كيف تواجه خطر الذكاء الاصطناعي على وظيفتك؟ خطوات لتعزيز فرصك في العمل

يشعر كثيرون في العالم اليوم بالخوف والقلق من التغيرات الكبيرة التي جلبها الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة مثل الأتمتة، والبيانات الضخمة، والواقع الافتراضي والمعزز.
هذه التغيرات لم تبق مجرد حديث أو توقعات، بل أصبحت تؤثر فعلا على وظائف الناس وحياتهم اليومية، وصار الجميع يتساءل: كيف سيكون مستقبلنا؟
اقرأ أيضا
list of 4 items“iOS 26” وابتكارات ثورية.. أبل تكشف عن مفاجأة “الزجاج السائل” وذكاء اصطناعي يغير قواعد اللعبة
احترس من الكتابة للأصدقاء والمحبين بالذكاء الاصطناعي لهذه الأسباب
الذكاء الاصطناعي يناقش نفسه: هل يمكن أن أخرج عن سيطرة البشر؟ (شاهد)
عالمة النفس الأمريكية ماري ألفورد قالت في مجلة (ساينتفيك أمريكان) إن كثيرا من عملائها يشتكون من مشاعر القلق بسبب هذه التقنيات الجديدة، وهناك من يخاف ببساطة من فِقدان وظائفهم أو حتى من فكرة أن الإنسان نفسه قد يصبح بلا دور مع تقدم الذكاء الاصطناعي.
هذه المخاوف ليست مبالغا فيها، تقارير عالمية كثيرة تؤكد أن سوق العمل يتغير بسرعة.
وكشف تقرير “مستقبل الوظائف 2025” للمنتدى الاقتصادي العالمي أن أكثر من 85% من أصحاب العمل يرون أن الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، والتقنيات الافتراضية، أصبحت من أهم أسباب التغيير في الأعمال اليوم، وتأتي الروبوتات والأتمتة في المرتبة الثانية.
وتشرح التقارير الجديدة وفقا لموقع موقع (ذا كونفرزيشن) أن بعض الوظائف تتأثر أكثر من غيرها، خاصة الأعمال التي يستطيع الذكاء الاصطناعي تقليدها بسهولة، مثل إدخال البيانات، الأعمال الإدارية، السكرتارية، التصميم، والكتابة. هناك قائمة طويلة من الوظائف التي بدأت تقل فعلا. بعض الدراسات مثل دراسة منظمة العمل الدولية وضحت أن حوالي ربع الوظائف في العالم يمكن أن تتغير بسبب الذكاء الاصطناعي، وترتفع النسبة أكثر في الدول الغنية.
تجارب حديثة وأرقام واقعية
شهادات عدد من العاملين في شركات التقنية الكبيرة تؤكد أن الذكاء الاصطناعي أصبح حقيقة واضحة في سوق العمل. تقول ناندِتا غيري مهندسة البرمجيات في شركة مايكروسوفت “الذكاء الاصطناعي أصبح بارعا في استبدال المهام الروتينية، مثل إدخال البيانات وخدمة العملاء”.
وتضيف أن بعض وظائف المطورين الجدد بدأت تتغير أو تختفي، لأن الشركات باتت تعتمد على أدوات ذكية تفرز المهام وتجدولها وتلخصها بسرعة.
ويقول كايو سوبروتو -مؤسس شركة تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي- إنه رأى بنفسه تقليص وظائف ضمان الجودة بعد استخدام أنظمة ذكية تؤدي هذه المهام تلقائيا.
وأضاف “في إحدى الشركات التي عملت معها، استغني عن ثلاثة من موظفي ضمان الجودة بعد اعتماد أداة آلية قادرة على فحص البرمجيات واكتشاف الأخطاء تلقائيا”.
