ثورة في مستودعات أمازون.. مليون “روبوت” يغيّر وجه التجارة العالمية

الروبوتات زادت من سرعة العمل في مخازن أمازون
الروبوتات زادت من سرعة العمل في مخازن أمازون (رويترز)

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في تقرير نشرته، الاثنين، أن شركة أمازون الأمريكية، عملاقة التجارة الإلكترونية، أصبحت على أعتاب مرحلة غير مسبوقة في اعتمادها المتصاعد على الروبوتات، إذ تقترب منشآتها من نقطة التساوي بين عدد الروبوتات وعدد الموظفين العاملين فيها.

وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن هذه خطوة تمثل تحولا كبيرا في طبيعة العمل داخل مستودعات شركة أمازون في العالم.

وأشارت الصحيفة إلى أن أمازون نشرت أكثر من مليون روبوت في منشآتها، وهو العدد الأكبر الذي تسجله الشركة حتى الآن، ويقترب من عدد موظفيها الذين يعمل معظمهم في مراكز الشحن والتجهيز.

التوسع في توظيف الروبوتات

بدأت أمازون استثمارها في تكنولوجيا الروبوتات منذ عام 2012، حين استحوذت على شركة “كيفا سيستمز” مقابل 775 مليون دولار، وشرعت منذ ذلك الوقت في دمج الروبوتات داخل سلسلة الإمداد الخاصة بها.

وذكرت الصحيفة أن مستودعات الشركة أصبحت تعج بالأذرع الآلية التي تلتقط البضائع من الرفوف، والعربات الآلية التي تتحرك ذاتيًّا لنقل الطرود، فضلًا عن أنظمة فرز وتغليف ذكية تساعد في تسريع عمليات الشحن.

كما أدخلت الشركة مؤخرًا روبوتًا جديدًا يُدعى “فولكان” يمتلك حاسة “اللمس” التي تُمكّنه من التعامل بدقة مع أصناف متعددة من المنتجات.

واتخذت أمازون مؤخرًا خطوات للتنسيق والربط بين الروبوتات وعمالتها البشرية في عمليات إنجاز الطلبات، حتى تتمكن الآلات من العمل بتناغم مع بعضها ومع البشر.

وبحسب أمازون، فإن 75% من عمليات التسليم العالمية أصبحت مدعومة بشكل مباشر أو غير مباشر بتكنولوجيا الروبوتات، مما ساهم في رفع الكفاءة وتقليل الضغط الناتج عن معدل الدوران المرتفع للعمالة.

مخاوف من تخفيض أعداد العاملين إذا استمر التوسع في توظيف الروبوتات
مخاوف من تخفيض أعداد العاملين إذا استمر التوسع في توظيف الروبوتات (رويترز)

إنتاجية أعلى وعدد موظفين أقل

وأظهرت بيانات نشرتها الصحيفة أن أمازون تُحقق زيادات ملحوظة في الإنتاجية، إذ ارتفع عدد الطرود التي يشحنها كل موظف سنويًّا من 175 طردا في عام 2015 إلى نحو 3870 طردًا في 2023.

كما سجلت الشركة أدنى متوسط لعدد الموظفين في منشآتها خلال 16 عامًا، بواقع 670 موظفًا لكل منشأة، مما يشير إلى اعتماد متزايد على الروبوتات في إدارة العمليات اللوجستية.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن متحدث باسم الشركة أن المرافق الجديدة المصممة لخدمة التوصيل في نفس اليوم تعتمد على عدد أقل من الموظفين، لكنها تُمكن أمازون من تقديم خدمات أسرع وأكثر كفاءة.

وظائف جديدة برواتب أعلى

ورغم المخاوف من إحلال الآلات محل البشر، أبرزت الصحيفة تحولات إيجابية في مسار بعض الموظفين، مثل نيشا كروز، التي بدأت مسيرتها في الشركة عاملة في جمع الطلبات، لكنها تلقت لاحقًا تدريبًا للعمل في وظيفة مراقبة الأنظمة الآلية من مكتبها في ولاية أريزونا الأمريكية، حيث أصبحت تتقاضى ما يقارب ضعف راتبها السابق مرتين ونصف.

وتقول أمازون إنها درّبت أكثر من 700 ألف موظف في العالم على وظائف جديدة تشمل العمل مع الروبوتات، وأطلقت برامج تدريبية في مجالات “الميكاترونكس” والذكاء الاصطناعي والصيانة التقنية.

وقال يش داتاتريا، كبير العلماء في “أمازون روبوتيكس”، إن الهدف القادم هو تطوير روبوتات قادرة على تلقي أوامر صوتية من العاملين، تتعلق بتفريغ الشاحنات أو التعامل مع الحاويات الثقيلة.

خطط لزيادة الاعتماد على الروبوتات مستقبلا
خطط لزيادة الاعتماد على الروبوتات مستقبلا (رويترز)

مخاوف من تقليص الوظائف

ومع كل هذه التطورات، تظل المخاوف قائمة بشأن مستقبل التوظيف في الشركة، إذ صرح شهريار كاوسجي، المدير التنفيذي لمركز دعم عمال المستودعات، بأن “رؤية أمازون الطويلة المدى تتمثل في تقليص عدد الموظفين بشكل كبير في منشآتها الكبيرة العالية الكثافة”.

ورغم تأكيد مسؤولي الشركة أن الاعتماد على الروبوتات يهدف إلى تخفيف العبء عن العمال، وليس الاستغناء عنهم، فقد أشار الرئيس التنفيذي آندي جاسي مؤخرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي سيساهم في خفض حجم القوة العاملة خلال السنوات المقبلة، عبر تحسين توزيع المخزون، وتوقعات الطلب، وكفاءة التشغيل.

منشآت متطورة

وسلّطت الصحيفة الضوء على مركز الشركة المتطور في “شريفبورت”، بولاية لويزيانا الأمريكية، الذي تبلغ مساحته 3 ملايين قدم مربعة. إذ يشهد الموقع استخدام أكثر من 70 ذراعًا روبوتية متخصصة، تساهم في تسريع تدفق المنتجات بنسبة 25% مقارنة بالمراكز الأخرى.

ويبدو أن أمازون ماضية في طريقها نحو إنشاء ما يسمى “مستودع المستقبل”، الذي تتكامل فيه الروبوتات والأنظمة الذكية والذكاء الاصطناعي، لتقديم خدمة أسرع وأكثر كفاءة، ولو كان ذلك على حساب نموذج التوظيف التقليدي.

المصدر: وول ستريت جورنال

إعلان