في مدينة فرانكفورت الألمانية حكما بالسجن المؤبد بحق الطبيب السوري علاء موسى، بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق المحتجين السوريين ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وأمرت المحكمة في قرارها، الاثنين الماضي، بوضع موسى تحت المراقبة الأمنية لاحقا، نظرا لجسامة الجرائم التي ارتكبها.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي المطار السوري رفضوا ختم جواز سفري لأنه مزور!
اعتراض مسيّرات في سماء درعا
هل تدشن سوريا عصر الليبرالية العربية؟
وقال القاضي الألماني كريستوف كولر إن موسى تصرَّف بدافع سادي، واستمتع بإيذاء من عَدَّهم “أقل قيمة منه”، وإن أحد ضحاياه كان صبيا يبلغ من العمر 14 عاما. وأكد القاضي أن الجرائم كانت جزءا من هجوم منهجي استهدف معارضي بشار الأسد.
وبحسب أوراق القضية، فقد شارك موسى بين عامي 2011 و2012 في تعذيب المعتقلين والاعتداء الجنسي عليهم وقتل اثنين منهم، وذلك أثناء عمله في مستشفى عسكري بمدينة حمص وسجن تابع للاستخبارات العسكرية.

مبدأ الولاية القضائية العالمية
ويُعَد هذا الحكم خاتمة لواحدة من كبرى القضايا في ألمانيا، التي تتعلق بمحاسبة مسؤولين عن الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد في سوريا. ويؤكد الحكم الصادر ضد الطبيب السوري أن الولاية القضائية العالمية أصبحت مكونا راسخا في منظومة العدالة الألمانية.
وفي مقابلة مع الجزيرة مباشر، قال المستشار القانوني بالمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان باتريك كروكر إن محاكمة علاء أُجريت في فرانكفورت استنادا إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية “الذي ينص على إمكانية محاكمة الجرائم التي ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب أو إبادة جماعية في أي مكان في العالم، بغض النظر عن مكان وقوعها”.
وأشار كروكر إلى أن هذا المبدأ مُكرَّس أيضا في القانون الألماني، ومن ثَم بدأ المدّعون الألمان التحقيق في هذه الجرائم منذ عام 2011، أي مع انطلاق الثورة السورية وبدء النظام في ارتكاب انتهاكات لقمعها.
وأضاف كروكر “السلطات تمكنت من جمع أدلة، وخصوصا من شهادات لاجئين وصلوا إلى ألمانيا، وبدأت القضية فعليا عام 2019 عندما ذكر أحد الأشخاص، خلال مقابلة للحصول على اللجوء في ألمانيا، أنه شهد حالات قتل في مستشفى عسكري في حمص”.
وتابع “عندما استجوبته الشرطة لاحقا، تحدَّث عن أطباء سمع أنهم قتلوا معتقلين، ثم عاد إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتمكن من العثور على آخرين تعرَّفوا على هذا الشخص”.
وأوضح كروكر أن الطبيب علاء موسى كان حينها في ألمانيا، وهكذا تمكنت السلطات من الوصول إلى الشهود الأوائل، وفي الوقت ذاته، كان هناك صحفيون وناشطون حقوقيون سوريون يعملون على تقصي الحقائق، ويجمعون أدلة من مصادر مفتوحة، وبعد مزيد من التحقيقات الدقيقة، اعتُقل الطبيب عام 2020 وبدأت محاكمته.

ملاحقة المسؤولين بنظام الأسد
وعن طريقة حماية الناجين من التعذيب، قال كروكر “بدأنا عملنا في دعم ضحايا التعذيب من سوريا منذ عام 2011. وبمرور الوقت، بنينا شبكة من السوريين الموجودين في ألمانيا وأوروبا، بعضهم يقود منظمات حقوقية، كما بدأ الادعاء العام في ألمانيا بالتحقيق رسميا، وتكونت علاقة ثقة بين الضحايا والمنظومة القضائية”.
وأكد أن “هذه الثقة ساعدتهم بصورة كبيرة في بناء القضية، لأن السوريين رأوا أن المحاكم الألمانية يمكنها توفير العدالة”.
ومضى كروكر قائلا “شهادات الناجين كانت أساسية لإدانة علاء موسى، وقد شجع هذا الحكم كثيرا من الضحايا الآخرين على كسر حاجز الخوف، خصوصا بعد تراجع المخاوف المتعلقة بسلامة أقاربهم في سوريا“، وذلك بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
ووفق كروكر “لم يكن علاء موسى حالة فردية، بل كان جزءا من سياسة ممنهجة اتبعها نظام الأسد لقمع المعارضة، مما يعطي هذا الحكم أهمية في كونه يفتح الباب أمام ملاحقات قضائية جديدة ضد مسؤولين في النظام السوري”.