اختفاء وظائف وخلق فرص أخرى
وتتوقع تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي أن تختفي نحو 92 مليون وظيفة حول العالم بسبب الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. لكن هناك جانبا آخر مشرقا، فهذه التقارير نفسها تتوقع أيضا أن تظهر وظائف جديدة تركز على الإبداع والمهارات الإنسانية، ولن تستبدل بالكامل.
ويشير بعض الخبراء إلى أن التغيير لا يحدث فقط عن طريق الاستغناء عن وظائف، بل من خلال إعادة هيكلة أسلوب العمل نفسه، إذ أصبح من الممكن الآن أن يدير موظف واحد مهام كان يتولاها فريق كامل، بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي التي تنفذ الأعمال الروتينية.
ويقول كايو سوبروتو “الأصعب أن الانتقال هنا ليس مجرد فِقدان الوظيفة، بل تغير طبيعة العمل بالكامل. هناك من يحتاج إلى مهارات جديدة ليواكب هذا التحول”.
هناك جانب آخر مهم أيضا، فتشر بعض التقارير إلى أن النساء قد يتأثرن أكثر من الرجال بفِقدان الوظائف بسبب الأتمتة والذكاء الاصطناعي في بعض الدول، إذ النسبة بين النساء أعلى خاصة في الوظائف الإدارية والسكرتارية.
ولم يعد العاملون في مجالات الإبداع والتفكير مثل الصحافة، الترجمة، البرمجة، والكتابة، في مأمن من التغيير. هذه التقنيات بدأت تدخل هذه المهن وتنجز مهام كانت تحتاج إنسانا من قبل، لهذا بدأ كثيرون يتساءلون: هل سيبقى للإنسان دور في المستقبل؟
ولا يقتصر التأثير على الوظائف التقنية فقط، بل طال أيضا المترجمين والمبدعين في مجالات التصميم والفن، ففي استطلاع لجمعية المؤلفين البريطانية عام 2024، أكد 36% من المترجمين و26% من الرسامين أنهم فقدوا أعمالهم بسبب انتشار أدوات الذكاء الاصطناعي.
كيف يمكن التعامل مع هذا القلق المتزايد من الذكاء الاصطناعي؟
ينصح العلماء بأن يجرب الإنسان أدوات الذكاء الاصطناعي بنفسه، ليفهم إمكانياتها وحدودها. هذا التجريب يقلل من الخوف ويعطي الشخص خبرة أفضل، كذلك ينصحون بالابتعاد عن التقنية لفترات محددة وأخذ راحة لاستعادة النشاط والهدوء.
أما الخطوة الأهم فهي العمل على تطوير المهارات الإنسانية التي تميز كل شخص عن الآلات.
حددت الدراسات الحديثة مجموعة من المهارات الأساسية التي ستظل مطلوبة مستقبلا، ومن هذه المهارات: التعاون مع الآخرين، التواصل الفعال، الإبداع والابتكار، التفكير النقدي، فهم الثقافات المختلفة، اتخاذ القرار، الاستعداد المستمر للتعلم، حل المشكلات، والذكاء الاجتماعي.
مهارات القيادة الفعالة أيضا مطلوبة، إلى جانب الرشاقة الرقمية، أي سرعة تعلم الأدوات التقنية الجديدة وتوظيفها بطريقة ذكية.
تحتاج بيئة العمل الحديثة أيضا إلى أشخاص لديهم فضول علمي وروح ابتكار، وقدرة على إدارة التوتر والضغوط النفسية. القدرة على بناء العلاقات المهنية والشخصية وشبكات الدعم مهمة جدا، وستظل من أهم نقاط القوة الإنسانية في مواجهة أي تطور تقني في المستقبل.
كل هذه المهارات يصعب على الذكاء الاصطناعي أو الروبوتات تقليدها بالكامل. لذلك، ينصح الخبراء بأن نحرص جميعا على تطوير الجوانب الإنسانية، وليس فقط المهارات التقنية، لأن الشركات والمؤسسات ستحتاج دائما إلى الأشخاص الذين يملكون هذه القدرات.