العيد في غزة.. عندما يصبح الخبز حلما

بينما احتفل العالم الإسلامي بأول أيام عيد الأضحى المبارك بطقوس تراوحت بين الفرح والتقارب الأسري وتوزيع الأضاحي، حلّ العيد على أطفال قطاع غزة هذا العام، وللعام الثاني على التوالي، وسط رماد الحرب، وأوجاع الحصار، وظلال النزوح والمجاعة.
فبدلا من ملابس العيد وبهجة الألعاب، يبحث الأطفال هناك عن لقمة خبز يسدون بها جوعهم، أو “كرتونة” يبيعونها بثمن زهيد لإشعال النار وطهي طعام بسيط.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsحين يصبح النعاس فخا.. الحقائق الصادمة خلف أغاني ما قبل النوم
“عبد الله بن أم مكتوم”.. مدرسة هندية تجمع القرآن والعلوم في قاعة واحدة بلا أصوات (شاهد)
أب يدهس زوجته وابنته بسبب النزاع على الحضانة (فيديو)
وسط ركام الأحياء المدمّرة وقلوب الأمهات المفجوعة، تتجلى حكايات موجعة يرويها أطفال فقدوا أدنى مقومات الطفولة، وباتوا شهودا على مأساة ممتدة منذ أكثر من 8 أشهر.
أحمد.. بين ثوب الكراهية وذكرى الشهيد
“ما اشتريتش ملابس للعيد، اللي في السوق غالية، وما عنديش غير لبسين، واحد منهم بكرهه لأنه مرتبط بذكرى استشهاد عمي اللي بحبه”، يقول الطفل أحمد عقل، وهو يختصر بكلماته كيف اختلطت رمزية اللباس بمشاعر الفقد. فثوب العيد، الذي كان يُشترى فرحا، أصبح علامة حزن وجزءا من ذاكرة مؤلمة لطفل لا يزيد عمره على العاشرة.
قصي.. بائع “الكراتين” بدل ألعاب العيد
في مكان آخر من غزة، كان الطفل قصي جهاد يحمل أكواما من “الكراتين” و”النايلون” ويجرها على عربة صغيرة، وهو يستقبل العيد لا بأمنيات اللعب أو الأضاحي، بل بمهمة تأمين لقمة العيش لإخوته. يقول بنبرة حزينة “أي عيد؟ كل اللي بنتمناه هو لقمة نسدّ فيها جوعنا.. بجمع الكراتين عشان أبيعها للناس اللي بدهم يولعوا نار”.
ويضيف “إحنا شعب بنستحق الفرح.. بس العيد عنا يعني شهيد ونزوح، مش ضحك وأراجيح”.
يزن.. جائع في موسم الأضاحي
الطفل يزن يوسف لم يذق طعم الخبز منذ يومين، ويبيت كل ليلة على أمل “الوجبة الوحيدة” التي يتقاسمها مع عائلته قبل النوم. يقول بصوت خافت “هذه الحرب دمرتنا. نفسي آكل رغيف خبز.. أنا وإخوتي بنجمع مصروفنا اليومي حتى نشتري كيلو طحين”.
منى.. العيد بلا عائلة ولا طقوس
أما الطفلة منى أبو عودة، فعبّرت بمرارة عن الفراغ العاطفي والجسدي الذي يعيشه أطفال غزة هذا العيد “ما في فرحة، ولا في اشي ممكن أعمله، لا ملابس، ولا أضاحي، وحتى العيلة مفرقة، كل حدا بمنطقة”.
في عبارة قصيرة، لخصت منى كيف أن أبسط تقاليد العيد قد تلاشت بفعل القصف والنزوح والتشريد الجماعي.
أرقام تفجع وأرواح تزهق
ووفقاً لآخر تحديث صادر عن وزارة الصحة في غزة، الخميس، فقد ارتفعت حصيلة الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي إلى 54,677 شهيدا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، من بينهم نحو 18 ألف طفل، في واحدة من أكثر الحملات العسكرية دموية في تاريخ القطاع.